فكّر فيها… بقلم نقولا أبو فيصل

كتب نقولا أبو فيصل* تحت عنوان “فكّر فيها”!
هل أول ما يفعله الأعمى عندما يستعيد بصره هو التخلص من العصا التي كانت ترشده؟ نعم، كثيرون هم الذين بمجرد أن يصلوا إلى منصب أو سلطة يتجاهلون أولئك الذين ساهموا في دعمهم وتوجيههم . وكما يتخلص الأعمى الذي يسترجع بصره من العصا التي كانت ترشده، مستغنياً عن أداة كانت ضرورية له ، نرى في الواقع البعض يتخلون عن داعميهم بعد الوصول إلى السلطة . والعصا تمثل الأشخاص الذين قدموا الدعم والمساندة في أوقات الحاجة.

يضاف الى ذلك، أن التخلي عن هؤلاء الداعمين بعد الوصول إلى القمة ليس مجرد قرار فردي، بل يؤثر على العلاقات الشخصية والمهنية ويضعف الثقة المتبادلة . كما أن الوفاء للأشخاص الذين ساعدوا في النجاح ليس فقط التزاماً أخلاقياً، بل ضرورة للحفاظ على الاستقرار والعلاقات طويلة الأمد . والتوازن بين الوفاء والتكيف مع المتغيرات الجديدة هو التحدي الأكبر ، ولا يعني التخلص من العصا أو الحلفاء وتجاهل أدوارهم، بل يجب أن يكون مصحوباً باعتراف بالفضل . فالوفاء هو القاعدة التي تقوم عليها القيادة الحكيمة.

وفي عالم السياسة والأعمال في لبنان صادفنا كثر تخلوا عن الذين دعموا مسيرتهم بمجرد وصولهم إلى السلطة ،وراحوا يتجاهلون نصائحهم، ويتنكرون لدورهم، ويهمشونهم بشكل تام . وهذا السلوك تكرر عبر العصور لأسباب عديدة موروثة ربما ! فقد يشعر الشخص الذي وصل إلى السلطة بأنه لم يعد بحاجة إلى المساعدة بعد أن بات يمتلك القدرات والموارد التي يحتاجها للبقاء في موقعه .

ومن جهة أخرى، قد يدفعه الشعور بالنرجسية والاستقلال أو الرغبة في تعزيز قوته إلى التخلص من أي روابط تُضعف مركزه حتى لو كانت هي التي أوصلته أصلاً.
*كاتب ورئيس تجمع الصناعيين في البقاع رئيس مجموعة غاردينيا غران دور الاقتصادية