كتب نقولا أبو فيصل “الياس الرحباني بنى عالمه بعيداً من الرحابنة”!
ولد الياس الرحباني في العام 1938 في أنطلياس ويعتبر هذا الملحن والموزع وقائد الاوركسترا وكاتب الأغاني من أهم الموسيقيين في تاريخ الفن اللبناني، حيث لحن ما يفوق 2500 معزوفة وأغنية عربية وغربية، وألف الموسيقى التصويرية للعديد من المسلسلات والأعمال السينمائية المشهورة جداً، ومن أهم المطربين الذين غنوا من ألحانه فيروز ، وديع الصافي ، صباح ، نصري شمس الدين ، جوليا بطرس وماجدة الرومي وغيرهم ، تلقى الياس دروسه الموسيقية على خلاف الأخوين في الأكاديمية اللبنانية ثم في المعهد الوطني للموسيقى وقد تخرج في العام 1956 ، كما تلقى دروساً في الموسيقى طوال عشرة أعوام تحت إشراف أساتذة فرنسيين ، في العشرين من عمره التحق بإذاعة “بي بي سي” البريطانية (الفرع اللبناني) وباشر العمل معها رسمياً فلحن 40 أغنية وأنجز 13 برنامجاً ولقيت أعماله ترحاباً في الأوساط الموسيقية والفنية.
وفي العام 1962 دخل عالم الاحتراف، وراح يتعاون مع مغنّين معروفين، ينتمون إلى مدرسة الأخوين، ومنهم المطرب الكبير نصري شمس الدين، الذي لحن له أغنية “ما أحلاها”. ثم بدأ العمل كمخرج ومستشار موسيقي في إذاعة لبنان ، أنجز أغنيات تسمى بـ”الفرنكو أراب” كانت تلقى بطرافتها رواجاً لدى جيل الشباب وراجت أيضاً موسيقاه الإعلانية، التي تمكنت من فرض نفسها وخصائصها ، وخاض الياس عالم الموسيقى الإعلانية بجرأة وقوة، والاصح انه أسس مدرسة في هذا الفن. ويذكر الجمهور كيف حول مرة لحناً إعلانياً (باريلا معكروني) إلى أغنية للمطربة صباح (وعدوني ونطروني)، فلقيت نجاحاً كبيراً وأثارت سجالاً عما اذا كان يحق للملحن أن يحول لحناً إعلانياً إلى أغنية! لا تحصى الألحان التي أنجزها الياس الرحباني فهو كان غزيراً جداً، في الأغنيات، بالعربية والفرنسية، وفي الإعلانات والموسيقى التصويرية في الأفلام والمسلسلات ، وقد بلغت الأفلام التي قدم لها الموسيقى التصويرية خمسة وعشرين فيلماً، اضافة الى المسلسلات ومن أشهرها مسلسل “عازف الليل”، الذي ما زالت موسيقاه تردد حتى الآن.
أما مشاركته في عالم الأخوين رحباني والمطربة فيروز فكان قليلاً مقارنة مع غزارة ألحانه، مع أنه نجح في تلحين وإعداد بضع أغنيات فيروزية ومنها: الأوضة المنسية، معك، يا طير الوروار، كان الزمان، كان عنا طاحون… ولحن أيضاً للمطربة هدى شقيقة فيروز . وأنتج وألَّف مسرحيات عدة للرحابنة ، منها: وادي شمسين مع صباح ، سفرة الأحلام مع مادونا ، و”إيلا”. وفي العام 2001 قدّم نشيد الفرنكفونية كتحية لـ52 بلداً مشاركاً في القمة التي عقدت في لبنان. وفي مجال الشعر، صدر له كتاب “نافذة العمر” ويضم قصائد وجدانية وإنسانية الطابع ، تلقى الياس الرحباني جوائز عدة، منها: جائزة مسابقة شبابية في الموسيقى الكلاسيكية، جائزة عن مقطوعة “انتهت الحرب” في مهرجان أثينا، شهادة السينما في المهرجان الدولي للفيلم الإعلاني في البندقية ، الجائزة الثانية في مهرجان لندن الدولي للإعلان ، الجائزة الأولى في روستوك بألمانيا عن أغنية “موري”، وجوائز في البرازيل واليونان وبلغاريا. تزوج من السيدة نينا خليل، وقد أثمر زواجهما عن إنجاب ولدين هما غسان وجواد اللذان أكملا مسيرة هذه العائلة العريقة في المجال الفني وخصوصاً في صناعة الموسيقى بعد أن أصيب الموسيقار إلياس الرحباني بفيروس كورونا ولم يستطع جسمه مقاومته، وتوفي في العام 2021 عن عمر ناهز 83 عام.
بحث نقولا ابو فيصل
