جنبلاط.. قد ينصرف الى كتابة مذكراته، وقد يكثر من رحلات السفر والقراءة!
كتب نادر حجاز في موقع mtv:
لم يكن قرار رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط بالاستقالة من رئاسة “التقدمي” مفاجئاً للقيادات الحزبية، وهي خطوة تحمّس لها أكثر من مرة لتأتي الظروف وتجبره على إرجائها، تماماً كما كانت الأجواء في كليمنصو عشية احتفال اليوبيل الذهبي لمؤسسة العرفان التوحيدية في أيار من العام الماضي، وكانت النيّة جديّة لديه بإعلان شبه اعتزال سياسي في كلمته قبل العودة عن القرار في الساعات الأخيرة.
جنبلاط الذي تحمّل مسؤولية السياسة بلحظة تاريخية مصيرية تحت ثقل استشهاد كمال جنبلاط، اتخذ قرارات جريئة كثيرة طوال الـ46 عاماً من مسيرته السياسية، بدأها بمحاولته إطفاء الفتنة التي أطلّت برأسها بعد اغتيال والده، ولاحقاً بزيارته الشهيرة الى الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد بعد أربعين والده المقتول، تماماً كما قرّر مواجهة الوجود السوري في لبنان وتحوّله الى رأس حربة ثورة 14 أذار منذ وقف في قصر قريطم ليلة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والإعلان عن مأتم شعبي خلافاً لإرادة السلطة اللبنانية آنذاك. وبينهما مسار طويل في السياسة، من المواجهات خلال الحرب وفي جرأة عقد المصالحات بعدما سكت المدفع وأيقونتها المصالحة مع البطريرك مار نصرالله بطرس صفير. وفي لحظة مصيرية أيضاً يأتي قراره بشبه الخروج من الحياة السياسية ليتوّج عملية انتقال القرار السياسي بالكامل الى نجله تيمور، في الحزب بعد النيابة.
“المستقبل لتيمور”، أعلنها جنبلاط في عين التينة قبل أسابيع، فحمل كلامه مؤشرات عدة، أهمّها أن القرار أصبح لتيمور، موضحاً ولو بطريقة غير مباشرة أن كل ما قيل عن خلافات بينهما غير صحيح، لا بل تبيّن أنه كان يخطط الى ما هو أبعد ذلك وإطلاق عجلة التغيير التام بدءا من رأس الهرم الحزبي.
مصادر “التقدمي” وضعت الخطوة عبر موقع mtv بسياقها الطبيعي، معتبرة أن هذه محطة انتخابية يجب أن تحصل وليست المرة الأولى، فالانتخابات الحزبية تحصل كل 4 سنوات وكانت المرة الأخيرة في العام 2017، وكان يجب أن تحصل العام الماضي لكنها أرجئت بسبب التزامن مع الانتخابات النيابية وقبلها وباء كورونا، واستعيض عنها بالمؤتمر السياسي الذي عُقد للكوادر في عين زحلتا.
وبعد إعلان جنبلاط، أكدت مصادر “التقدمي” أن الآليات التنظيمية ستعلن تباعاً بما يتعلق بالترشيحات وانعقاد الجمعية العمومية وتفاصيل انتخاب رئيس الحزب ونوابه وأعضاء مجلس القيادة. وعملاً بأحكام دستور الحزب ونظامه الداخلي، دعا جنبلاط الى مؤتمر عام انتخابي في ٢٥ حزيران ٢٠٢٣، وكلّف أمانة السر العامة إتمام التحضيرات اللازمة وفق الاصول وبحسب الآليات المعتمدة، وإصدار التعاميم ذات الصلة بمواعيد قبول طلبات الترشيح ومهلة الانسحاب وكافة الشروط المتعلقة بالعملية الانتخابية وإعداد لوائح أعضاء المؤتمر العام وتوجيه الدعوات إليهم.
قد ينصرف جنبلاط الى كتابة مذكراته، وقد يكثر من رحلات السفر والقراءة، وربما تتحوّل تغريداته بعيداً عن سياسية، ولكن لن يكون بعيداً جداً عن خلفية المشهد، وستبقى ملائكته حاضرة خلف صورة تيمور
