موقف ميقاتي: رسالة طمأنة أم تحفظ سياسي؟
كتب داود رمّال في “أخبار اليوم”:
يثير تصريح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، حول نفيه تلقي إخطار رسمي بشأن نية إسرائيل عدم سحب قواتها من جنوب لبنان بعد انتهاء مهلة الستين يوماً المحددة في اتفاق الهدنة، العديد من التساؤلات والتأويلات حول أبعاد هذا التصريح وتداعياته على المشهد السياسي والأمني في لبنان.
ففي السياق السياسي والأمني، يقول مصدر واسع الاطلاع لوكالة “اخبار اليوم” انه “منذ انتهاء الأعمال العدائية الأخيرة بين لبنان وإسرائيل، برزت العديد من المؤشرات التي توحي بأن الوضع في جنوب
لبنان قد يشهد تطورات غير متوقعة. فاتفاق الهدنة الذي تم التوصل إليه برعاية دولية وضع مهلة زمنية محددة لسحب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية. ومع اقتراب انتهاء هذه المهلة، بدأت التكهنات تتزايد حول نوايا إسرائيل، خاصة في ظل التصعيد الكلامي الإسرائيلي والاتهامات المتكررة ضد لبنان.”
ويوضح المصدر ان “نفي ميقاتي لتلقي إخطار رسمي يمكن تفسيره من زاويتين:
اولا: رسالة طمأنة داخلية: ربما يسعى ميقاتي إلى تهدئة الأجواء الداخلية ومنع تصاعد التوتر الشعبي والسياسي، خصوصا مع حساسية ملف الجنوب الذي يمثل رمزا وطنيا ومحل اهتمام جميع الأطياف اللبنانية.
ثانيا: تحفظ سياسي ودبلوماسي: قد يكون النفي جزءا من استراتيجية دبلوماسية لتجنب التصعيد مع إسرائيل أو الإضرار بالمفاوضات الجارية مع الأطراف الدولية حول ملفات أخرى، منها تثبيت الحدود البرية.
ويقرأ المصدر في التسريبات الإسرائيلية، فيؤكد انه “في حال تأكدت نية إسرائيل عدم سحب قواتها، فإن ذلك يشير إلى استراتيجيات متعددة ابرزها؛ السياسة الإسرائيلية التصعيدية، فقد تكون هذه الخطوة جزءا من سياسة الضغط على لبنان لتحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية، او تغيير قواعد الاشتباك الجديدة وفق المنصوص عنها في ورقة الالتزمات المتبادلة بين لبنان واسرائيل، ولكن إسرائيل قد تسعى إلى إعادة رسم المشهد الأمني في الجنوب، خاصة في ظل الحديث عن تعزيزات عسكرية وتحركات غير اعتيادية لفرض ترتيبات امنية خارج نص الاتفاق”.
وتناول المصدر التداعيات المحتملة مشيرا الى انه على المستوى الداخلي سيضع هذا التطور الحكومة اللبنانية أمام استحقاق صعب في التعامل مع التصعيد الإسرائيلي، مع احتمالية تزايد الضغوط الشعبية لاتخاذ موقف صارم. اما على الصعيد الاقليمي والدولي، قد يؤدي أي تصعيد إلى تدخلات دولية جديدة، سواء من قبل الأمم المتحدة أو القوى الكبرى، لاحتواء الأزمة ومنع اندلاع مواجهات جديدة، وربما فرض شروط جديدة”.
واعتبر المصدر ان “تصريح الرئيس ميقاتي عبر مكتبه الاعلامي يعكس تعقيدات المشهد اللبناني في ظل الأزمات المتشابكة التي يعاني منها. ومع غموض النيات الإسرائيلية، يبقى على لبنان اتخاذ خطوات استباقية عبر تعزيز الجهود الدبلوماسية وتوحيد الموقف الداخلي لضمان حماية سيادته والالتزام بالقرارات الدولية، خصوصاً تلك المتعلقة بالجنوب”.