كتب نقولا أبو فيصل “بين قوّة الشخصية والوقاحة واتيكات التعامل”
كلنا نعلم ان الفرقَ كبيرٌ جداً بين الثقة بالنفس والوقاحة وبين قوة الشخصية والعناد وبين الطيبة والهبل ! كما أن قمة الوقاحة هي في السفالة وقمة التفاهة هي في الانحطاط ، وفيما قلة الأدب ما كانت يوماً توصيفها قوة شخصية على الاطلاق ، فالوقاحة ليست بجرأة ايضاً ، والاثنان لهما تسمية واحدة وهي قلة التربية ، ويبدو أننا بحاجة وبإلحاح شديد لتغيير ثقافة بعض وسائل الاعلام اللبنانية المرئية والمسموعة والمكتوبة وبعض مواقع التواصل الاجتماعي التي تروج لقلة الادب والوقاحة وتعتبرها هيبة ووقار وقوة شخصية لشبابنا اللبناني !
وحبذا لو نفرق بين قوة الشخصية والوقاحة وقلة الذوق والادب ، لان اقدام البعض على الخلط بينهما ينتج خليطاً مقرفاً ، والملاحظ في الفترة الاخيرة أن عدداً من اللبنانيين باتوا يتباهون بالخبث البعيد عن عاداتنا على أنه ذكاء ويتباهون بوقاحتهم على أنها قوة شخصية ! ولاحقاً عرفت أنه قد حصل لديهم لبّسٌ كبيرٌ حول ماهية الذكاء والخبث ، وعدم التمييز بين قوة الشخصية والوقاحة . وفيما نحتاج لمن يشرح الفرق بين قوة الشخصية والوقاحة لبعض كَتبَة مسلسلات الدراما اللبنانية الذين باتوا يصورون البطلة بأنها صاحبة شخصية قوية والارجح وقحة ، ولا تحترم احداً !! في حين يتم تصوير غالبية رجال الاعمال على انهم لا يعرفون الله! وللبحث صلة ويستوجب هذا الموضوع الحديث عنه في مقالات خاصة .
ويبدو أنه من المشاكل الاخلاقية التي تواجه المجتمعات اللبنانية هي ان قليلي الادب باتوا يحسبون انفسهم أصحاب شخصية قوية ، وليس الوقح هو بقوي الشخصية وما كان صاحب الحياء يوماً ضعيف الشخصية ، وفعلاً إن كنت لا تستحي فأصنع ما شئت! وما رأيكم بجنس من البشر يدعي قوة الشخصية ولا يرى احداً، فلا يا صاحٍ ! فلا الصراخ ولا الوقاحة وطول اللسان يجعلان منك إنساناً صاحب شخصية قوية ،وقد يكون وصفك بقليل الادب ناتجاً عن مرض نفسيّ لان قوتك هي في الثقة بالنفس والترفع عن المهاترات وقلة الكلام الغير مفيد …وحبّذا لو تضمنت المناهج الدراسية أدب التعامل مع الآخرين وقواعد إتيكيت التواجد في الأماكن العامة والمطاعم والطائرات لأن الخلط ما بين قوة الشخصية والوقاحة, وغير ذلك من الأنانية وقلة الأدب وقلة الحياء بات يدعو للقرف والاشمئزاز.
نقولا ابو فيصل ✍️
