كتب نقولا أبو فيصل “بين تعدد الاديان في لبنان وتحوّل النعمة الى نقمة!
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 6
عندما زار طاغور مصر سأله أحد المفكرين العرب عن رأيه في توحيد الأديان، فأجابه: “إن الله أكبر من أن تنحصرَ عبادته في دينٍ واحدٍ”. وكان طاغور يتأثر بشكل كبير بالأديان والفلسفات المتعددة في الهند ، كما تبنى مواقف منفتحة وتسامحية تجاه الأديان المختلفة، وكان يرى التعايش والتفاهم بين الأديان أمراً مهماً في أعماله الفلسفية ، كما تتناول مواضيع دينية وروحانية تعبر عن تأملاته الشخصية وفهمه للحياة، وقد أشار في قصائده إلى مبادئ الهندوسية والسيخية والإسلامية والبوذية وغيرها من الأديان، مظهرًا تعددية وثراء الثقافة والتراث الهندي. وعلى الرغم من أن طاغور كان يتأثر بالعديد من الأديان ويشير إليها في أعماله، إلا أنه لم يتناول الديانة المسيحية في كتاباته واكتفى بالديانات التي ترتبط بالثقافة الهندية وتراثها.
والمعروف أنه في لبنان تتعدد الأديان بشكل كبير ويسكن الوطن الصغير مسيحيون ومسلمون، بالإضافة إلى أقليات دينية أخرى مثل البهائيين واليهود. وتمتزج الأديان في لبنان مع وجود تنوع ثقافي وديني يعكس التاريخ الطويل للبلاد وتأثيراته ، وتعد حرية الديانة والتعبير عنها من القيم الأساسية، وهذا يعكس التنوع الديني والثقافي الواسع الذي يميز لبنان ، والذي يعد جزءًا لا يتجزأ من هويته الوطنية، ويسهم في إثراء المجتمع وتعزيز التسامح والتفاهم بين أفراده ، كما تساهم المؤسسات الدينية المتعددة في تقديم الخدمات والدعم للمواطنين من اصحاب المداخيل المحدودة او المرضى والعجزة.
ووفقا لموسوعة الحروب فإن أصحاب الحروب العلمانية والالحاد أبادوا ملايين البشر، ولم يميزوا بين ذكر او انثى، طفل او شيخ ! ومن بين جميع الصراعات التاريخية المسجلة والبالغ عددها 1763 صراعًا، كانت الاختلافات الدينية تمثل السبب الرئيسي في 123 صراعاً فقط ،اي أن أكثر من 93% هي حروب علمانية بينما اقل من 7% هي حروب دينية! وهنا السؤال الأهم : هل تنوع الأديان نعمة أم نقمة؟
ومن وجهة نظري التي قد لا تروق لكثيرين أن الأديان هي نعمة من الله، لكن بعض رجال الدين قد افسدوها ، وشاركهم كل من يستخدم الدين مطية وكل جماعة تنسب نفسها لله وتدعي الأصولية الدينية المسيحية والاسلامية المتشددة ، نعم هؤلاء هم من افسدوا نعمة الديانات التي تساهم بشكل كبير في تعزيز القيم الإنسانية مثل التسامح والتعايش السلمي بين البشر، وحولوها الى نقمة بعد أن تم الانحراف في إستخدامها لأغراض سياسية أو لتبرير العنف والتطرف.
نقولا أبو فيصل
