بين الجاهل والمتجاهل !
كتب نقولا أبو فيصل*
إذا كان المتجاهل او المتحاذق هو الذي يشرّع العادات الاجتماعية ويجعلها قانونا مقدّسًا لا يقبل النقاش فيه -لغاية في نفسه، لما في ذلك من منافع كثيرة له ولمن هم وراءه. اذ لولاه لما ميّزنا الأذكياء والمثقفين وليس بالضرورة المتعلمين لأن الشهادة ليست المقياس، فقد تكون متعلّمًا وجاهلا على حدّ سواء.
لذلك، لا يعيّب الانسان على عدم حمله شهادة ما، بل المعيب أن يجعل من هذا الأمر ميزانا للحكم على الآخرين، أو أن يأخذ من ذلك حجة لنكران الحقيقة او التعامي حيالها.
سألني يومًا أحد المستوزرين “لقاء بدل” والمنتهية صلاحيته منذ ما يقارب العشر سنوات تقريبا
ما الفرق بين السياسي الجاهل والسياسي المتجاهل؟
فكرت قليلا قبل الاجابة عليه ربما أجد جوابا يفي بالغرض من دون أن أخرج عن مبدأي بعدم التعرّض بالشخصي لأي كان. فقلت: أظن أن السياسي الجاهل هو الذي لا يعرف إدارة الملفات الموكلة اليه وينتظر “التعليمة” (حتى لا نقل الأمر) الصادرة عن مرجعيته لينفذها بلا زيادة ولا نقصان
أما السياسي المتجاهل فهو الذي يعلم جيدا القيام بما أوكل اليه من مهام وزارية، لكن المصلحة العليا لفريقه السياسي لا تتوافق مع عمل الاصول القانونية والدستورية والأهم المصلحة الوطنية العليا، فيعمد الى ليّ القوانين بما يخدم مصلحة مرجعيته السياسية، وفي حال تعذر ذلك يعمد الى العرقلة والتذاكي مجادلا ومصرًّا على ان ما يقوم به هو الأصح ومتهمًا مَن يشكك او يناقش بالجهل وبالعرقلة.
ما كدت أنتهي من اجابتي حتى رأيته يهز كتفيه، ويقلب كفي يديه، ويقطب جبينه، قبل أن يدير ظهره وينصرف
هل اقتنع ام لم يقتنع بإجابتي؟
هل أصبت أم أخطأت؟
هل كانت إجابتي قاسية؟
هل شعر أنه معني بالإجابة؟
لماذا انصرف من دون أن يقول كلمة واحدة سلبا أو إيجابا؟
…ترى أي صفة تنطبق على حكامنا الحاليين والسابقين؟
*كاتب رئيس تجمع الصناعيين في البقاع، مدير عام مجموعة غاردينيا غران دور الاقتصادية.
