كتب نقولا أبو فيصل “ميشال الحايك…الكاهن الموسوعة” !
ولد المونسينيور ميشال حايك في العام 1928 في بلدة بِجِّة قضاء جبيل ,تلقّى دروسه الابتدائيّة والثانويّة في مدرسة دير سيّدة ميفوق ثمّ في معهد الرُّسُل-جونيه ، تابع دراسته الجامعيّة في جامعة القدِّيس يوسف-بيروت، ثمّ في المعهد الكاثوليكيّ-باريس. سّيم كاهنًا في العام 1954، في كنيسة مار يوسف للأباء الكرمليّين-باريس حيث نال شهادة الدكتوراة في اللاهوت والليتورجية والآداب والعلوم الاجتماعيّة-السياسيّة ، عمل محاضراً في المعهد الكاثوليكي في باريس ، ثم في الجامعة اللبنانيَّة وجامعة الروح القدس الكسليك ، شارك في المجمع الفاتيكانيّ الثاني بصفة مستشار لاهوتيّ
على مدى اربعين عاماً من العام 1965 حتى وفاته في العام 2005 ألقى الأب ميشال حايك دون انقطاع في الإذاعة اللبنانية وفي كاتدرائيّة مار جرجس المارونيّة في بيروت وكاتدرائيّة مار يوحنا مرقس في جبيل الآف المحاضرات والعظات حدّثنا فيها عن مشروع الموارنة وثورتهم وحلمهم وخيبتهم في سعيهم لبناء مساحة حرية ولقاء، أي بناء وطنٍ تعدّدي ، إنّما وإزاء تعثّر مشروع الموارنة وحلمهم، لا نراه يعبّر بصراحة ومرارة عن وجعه وخيبته الشخصيّة فحسب بل عن وجع وخيبة الجماعة المارونية؛ خيبة من العروبة ، خيبة من بعض الشركاء في الوطن ، خيبة من الغرب ، خيبة من الشرق وحتى بعض الخيبة والمرارة من الموارنة بالذات . الاب ميشال حايك الثائر لم يهدأ ولم يستكن ولم يلقِ سلاحه، أي القلم والموقف, هو الإنسان والكاهن الثائر على كلّ شيء , على النُّظم التي تستعبد الإنسان، على التقاليد والعادات التي تحجّم الله، على الظُّلم وعلى كلّ ما ومن يشوّه في الإنسان صورة الله، لأنه أراد أن يفتح أمام الإنسان آفاق المستحيل
يصادف اليوم ذكرى مرور 18 عاماً على وفاة المونسينيور ميشال حايك الذي كان بمثابة استاذٍ لي ، كنت اتابعه عن كثب واترقب عظاته بشوق كبير ، لُقب بالكاهن الموسوعة والشاعر الباحث الواعظ المتعدّد المواهب الفكرية والثقافيّة، اشتهر بمواهبه الوعظيّة، اذكر جيداً كيف كان يجتمع المؤمنون من كل الرعايا الابرشيات لسماع عظاته ، وكانت كتاباته تشير الى مدى تطلّعه لتصديع بعض البنى الاجتماعيّة التي ليس لها ارتكاز فكري وإعادة بنائها على أسس إيمانيّة ذات أبعاد روحانيّة ودعوته إلى إصلاح الإنسان الفرد من أجل إصلاح المجتمع ، كان الاب الحايك حاملًا مشعل النور التوجيهي داعيًا الناس الى إثبات وجودهم الإنساني بالخروج من ذواتهم المزيّفة ليقفوا بها أمام مرآة أنفسهم، وهو على يقين حتميّ بأنّ الإنسان، إذا تجرّد عن كلّ زيفه الحضاريّ والأخلاقيّ والإنسانيّ، سيحقّق وجود ذاته الإنساني في مستواها الأعلى.أتقن الاب حايك العديد من اللغات وله مجموعة من الكتب والمقالات والدراسات والأبحاث والأشعار في التاريخ والفلسفة واللاهوت والليتورجية والأدب والشّعر والأنتروبولوجيا .
بحث نقولا ابو فيصل
