من سيحقق السلام في الشرق الأوسط ترامب أم هاريس ؟
كتب تلنائب البروفيسور غسان سكاف في النهار
لقد بات معلوماً أنّ ايران تتمنى بقاء الديمقراطيين في البيت الأبيض وأنها ربما لن تردّ على الضربة الاسرائيلية الأخيرة قبل الانتخابات الأميركية خوفاً من أن تنعكس عليها عودةً لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وايران تعلم جيداً ان أي تفجير عسكريّ واسع ستأتي تردداته بارتفاع أسعار النفط العالمية وهذا ما كان يرغب به بنيامين نتانياهو ولكنه مرفوض من الإدارة الأميركية الحالية لأنه يؤدي إلى تقدّم ترامب في الانتخابات الرئاسية على هاريس وحسم المعركة باكراً لمصلحته.
إسرائيل، التي استهدفت منشآت عسكرية إيرانية باسخدام ما يقدر ب 100 طائرة، بقيت بعيدة عن الأجواء الايرانية وأطلقت صواريخها من الأجواء العراقية فيما أقفلت في وجهها الاجواء الأردنية والسعودية. في الردّ الاسرائيلي باع نتنياهو الادارة الأمريكية محدودية الردّ وترك وقف النار له، وتجنبت إسرائيل ارتكاب فاول مع الادارة الأمريكية الحالية من خلال الانضباط في الضربة خوفاً من احتمالية وصول كمالا هاريس إلى البيت الأبيض.
مما لا شك فيه أنّ الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأميركية باتت مقتنعة بحاجة منطقة الشرق الأوسط إلى دور مهم لاسرائيل ودور مهم سني للمملكة العربية السعودية وتركيا ودور مهم شيعي لايران فيه، وأنّ الأولويات ستتحدد وفقاً للإدارة الأميركية الجديدة ديمقراطية كانت أم جمهورية. فهي ستجدد السعي إلى إحياء “الإتفاق النووي”مع إيران إذا فازت هاريس، وستسعى الى استكمال “اتفاقيات أبراهام”بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية إذا فاز ترامب.
- في حال فازت كمالا هاريس:
-ستتابع هاريس سياسة الرئيس أوباما أو إلى حدٍ ما سياسة الرئيس بايدن. باراك أوباما عمل على التقارب مع ايران من خلال “الإتفاق النووي” على من أجل نقل ايران من مربع العداء لها في المنطقة والعالم إلى مربع الحياد الايجابي ولاحقاً الصداقة وربما التعاون، في مقابل تحوّل ايران إلى احد أبرز أقطاب النظام الإقليمي الجديد في الشرق الاوسط، كما تريد الدولة العميقة في أميركا، ونقل المنطقة من الحروب المباشرة وبالواسطة إلى مرحلة التعاون لحفظ الأمن فيها وبالتالي حماية الأمن العالمي والاقتصاد في العالم. إلا أن هذا التحول الإيراني لم يحصل ورهان أوباما فشل ولم يتحقق.
-في المدى القريب، سيكون فوز هاريس امتداداً لحكم بايدن. ستستكمل الجهود الديبلوماسية التي ربما ستوصل إلى وقف لإطلاق النار في مدة قصيرة ولكن بعد سيطرة إسرائيل على بعض المناطق الاستراتيجية بدعم أميركي لتحسين شروط التفاوض.
-في المدى البعيد، سيلجأ نتنياهو إلى التشدد بعد أن فُقدت الكيمياء مع الإدارة الديمقراطية وسيسعى إلى نسف المفاوضات الأميركية-الإيرانية في النووي كما ستنسف الشروط الاسرائيلية القرار الدولي 1701 بالكامل مثلما كسرت حلّ الدولتين في فلسطين. سيسعى نتنياهو أيضاً إلى إنهاء القدرة القتاليّة لحزب الله واجتياح لبنان جزئياً في محاولة لفرض اتفاق سلام. إسرائيل التي دفعت وتدفع الكثير بشرياً ومادياً في لبنان لن تقبل ترك لبنان من دون ضمانة أمنها خاصةً ان سياسة الحزب الديمقراطي كانت وما زالت تغذية الحروب في المنطقة لدعم إسرائيل، ولكنّ أميركا الديمقراطية لن تتورط بحرب شاملة وربما ستلجم إسرائيل إذا تمادت. - في حال فاز دونالد ترامب
ترامب، بسبب شخصيته وبالرغم من قلة ثقافته السياسية، من الصعب أن يكون ألعوبة في يد نتنياهو. أما إذا لم تتحول سياسة ايران التوسعية إلى تعاون مع دول الجوار الخليجية والعربية، خاصةً إذا كان إستكمال اتفاقيات أبراهام أولوية الدولة العميقة في الولايات المتحدة، فسيكون الرهان الأكبر عند نتنياهو إقناع الرئيس ترامب بتوجيه ضربة عسكرية مشتركة ضدّ ايران تريح العرب المسلمين السنة وتريح الغرب، خاصةً أن نتنياهو استطاع إقناع العالمين العربي والغربي بأنه يحارب ايران وحزبها في لبنان وحماس في غزة نيابةً عن “العالم الحرّ”. ولكن سياسة الحزب الجمهوري تاريخياً وترامب بالتحديد هي إيقاف الحروب وإبرام التسويات مهما ذهبت أحلام بنيامين نتانياهو بعيداً.
إذا فاز ترامب بالرئاسة
-في المدى القريب، لن يستطيع التدخل في القرارات الأميركية قبل 20 كانون الثاني 2025 موعد خروج بايدن من البيت الأبيض، وبالتالي لا وقف لإطلاق النار في لبنان قبل هذا التاريخ.
-في المدى البعيد، سياسة ترامب ستكون في إبرام التسويات. في رئاسته السابقة نسف “الاتفاق النووي” الإيراني الذي عزز دور ايران في المنطقة، التي شكلت تهديداً لدول الخليج والتي كانت سياستها مبنية على الإمساك بقرار العالم العربي والإسلامي ، واعتمد “اتفاقيات أبراهام” بين إسرائيل والسودان والمغرب والإمارات العربية والبحرين على طريق السلام في الشرق الأوسط .
فهل يكمل دونالد ترامب ما بدأه في ولايته الأولى أم تأتي هاريس لتعيد عقارب الساعة إلى أيام أوباما؟