زيت وزيتون راشيا وحاصبيا الأكثر جودة وورش عمل لتطوير القطاع

تنشغل مئات العائلات من سكان قرى راشيا  وحاصبيا والبقاع الغربي بموسم قطاف الزيتون، الذي يعد باب رزق للمئات منها، وملاذا لتأمين المونة المنزلية لغالبية الأسر.
لم يكن  الموسم هذا العام على قدر طموحات المزارعين، فالجفاف الذي ضرب بساتين الزيتون البعلية، وارتفاع درجات الحرارة خلال شهر آب وتأخر هطول المطر وعوامل الطقس المتقلبة، انعكست سلبا على مستوى الإنتاج، الذي تراجع الى أكثر من 45 في المئة، عن العام الماضي بحسب عشرات مزارعي الزيتون في قرى تلك المناطق 
قطاع الزيتون الذي طالما شكل مصدر رزق لشريحة اجتماعية لا يستهان بها من صغار المزارعين في القرى، لم يحظَ تاريخيا بعناية الدولة، بما يتناسب مع طبيعة وحجم هذه الاشجار المباركة، حيث تكاد ميزانية وزارات الزراعة المتعاقبة  هامشية مقارنة مع غيرها من الوزارات في وقت يشكل فيه القطاع الزراعي العمود الفقري للاقتصاد اللبناني بالتكافل والتضامن مع القطاع الصناعي.
المزارع عبد المسيح نصرالله من بلدة كفرمشكي،استاذ تعليم ثانوي ويملك بستان زيتون  يتعامله  في هذه السنوات العجاف  كمصدر ثان للمعيشة ، اذ يرى أن الاهتمام بقطاع الزيتون يجب أن يكون اولوية عند وزارة الزراعة من خلال تقديم الارشادات التي تساعد المزارعين على تحسين جودة الانتاج والنوعية والكمية، والمساعدة في توفير الاسمدة والمبيدات المناسبة، ودعم المزارعين لشراء المعدات الحديثة التي تستخدم في بعض الدول، ومنها الفراطات الحديثة ذات الجدوى الاقتصادية التي توفر في الوقت وفي اجرة العمال ولا تخدش  الحبيبات التي تهشمها قضبان وعصي العمال وتعرضها للأكسدة والتشوه، فضلا عن إلحاق الأذى بالأغصان.
نصرالله الذي لا يزال والده الثمانيني يستخدم الدابة في الوصول إلى رزقه في الطرف الشرقي للبلدة، وفي منحدر جبلي، اعتبر أن شق طرق زراعية في تلك المناطق يساعد عشرات  المزارعين في الوصول الى ارزاقهم والعناية بالأرض التي لا تزال في حقول منها تفلح بالطرق البدائية وعلى الحيوانات لصعوبة وصول الجرارات الزراعية اليها، داعيا الى توزيع مستوعبات ستانليس ستيل ذات المواصفات الفنية التي من شأنها حفظ الزيت بطريقة آمنة وصحية حيث لا تزال عمليات تخزين الزيت تتم بالطرق البدائية وبمستوعبات بلاستيكية، بينما قديما كان يحفظ بأواني فخارية مطلية ومعتمة وبمنأى عن الرطوبة والهواء وبدرجة حرارة شبه مستقرة.
ابو فراس بشير سعيد يقصد زيت راشيا من المتن لأنه يجد فيه الطعم الذي يحب والرائحة التي تشد القلب كما يقول، ويؤكد ان مواصفات الزيت في قرى راشيا مميزة، وكذلك الزيتون  البلدي البعيد من التلوث ومن رش المبيدات .

ولفت المزارع وليد حامد من بلدة العقبة  إلى أن الموسم الحالي ليس على ما يرام بسبب الجفاف وشح الامطار، مشيرا الى أن سعر صفيحة الزيت تعيل عائلة في هذه الازمة  ودعا الدولة الى دعم قطاع الزيتون وتزويد المزارعين بالنصوب الجيدة والتي من شأنها تحسين نوعية الزيت والزيتون، اضافة الى انشاء تعاونيات زراعية مهنية تهتم بمعظم المزارعين باشراف طواقم من الوزارة، كي لا تبقى الجمعيات والتعاونيات محصورة بإطار ضيق يقدم المصلحة الفردية على المصلحة العامة.

ضعف الموسم هذا العام لم ينل من عزيمة شيخ ثمانيني لم يقف ارتفاع صفيحة البنزين حائلا دون الوصول الى شجراته المعمرة  في منطقة تسمى ” وادي الزيتون” في نطاق بلدة كوكبا  فاستقل دابته ليلملم  حبيبات  غاليات  لكنها كبيرة الحجم  وذات طعم  مميز للمونة .
أما المزارع أحمد حمود من مجدل بلهيص، فأكد أن ما حصل هذا الموسم لم يكن على مستوى آمال المزارعين لكن المقسوم وصل وهي نعمة لكثير من العائلات. 
في المقابل، توجهت أنظار عشرات المستثمرين الى بلدة مرج الزهور، شمال راشيا كون موسم الزيتون فيها لم يتأثر كثيرا بالجفاف، وهي بلدة تعتمد منذ سنوات على إشراك بعض العائلات في قطاف الزيتون مناصفة أو مثالثة وفق ما تقتضيه الحال، بحسب ما أكدته بعض العائلات التي هبت بمعظمها للعمل في هذا الاستثمار المربح والذي يؤمن المونة من الزيت والزيتون لها ويعود عليها بمردود مالي مقبول في وقت قصير.

اصحاب معاصر الزيتون تأخرت رحى حجارة عجولها عن الدوران  لكن زيتون حاصبيا  غزا معظمها  خصوصا أن الموسم فيها كان وفيرا .
رغم ذلك بقيت  مكابس سحل الحبيبات تعمل بشكل متوسط مقارنة مع الموسم السابق حيث يتم تجميع غلة عدد من المزارعين بدور واحدة ثم يتقاسمون الزيت وفق معيار الوزن.
 وبحسب صاحب معصرة احدى المعاصر فـ«ان الموسم الحالي كان مقبولا  وقال :” نحن ندير محركات المعصرة الالية باوقات متفرقة ومتقطعة وهذا يحتاج الى حجز عمال دائمين ووقود وكهرباء، ولكن جودة الزيت الذي يخرج من معصرتنا  يشجع مزارعي الزيتون  على الاقبال  على معصرتنا إضافة الى استخدامنا الطرق الحديثة في العصر ».

ورش عمل لتطوير القطاع

وفي سياق تشجيع وتطوير قطاع الزيتون وحماية الاشجار المعمرة وتحسين  جودة الزيت والزيتون كان اتحاد بلديات جبل الشيخ بالتعاون مع “جمعية البيئة للحياة” قد نظم  ورش عمل حول “مشروع الحفاظ على الممارسات التقليدية اللازمة لحماية التنوع البيولوجي في أراضي الزيتون في جبل الشيخ” الممول من “صندوق شراكة الانظمة البيئية الهامة”، إضافة الى استعراض نتائج المشروع، بمتابعة من رئيس اتحاد بلديات جبل الشيخ جريس الحداد، ومنسقة “صندوق شراكة الانظمة البيئية الهامة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط” الدكتورة عواطف أبيض، ورئيسة مصلحة الصناعات الغذائية في وزارة الزراعة مريم عيد، ورئيسة دائرة البستنة ومقررة لجنة الاسمدة في وزارة الزراعة المهندسة فاطمة بيضون، ورئيسة دائرة الانظمة الايكولوجية في وزارة البيئة المهندسة لارا سماحة، والمستشار في وزارة المالية والمشارك في لجنة التنسيق مع صندوق النقد الدولي الدكتور روجيه ملكي، ومدير المشروع الدكتور سليم حمادة، ورئيس مجلس إدارة “LEDA” كمال السيقلي، والخبير الدولي في علم الطيور والتنوع البيولوجي الأستاذ الجامعي وعضو المجالس التحكيمية الاقليمية والعالمية في شؤون البيئة البروفيسور غسان جرادي، والأستاذ الجامعي وخبير التحاليل المخبربة والغذائية والبيئية الدكتور وليم صافي، وحشد من المزارعين وأصحاب معاصر الزيتون ومهتمين بالشأن البيئي والزراعي واختصاصيين دوليين معنيين.

المصدر : ايكو وطن – عارف مغامس