سكاف: لدينا رمزيتان، رمزية في انتخاب رئيس للجمهورية والتسليم للجيش اللبناني
أكد النائب الدكتور غسان سكاف في حديث اعلامي أنه ” يجب ألا ننسى أن دونالد ترامب وصل إلى الرئاسة الأميركية متفوقًا على هاريس بأصوات المجمع الانتخابي والتصويت الشعبي بفارق بلغ نحو ٥ ملايين صوت، وهذا ما لم يستطع تحقيقه في العام ٢٠١٦.
وأضاف سكاف “انتزع الجمهوريون أغلبية مجلس الشيوخ واحتفظوا بالسيطرة على مجلس النواب، بالإضافة إلى نفوذهم في المحكمة العليا، وهذا يعني أن ترامب يعود اليوم رئيسًا للولايات المتحدة شبه مطلق النفوذ في دولة هي الأقوى في العالم.
وقال :” ترامب لديه سياسته الخارجية التي تكلم عنها مطولًا، ولكن نحن نعلم أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض هو خبر سيّئ للنظام في إيران.
وترامب رفع شعار “لنجعل أميركا عظيمة مجدّدًا”، هذا لا يعني استعادة العظمة خارجيًّا بالقوة أو بالحرب لأنه يدعو إلى السلام، وهو سيسعى إلى السلام من موقع قوة، وذلك بإطفاء الحروب على المستوى العالمي.
داخليًّا سيقول ترامب للأميركيين إن العظمة تُستعاد بضبط الحدود ومنع الدخول غير الشرعي واستعادة القوة الاقتصادية، فالاقتصاد كان الرقم واحد أو الرقم اثنين في حملته الانتخابية، وكذلك الحفاظ على القيم الأخلاقية العائلية.
وتابع سكاف ” يجب أن نعترف بعدم وجود ثبات دائم في استنساخ الماضي لصناعة الحاضر أو المستقبل. التحول هو صانع الأحداث دائمًا. إذن لن يكون ترامب ثابتًا في مواقفه من مصالح بلاده المتحولة، وكذلك الأمر بالنسبة لهاريس التي ما كانت لتكون ثابتة في السير على خطى أوباما التي أدت إلى الاتفاق مع إيران ولم تعطِ نتائج لأميركا.
واعتبر سكاف ان “ترامب سيكمل الضغط على إيران للوصول إلى اتفاق معيّن وللحد من النفوذ والتهديد الإيراني في المنطقة. هذا من خلال التأثير في نتنياهو، لأن ترامب بسبب شخصيته لن يكون ألعوبة في يد بنيامين نتنياهو كما كان الرئيس بايدن.
وأوضح ” إن لم تتحول سياسة إيران التوسعية إلى تعاون مع دول الجوار الخليجية والعربية، خاصةً إن كان استكمال اتفاقيات أبراهام هو الأولوية عند الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأميركية، فسيكون الرهان الأكبر عند نتنياهو إقناع الرئيس بايدن وبعده الرئيس ترامب بتوجيه ضربة عسكرية مشتركة ضد إيران. ولكن أتوقع إن كان هناك من ضربة عسكرية فستكون قبل أن يتسلم ترامب الرئاسة.
إذن الأيام السبعون القادمة أي حتى ٢٠ كانون الثاني ٢٠٢٥، ستكون على الأرجح هي الأيام الأخطر في تاريخ المنطقة.
وأعرب سكاف عن اعتقاده أن إيران ستكون المبادرة بضرب إسرائيل بل ستكون الطرف المتلقّي للضربات خاصةً أن الإسرائيلي ومن خلفه الأميركي يرى اليوم أن الفرصة سانحة لتنفيذ خطة جديدة قديمة لقطع الأذرع الإيرانية في الشرق الأوسط لضبط النظام الإيراني ضمن طهران، وإنهاء أحلامه التوسعية.
ولفت الى إن ما يصحّ عند إسرائيل يصحّ أيضًا عند أميركا، لأن إدارة بايدن لا تساعد إسرائيل فحسب، بل تقوم بالعمليات العسكرية وتدير هذه العمليات في إسرائيل.
وأشار سكاف الى ان “إسرائيل اليوم دمرت نصف لبنان وهجّرت ثلث اللبنانيين واغتالت السيد حسن نصر الله، ولا تبحث عن تسوية أو صفقة كما حصل في العام ٢٠٠٦، عندما تُرك حزب الله ليلتقط أنفاسه ويُعيد بناء ماكينته العسكرية. إنما بعد طُوفان الأقصى هناك تحول جذري في التفكير الإسرائيلي ومن ورائه التفكير الأميركي، الذي يرى أن هناك فرصة ذهبية لكسر السياسة التوسعية لإيران في الشرق الأوسط، عبر البدء بتدمير الآلة العسكرية للأذرع الإيرانية من حماس إلى حزب الله. وهذا ما سيكمله نتنياهو على الأقل في ما تبقى من ولاية الرئيس بايدن حتى ٢٠ كانون الثاني ٢٠٢٥
وتابع ” إن ما فعلته إسرائيل في غزة لم يكن فقط لتحرير الأسرى بل كان لإنهاء حماس. وما تفعله اليوم في لبنان ليس فقط ردًّا على حرب إسناد غزة، إنما هناك مخطط لإنهاء حزب الله.
وأضاف “إسرائيل لن تقبل بحل الدولتين، والسياسة الخارجية الأميركية ستكون نفسها مهما كان اسم ساكن البيت الأبيض.
وتابع مضيفا “في اليوم الانتخابي الكبير في الولايات المتحدة الأميركية الثلاثاء، كان هناك استئناف للغارات الإسرائيلية على بعلبك والهرمل وهي كانت متوقفة قبل ذلك. وبدت هذه الغارات وكأنها رسالة حاسمة من نتنياهو وإسرائيل لعدم التعويل على وقف إطلاق النار أو أي تسوية، خاصة مع هزيمة الحزب الديمقراطي في المعركة الرئاسية.
ورأى انه “اليوم بدأ العد العكسي لنهاية مهمة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين. فلا غزة ولا لبنان كانا يعولان على أيّ من المرشحَين، كاَمالا هاريس ودونالد ترامب، لإنهاء الحرب، لأن موقفهما كان داعمًا لإسرائيل وسيبقى كذلك شكلًا ومضمونًا.
وقال :” اللبنانيون الذين اعتادوا على ربط مصيرهم باستحقاقات خارجية أميركية بالغالب، انتظروا على رصيف الانتخابات الرئاسية الأميركية، ليبنوا على نتائجها أحلامهم. لكن الإدارة العميقة في الولايات المتحدة الأميركية ترى أن إسرائيل هي من الثوابت ولن يتغير الكثير مما كُتب للبنان.
وأضاف “نحن أمام عجز الدبلوماسية الدولية عن وقف إطلاق النار، ونخشى أن تصبح الحرب على لبنان بلا خطوط حمراء وبلا سقوف زمنية.
ورأى سكاف ان المطلوب منا اليوم هو انتخاب رئيس للجمهورية بسرعة، معتبرا “إن وقف إطلاق النار ليس بيد اللبنانيين مهما طالبنا ومهما توجهنا إلى الدول العربية أو الغربية. انتخاب رئيس للجمهورية هو الورقة الوحيدة التي يستطيع لبنان تقديمها للمجتمع الدولي من أجل البدء بخريطة طريق لإنقاذ لبنان.
وقال :”علينا انتهاز فرصة الوضع المتفجر في لبنان من أجل انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة قبل انتظار وقف إطلاق النار.
وأضاف نحن لا نستطيع وقف إطلاق النار، وبغض النظر عن هوية الرئيس الأميركي الجديد. ومسارعة اللبنانيين لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة بلا ثلث معطل، ربما سيُقنع إسرائيل بوقف الحرب بضغط أميركي وغربي وعربي، وقبول تسوية سياسية تشمل ترتيبات جديدة في الجنوب شبيهة بالترسيم البحري “سيئ الذكر”، ودون الحاجة إلى إصدار قرار جديد غير القرار ١٧٠١.
وحذر سكاف “اذا توقفت الحرب اليوم في الجنوب دون وفاق داخلي يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية، فنحن مقبلون على فتنة. لافتا الى ان العلاقة المجتمعية الوطنية أصبحت اليوم بحاجة إلى عملية إعادة ترميم من أجل إعادة بناء الثقة بين اللبنانيين. فربع اللبنانيين هم اليوم نازحون في وطنهم وهذا هو الهم الأكبر.
واعتبر ” إن ما يحكم مسار اللبنانيين ومصيرهم هو الدستور اللبناني، فالدستور هو القانون الأسمى، وانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية هو تلبية لواجب دستوري ووطني، وأيضًا لضرورات التوازن الطائفي في الوطن لأن الشغور في موقع رئاسة الجمهورية ينتقص من دور الفريق المسيحي في السلطة.
وقال:” منذ عدة أسابيع كان هناك إعلان عين التينة الثلاثي الذي طالب بوقف إطلاق النار وتطبيق القرار ١٧٠١ ثم انتخاب رئيس للجمهورية، لكن انتخاب رئيس للجمهورية ماروني اليوم سيؤدي إلى رباعية تحمي لبنان وتؤدي إلى ملاقاة القادة المسلمين، في منتصف الطريق.
وأوضح اننا ” نقوم حاليًّا بمشاورات واتصالات من أجل الوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية.
وقال :” لن يكون هناك رئيس للجمهورية دون مشاركة كل مكونات الوطن، ويجب أن نبدأ بالمشكلة، والمشكلة في لبنان لعدم انتخاب رئيس هي الوحدة الشيعية مقابل الانقسام المسيحي.
وتابع :” بدأنا بخريطة طريق لانتخاب رئيس للجمهورية. ونتواصل مع الجميع بما فيهم حزب الله. ونحن تجاوزنا منذ زمن اسم النائب سليمان فرنجية. وهناك بحث مع كل الأفرقاء بأسماء أخرى واليوم تطرح الأسماء لإنجاز الاستحقاق الرئاسي.
وأضاف ” المطلوب اليوم هو القليل من العقلانية من أجل إنقاذ الجنوب وأبنائه وأبناء الطائفة الشيعية وحزب الله نفسه. ولن يُجدي أن نبقى ننتظر الآخرين، وعلى الرؤساء بري وميقاتي والقيادات المسيحية القيام بخطوة جريئة سياسية والعودة إلى الضمير لأن الكيان مهدد بمصيره. وكأن ما نقوم به هو انتحار وتدمير للوطن.
وأشار الى ان علينا أن نقوم بمبادرة لبنانية لتحسين شروط لبنان بالتفاوض. على الدولة اللبنانية أن تعطي الانطباع للعالم بأن القرار سيُسلّم للجيش اللبناني ثم الذهاب إلى الحوار.
وكشف سكاف “إن كان الرهان على خسارة إسرائيل، فهذه مخاطرة لا يمكننا تحمل نتائجها. المسألة هي ليست التنازل أو الاستسلام لإسرائيل فلنتراجع تكتيكيًّا لحماية ما بقي من لبنان وأنا لا أرى أي أفق للعمل العسكري في لبنان. لذلك نحتاج إلى حنكة دبلوماسية وإلى قرارات جريئة، والمطلوب تراجع حزب الله إلى ما وراء الليطاني.
وختم سكاف ” لدينا رمزيتان، رمزية في انتخاب رئيس للجمهورية والتسليم للجيش اللبناني. أما الضمانة فمطلوبة حتى لو أتت تحت الفصل السابع من مجلس الأمن أو الاتحاد الأوروبي، ونحن في لبنان بحاجة إلى رجال دولة ونأمل أن نصل إلى بر الأمان.