بين فن التجاهل والامتناع عن الرد…
نقولا أبو فيصل*
التجاهل في الحياة هو فن يدركه الانسان عندما يصل الى مرحله النضج ، وقد يخسر نفسه اذا لم يحسن استخدامه ، أما في العلاقات الاجتماعية فإن التجاهل بين شخصين هو بمثابة طلب رحيل ولكن بطريقة مؤلمة، خاصة اذا جاءت رياح التجاهل من نوافذ الاصدقاء والاحبة ، فإن هؤلاء يفقدون صفتهم ويستحيل بقاؤهم ، وهكذا فإن الحياة تحتاج بعض التجاهل ، لبعض الاحداث ، لبعض الأفعال ، لبعض الأشخاص ، وذلك بغاية الاستمرار ، اما في علم النفس فإن التدقيق في اتفه التصرفات قد يؤدي بنا إلى الجنون لذلك يجب ان نتعلم فن التجاهل ، لانه يوماً ما سنفهمُ جيداً إن الأشياء ترحل إذا لم تجِد الإحتواء وإن الصبر وإن طال ينفذ وان الحياة لا تقف على عتبة أحد ،وسوف ندرك أن من يتقبلك وأنت ضعيف وحده هو من يستحق التقدير .
وحتى لا يغرق الانسان في سفاسِف الحياة والامور التافهة الصغيرة ،ولكي لا يذهب هباء في دروب الشتات فإنه يحتاج أن يمتلك فِلترًا يقيه من الاستنزاف , فلا يعود يدقق في كل شاردة وواردة ، ولا يعود يمنح اهتمامه الثمين لكل ما يعبر امامه , ويعلمه ذلك أن يعطي الأشياء المهمة حضوره وتركيزه التام لان انتقائية التفكير ومهارة إدارة الوقت سوف تنقذه ، واذا كان الاصدقاء كما الاحبة لا يعاقبون بعضهم بالتجاهل فالمفروض ان يكون بينهم لغة حوار وان يصارح كل طرف الآخر عما يجيش في قلبه وان يتفاهموا بمنتهى الصراحه حتى تعود النفوس متحابة وينتهي الخلاف ،
أما العقاب بالتجاهل ،فهذا قسوة وتحكم وحب للسيطرة ، وليس له صلة بالعلاقات الناجحة وقد يؤدي الى برودة في المشاعر وإنتهاء العلاقة بالتدرج ، وعلى طريقة “نحن لا ننسى أبداً ولكننا نُغمض أعيننا قليلاً لكي نستمر ” فإنه إذا تعلمنا فَن التَجاهل نكون قد اجتَزنا نصف مَشاكل الحَياة ، وتمكنا من تعلم كيف نتجاهل أو نحذف كل ما هو غير مهم ، فليس كل شخص يوجه الينا انتقادا يستحق أن نهتم بكلامه ، قيل قديما “لا يمكن منع العصافير من التحليق فوق رؤوسنا ولكننا نستطيع منعها من بناء أعشاشها في شعرنا” وقيل ايضا “اذا عضك كلب لا يمكنك مبادلته نفس الفعل ومعرفتكم كافية بحالتنا في لبنان “.
كاتب ورئيس مجموعة غاردينيا غران دور الاقتصادية رئيس تجمع صناعيي البقاع
