Select Page

لو أن أجدادنا عظماء، لما انفجرت بيروت!

لو أن أجدادنا عظماء، لما انفجرت بيروت!

الدكتور خالد كموني*

يعجبني من يكتب في الحداثة والنهوض والانقلاب الجذري والثورات العلمية، فيرى ذلك موجودًا في عيني جدِّه ورفاق جدّه ومكان جدّه وزمان جدّه، وأنه هو استمرار حتمي لهذه الأعجوبة الوجودية!

وتتخلَّقُ الخطابات والفلسفات التي تنظِّر للتمايز والانفصال والاجتثاث والفرادة، وكأن “النوع البشري” الذي وُجِدَ هنا محجورٌ في جزيرة أحلامه وأوهامه. والمصيبة في هذا الحجر الطوعي أنه طوعيٌّ في الخروقات التواصليةِ مع الآخر، فتارةً ننفتح شرقًا وتارةً غربًا، وننسج جغرافيةَ انتماءاتنا بحسب هواجس هذا الجدِّ الفكريِّ الجاثِم فينا ليلَ نهار. وننسى، نحن الحاضرين، أن الواجب احترامه من أجل تقدير مآله هو الزمن الحاضر، زمان الأنا، هذه الأنا التي يجب أن تعي لحظة الانفجار، فتدرك هشاشة العمارة.

أيها الجدُّ القابض على أحفادِكَ لست أنتَ من تتحمل عواقب الرجوع إليك، بل نحن المعطَّلين عند هواجسِك الغرّاء، وأوهامك المتفتحة في الأذهان، العابقة بجدارةٍ في أرجاء الأرواح الحاضرة الفاعلة. أيها الجدُّ هجرانُكَ يحقِّقُ صفاءَ الانتماء، وعودة الكيان إلى لحظة الكينونة، هنا وليس هناك، فلا يكون الـ هناك سوى لمحةٍ عمّا قبل الـ هنا، فتغرق ناظريْكَ في كوَّة الوجود الآن لترى الأنا تتجلى بجدارة.

تُرى،

هل فكّرتَ يومًا أيها الحاضرُ الفاعل المشغول أن تقيسَ جدَّك ومستلزماته ودواعي استحضاره بمقاييس الحداثة والمعاصَرة والاستمرار والبقاء؟! ذاك، أن تاريخًا من الرؤية المفقودة ستراه إن كنت فعلًا تؤمن بأنكَ الناطق باسم المجموع. أما إذا كنت ترغب بالنطق عن مجاميعك وعن الأجساد التي تتكوَّم أمامك أو خلفك حين تقول شيئًا، فيجب أن تقلع عن مشاريع التحديث والنهوض والإعمار وبناء الأمة.

الأمة هي الحلم الفطري البريء بتجميع أكبر عدد من الناس في قلبها، والبريء لا يعني الساذج، لذا إن خروج بعض عناصرِ الحلم عن تشكيل الحُلم لا يؤهلهم استكمال الحلم على حساب المجموع.

فحلمهم في مكان آخر، لأن الحلم للجميع، الأمة للجميع، أما رفض الأمة، فهو تأسيس لحلم آخر وأمة أخرى. لذا، أولوا العناية الكاملة بأحلامكم ومجاريها، فقلبُنا لا يحتمل الانفجار.

انفجرت بيروت، نعم! لأن الوجود في بيروت صار حضورًا لكلّ الأجداد الراكدين؛ لقد حضر هؤلاء بأجساد الفاعلين الجدد، فعن أي حداثةٍ وانتماء نتكلَّم، ونحن نحاسب الناس في الأحياء والبيوت الهانئة عن جرائم التاريخ وأحقاد القادة والأمم الخاسرة والأمم الطامحة وإمبراطوريات الحرب والدمار؟! عن أي تفاصيل نتحدّث، عندما ندعّي العلمنة والانفتاح والغربنة، ونحن ننفلق عن ذواتنا فحسب، نترك لغتنا وشكلنا وثيابنا وعاداتنا وهمومنا وضحكاتنا، لنكون هذا الآخر، فنحتمي ممن نوجد معهم؛ أو نحمي أجدادنا من أجدادهم؟!

ونثور في الساحات، نثور قبل أن نفكِّر في مغادرة بيت الجد قبل الوصول إلى “ساحة الشهداء”، فنلتقي بمن قرروا الحرية والقيامة والنهوض والانبعاث، نعتنقُ عقيدتَهم ليس نفاقًا، ولكن من دون أن نشعر أننا لسنا منهم؛ نظنُّ أننا “ثوار… أحرار..”، ولكن! بمجرَّد قول: “كلّن…” يصفعنا الجدُّ ضربةً تعيد العيون إلى الوراء، فنعمم الطلبات، ونبدأ بالكلام على الحرّية والتقدّم والتمدّن وال…

والحرّية، ليست مبدأ مجردًا، منفلتًا من كل شعور باللمس، يدعيه كل عابثٍ بالحضور الكلي الآن، لأجل الحضور الجزئي لجدِّه فينا.

ليست الحرّية في إجبار الحلم على التفتُّت من أجل نزوات العابرين. فليعبّر من يشاء، لكن؛ من يريد الهدوءَ ليتمكَّن هو من تحريك الزمان، عليه أن يفهم الحلم الأول، فإما أن يتركه بصدق ويرحل، وله الحرّية في ذلك، وإما أن يؤمن بصدق ويثور ليبقى ويشارك في تفاصيل الحلم. الحلم ليس وهمًا أو هجسًا أو ضغينةً تخالف الوجود الواقعي، بل هو العيش الواقعُ في لحظة التفكير والتخطيط والبداية.

هذا الجدُّ الذي يوقفك عن السير، أو يخيفك من الحلم خشية أنك لم تمر لحظةً في بال الحالمين الدائمين، فتشعرَ أنك منسيٌّ في هذا العالم، عليكَ نسيانه لتكون، لأنك أنتَ من الحالمين الفاعلين إذا أردت أن تكون بمستوى الأمة؛ أي بمستوى الإنسان. أنتَ عليك واجب الوجود الحر، واجب الحلم الموصول منذ الابتسامة الأولى في الحياة. لا يمكنك أن تتعوَّد حدوث الانفجار، وتبقى معتقدًا أن حلمك بخير.

الحلم هو الأمة، الأمة ليست عقارًا في هذا العالم، الأمة ليست أحيازًا موهومة، الأمة ليست إلّا إنسانًا يعانق الحياة، فيفتح ذراعيه ليجد الجميع، فيؤكِّد إنسانيَّتَه بأخيه، ويسقط من باله الانفجار.

* رئيس قسم الفلسفة -كلّية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية- الفرع ٣

MON LIBAN

المنظر لحالو بيحكي! مطعم و كافيه قدموس كاسكادا مول تعنايل للحجز 81115115 ‏ Our Online Menu: https://menu.omegasoftware.ca/cadmus Website: www.cadmus-lb.com #Restaurant #Cafe #Lakeside #CascadaMall ‏#5Stars #Lebanon #International #Fusion #Cuisine ‏#Royal #Zahle #SendYourSelfie #Halal #Mediterranean ‏#Lebanesefood #holiday #cadmusrestocafe #food #foodphotoghrafy #delicious #ribs #family #isocertificate #lebanese #yummy #tasty #Cadmus #waffles #wings

 

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com