كتب نقولا أبو فيصل “بين الخوف والضعف والانكسار أين إيمانكم”؟
من سلسلة كتب “عن لبنان لماذا أكتب “جزء 6
مما لا شك فيه إننا في لبنان بأمس الحاجة لمعجزة تقضي على الخوف وتجلب الامان ، تخلصنا من العبودية وذل الاحتياج والضعف وتزيل الالم والمرض من الجسم المعتل ، وتعطي النفوس المكسورة قوة تقضي على الضعف , وأذا كنا ولا نزال نشكر الله على الشدّة والشقاء والمعاناة والتعب والانكسار والضعف والخوف التي لولاها لما تعلمنا الصبر في الشدّة والصلابة في الشقاء والتحمّل في المعاناة والتعافي بعد التعب والتحلي بالقوة والرجاء في الصلاة بعد أن كنا نعيش في عالم من الاوهام بعيداً عن الواقع ، الى حين ادركنا ان هذه ليست بحياة، بل الاصح هذا سجن كبير يسجننا فيه الخوف والضعف والانكسار.
تقول الام تيريزا في كتابها : “عندما لا يغير الله ظروفك للأفضل رغم صلاتك ، أعلم أنه يغيرك أنت للأفضل أثناء صلاتك ، يوسع قلبك ، يحررك من أنانيتك ، يعلمك التواضع والرضى والشكر ، وعندها سوف تعرف أن الأفضل لك أن تتغير أنت قبل أن تتغير ظروفك للأفضل” وتضيف في مكان آخر : ” أنا لا أصلي للنجاح ، بل لاكتمال إيماني ، لو أحببت حتى تتعب فلن يكون هناك تعب أكثر بل حب أكثر , أنا اعرف أن الرب لن يحملني ما لا اقدر أن احتمل ، وكم تمنيت لو انه لم يثق بي كل هذه الثقة. وفقداننا للسلام يعود لأننا نسينا أننا إخوة لبعضنا ويقول المزمور “طلَبْتُ إِلَى الرَّب فاستجاب لِي وَمِنْ كُلِّ مَخَاوِفِي أَنْقَذَنِي”(1:34-10) ولاننا نعيش في عالم مليء بكل انواع الخوف وأشكاله، فأن من ينكر الخوف يعيش في الخيال وينكر الواقع .
وهكذا علينا الاعتراف بأن لكل واحد منا مخاوفه الخاصة به ، أي أن الخوف جزء وواقع أساسي في حياتنا كبشر ، ورغم أنه مضرٌّ عقليًا ونفسيًا وجسديًا وروحيًا لكنه يبدأ مع الإنسان منذ الطفولة ويستمر حتى آخر يوم في حياته . وأول حالة خوف سجلت في التاريخ كانت عند خوف آدم من الله بعد أن أكل من الثمرة الممنوعة. فعندما سأله الله: “أين أنت؟” أجاب آدم: “سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ ” (تكوين 2:3) أي إن الخوف قد دخل حياة البشر عندما ارتكب آدم وحواء الخطيئة الأولى وسقطا.
نقولا أبو فيصل :كاتب وباحث ورئيس تجمع الصناعيين في البقاع
