الكتائب يستعيض عن كتاب التاريخ… بمتحف
ليست الخلافات التي تطبع الحياة السياسية في لبنان، والتي يمكن أن يفسر معظمها، ببعض إرادات التعطيل وتصفية الحسابات السياسية، الوحيدة التي يعاني منها لبنان الغارق في أزماته المتناسلة. ذلك أن هذا البلد الصغير نجح في الخروج من الحرب الأهلية ومعاركها الدموية بحبر اتفاق الطائف الذي وضع حدا للمواجهات الميدانية بين أطراف الداخل الذين دفعوا “ثمن حروب الآخرين على أرض لبنان”، على ما كتب يوما عملاق الصحافة اللبنانية غسان تويني. إلا أنه فشل في توحيد النظرة الوطنية إلى أحداث هذه الحقبة المهمة من تاريخه، إلى حد أن بلد الأرز لا يزال حتى اليوم يحاول لملمة جراحه. وإذا كانت هذه الصورة، معطوفة على التعددية الحزبية التي تميز لبنان، تفسر بوضوح أسباب هذا الخلاف، فإنها في الوقت نفسه تؤكد الحاجة الملحة إلى بذل الجهود لتوحيد الذاكرة الجماعية اللبنانية، على الأقل في ما يخص المراحل التاريخية التي تلقى إجماعا من اللبنانيين.
وفي وقت يبدو هذا “الحلم” بعيد المنال، قرر حزب الكتائب ألا ينتظر إقدام وزارة التربية وسائر المعنيين بجرأة على وضع كتاب التاريخ الموحد، بل أن يتناول كثيرا من الفترات التي لا تتطرق إليها الكتب المدرسية ويتحاشى بعض القوى السياسية الغوص في دهاليزها، في متحف سماه “متحف الاستقلال” (حارة صخر) الذي يفتتحه في احتفال يقام في جونية في 13 نيسان، مع كل ما يعنيه هذا اليوم للبنان، وكل ما يحمله من رمزية ودروس وعبر.
وعلى مسافة أسبوع من حفل الافتتاح، أوضح مدير المتحف جوي حمصي لـ “المركزية” أن الفكرة التي أطلقها الرئيس أمين الجميل تهدف أولا إلى صون الذاكرة الجماعية وذكرى الشهداء الذين سقطوا على مر تاريخ لبنان الحديث” وهذا أقل واجباتنا تجاه لبنان، مشيرا إلى أن “وزارة التربية لم تبذل جهدا في وضع كتاب التاريخ الموحد، ولم تتناول الكتب المدرسية العقود الأخيرة””.
وأشار حمصي إلى أن “حزب الكتائب بلغ من العمر 82 عاما وهو واكب أهم مراحل تاريخه، وليس أقلها الاستقلال وبعض المراحل التي كان فيها هذا الأخير في عين الاستهدافات”، لافتا إلى أن “صحيح أن المتحف مشروع كتائبي، لكن هذا لا ينفي أنه يحمل طابعا وطنيا، بمعنى أنه يشمل مختلف المراحل والقوى التي ساهمت في كتابة التاريخ الحديث، وإن كان يلحظ بطبيعة الحال استعادة لأهم الوجوه الكتائبية كمؤسس الحزب بيار الجميل والرئيس الشهيد بشير الجميل، إضافة إلى المحطات التي وجد فيها الحزب نفسه مجبرا على حمل السلاح دفاعا عن الوطن، علماً أن المراحل التي يشتمل عليها المتحف تنطلق من وجود لبنان في التاريخ القديم لتبلغ مرحلة ثورة الأرز بين العامين 2005 و2006.
وختم حمصي كاشفا أن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي سيبارك المتحف يوم الجمعة 12 نيسان، لا سيما “صالة الشهداء”.
