حدد الصفحة

كنوز إيران تعزز ميول ترامب الديبلوماسية

كنوز إيران تعزز ميول ترامب الديبلوماسية

على مدى عقدين، تعالت أصوات الصقور في إسرائيل وأميركا مطالبة بمهاجمة البرنامج النووي الإيراني. وطوال المدّة نفسها، قوبلت هذه الدعوات بالرفض والمماطلة من أصحاب القرار في الإدارة الأميركية، ليس حبّاً بنظام الملالي في طهران، بل لأنّ الحجّة ضدّ العمل العسكري كانت بسيطة ومقنعة: قدرات إيران النووية غير ناضجة وغير كافية لإنتاج قنبلة. وكان المجتمع الدولي متّحداً على ضرورة إعطاء فرصة لطهران لتأكيد سلميّة نيّاتها النووية بالكامل، ولذا كان ثمّة إجماع غربي على الاكتفاء بفرض عقوبات على إيران لإرغامها على كبح طموحاتها النووية.

لم تغيّر العقوبات من سياسات النظام القائمة على تصدير ثورته وسعيه إلى تغيير المعادلات في الإقليم، لكنّها كانت باهظة الثمن على البلاد والعباد، وهو ما دفع بالقيادة الإيرانية إلى البحث عن حلّ سلميّ لقضيّتها النووية يجنّبها شرّ تجرّع كأس إشعال ثورة داخلية تقضي على الأخضر الباقي في البلاد.

أسباب كثيرة تدفع بإيران إلى القبول بالجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الأميركي:

– الانهيار الاقتصادي والاختناق المعيشي. فخلال الأشهر القليلة الماضية، انقطع التيار الكهربائي في إحدى وعشرين محافظة من أصل إحدى وثلاثين محافظة إيرانية، وتجاوزت قيمة الدولار الواحد مليون ريال، وارتفعت أسعار البطاطا بنسبة 217 في المئة.

– سقوط نظام بشار الأسد في سوريا أنعش آمال الشباب والفتيات الإيرانيين بالتخلّص من سلطة رجال الدين والحرس الثوري، إثر فشل انتفاضة “المرأة، الحياة، الحرّية” في إحداث تغيير حقيقي، وعجز مؤسّسة الحكم بوجهَيها الإصلاحي والمتشدّد عن معالجة سوء الإدارة والفساد والقمع المنهجيّ.

– الخشية من تنامي النزعات الانفصالية في الداخل حيث تهيمن القوميّة الفارسيّة التي تشكّل نصف السكان فقط على معظم مقدّرات السلطة وموارد البلاد، في حين يشعر بالتهميش النصف الآخر المكوّن من الآذريين والجيلاك والمازندرانيين والأكراد والعرب واللور والبلوش والتركمان.

– انهيار نظام الحماية خارج الحدود بتهاوي الحلفاء في الخارج الواحد تلو الآخر بفعل الضربات الإسرائيلية الدامية بغطاء أميركي.

– اختلال أنظمة الدفاع الجوّي الاستراتيجيّة وغيرها من الأصول الحيويّة في موجة الغارات الأخيرة التي تعرّضت لها إيران في 19 نيسان 2024 وأوّل شهر تشرين الأوّل 2024.

– القلق من أن تجد نفسها معزولة سياسيّاً وفي الميدان، لانشغال حليفتها روسيا بتداعيات حربها في أوكرانيا والتفاوض مع أميركا، ولانهماك الصين في خضمّ حرب تجارية ضروس مع دونالد ترامب.

– الأهمّ هو خشية إيران أن تفقد في ليلة حرب فُرضت عليها بغير توقيتها، كلّ بنيانها السلطوي الذي كلّف الإيرانيين أثماناً باهظة طوال أربعة عقود صعبة.

لم تغيّر العقوبات من سياسات النظام القائمة على تصدير ثورته وسعيه إلى تغيير المعادلات في الإقليم، لكنّها كانت باهظة الثمن على البلاد والعباد

طبعاً ستكون تكلفة الحصول على بطاقة الخروج من دوّامة الحرب والحصار والعقوبات باهظة الثمن أيضاً، وتتطلّب من إيران تقديم تنازلات تتجاوز تقييد طموحها النووي والصاروخي وتقليم نفوذها الإقليمي، إلى تنازلات سياسية وسيادية ليس أقلّها الانضباط تحت سقف المصالح الأميركية في لعبة التوازنات الإقليمية والدولية، وعدم تهديد أمن إسرائيل ومكانتها، وفتح أسواقها ومواردها وإتاحة معادنها النادرة أمام الاستثمار الأميركي.

لماذا تفضّل أميركا الحلّ الدّبلوماسيّ؟

تشجّع الوقائع والمعطيات الصعبة في إيران الخصوم على كسر تمرّدها وتغريدها خارج السرب بالقوّة. لكن لماذا تفضّل أميركا الحلّ الدبلوماسيّ على الحلّ العسكري الحاسم والمتاح في ظلّ علامات الوهن والضعف الإيرانية، والذي من شأنه أن يقلب ميزان القوى في الشرق الأوسط ويجعل من حليفتها إسرائيل اللاعب الإقليمي الأوّل بلا أيّ منافس من الآن حتّى وقت طويل؟

أسباب كثيرة ووجيهة عدّة تحول دون فتح النار على إيران:

– توجيه ضربة لها يشيع المزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، ويستنزف موارد أميركية كبيرة، في وقت تريد واشنطن التركيز على الهمّ الصيني. وقد تقوّض صدقيّة الولايات المتحدة إذا لم تنجح الهجمات. تبقى احتمالات الفشل واردة، فحتّى الضربات الدقيقة قد لا تؤدّي إلّا إلى تأخير تحوّل إيران إلى قوّة نوويّة. صحيح أنّ الولايات المتّحدة وشركاءها يملكون الوسائل اللازمة لتدمير جميع المنشآت النووية الإيرانية الرئيسية. ولكنّ هذا لا يضمن القضاء على جميع الموادّ النووية في البلاد، أو في الواقع جميع معدّاتها الذرّية التي يمكن أن يكون بعضها مخبّأ في أعماق الأرض. وردّاً على الضربات المحتملة قد تنقل طهران بعض اليورانيوم العالي التخصيب إلى مواقع سرّية، وهو ما يحفظ لها ما يكفي لإنتاج قنابل عدّة بسرعة.

– السحق الكامل للخطط النووية لإيران يتطلّب هجوماً أميركياً واسعاً يشمل القضاء على الأذرع العسكرية والأمنيّة للنظام من جيش وحرس ثوريّ وقوات “الباسدران” وميليشيا “الباسيج”، وهذه مهمّة ليست يسيرة، وقد تستدعي نزولاً برّيّاً والزجّ بجنود أميركيين في الميدان. وهذا ما يتناقض مع الرفض المعلن لترامب لمبدأ الحروب الطويلة والمكلفة على غرار حربَي أفغانستان والعراق. وهو أيضاً صاحب شعار “أميركا أوّلاً” الذي يعطي الأولوية للشأن الداخلي، وتوجيه الموارد للنموّ الاقتصادي، والبنية التحتية، وخفض التورّط الدولي.

– شنّ حرب ضدّ إيران قد لا يكون شعبيّاً بين الأميركيين، بينما التفاوض وتحقيق مكاسب تجارية من ورائه يمكن أن يُعدّا حلّاً ذكيّاً وواقعيّاً يُحسب له داخليّاً ويُظهره رجل سلام مؤهّلاً لحمل جائزة نوبل كما يطمح.

– الضربات الجوّية المؤلمة أو المحدودة لن تغيّر بالضرورة سياسات طهران. حتّى تغيير النظام ليس ضمانة لتحقيق نتائج أفضل، سواء في ما يتعلّق بالبرنامج النووي أو التوسّع الإقليمي، وإذا انهارت الجمهورية الإسلامية قد يحلّ محلّها نظام عسكري أشدّ شراسة، أو قد ينهار النظام برمّته وتذهب البلاد إلى فوضى شاملة تجعل الراغبين بالتغيير يتحسّرون على الحكم الحالي، وبعض ظواهر الربيع العربي شاهد على ذلك.

ستكون تكلفة الحصول على بطاقة الخروج من دوّامة الحرب والحصار والعقوبات باهظة الثمن، وتتطلّب من إيران تقديم تنازلات

إيران كنز مغلق

– إيران بمواردها السخيّة تمثّل كنزاً هائلاً. فهي تمتلك في جوفها ما قيمته نحو 27.5 تريليون دولار من الموارد الطبيعية، بما فيها النفط والغاز وأنواع المناجم. وهي صاحبة رابع أكبر مخزونٍ من معدنِ الليثيوم، ولديها اليورانيوم والتيتانيوم، والأنتيموان الذي يُستخدم أساساً لمادّة شبه موصلة تُستخدم في الأنظمة الإلكترونية المتقدّمة لأسلحة البلازما، إضافة إلى معادِن ثمينة أخرى مثل الزنك، النّحاس، الفحم، الحديد، الرصاص، النيكل، المنغنيز، الفحم، القصدير، الرخام، الجصّ، الإسمنت والملح. وهذا ما يُسيل لعاب تاجر متعطّش للاستثمار وتحقيق المكاسب المالية على غرار ترامب الذي لن يعدم فرصة لتحقيق مكاسب في المنجم الإيراني الوفير. مثله تتطلّع الشركات الأميركية إلى إعادة إصلاح مصافي النفط المتهالكة والاستثمار في الغاز وتطوير الأسطول الجوّي والموانئ البحرية الاستراتيجيّة لقطع شرايين “مبادرة الحزام والطريق” الصينية في عقدتها الوسطى، إيران.

تؤكّد مصادر مطّلعة على تفاصيل الاجتماعات الأميركية الإيرانية التمهيدية في العاصمة العُمانية مسقط أنّ إيران تعهّدت بفتح قطاعات النفط والغاز والنقل والاتّصالات وإتاحة استخراج المعادن النادرة، خصوصاً الليثيوم، أمام الاستثمارات الأميركية.

تتوقّع واشنطن الحصول على عشرة تريليونات دولار من الاستثمارات في القطاعات المختلفة من الاقتصاد الإيراني الذي يعاني شحّاً في الاستثمارات منذ خمسين عاماً.

ليس صدفةً تكليف ترامب صديقه ومبعوثه الشخصي إلى الشرق الأوسط، ستيفن ويتكوف، إدارة المفاوضات مع طهران. الرجل آتٍ من خلفيّة اقتصادية وتجارية، ويتمتّع بخبرة كبيرة في التفاوض التجاري والاقتصادي، وهو ما يمكن أن يكون ميزة في التعامل مع إيران، خصوصاً إذا اعتمدت الإدارة الأميركية على الدبلوماسية الاقتصادية أداةً للضغط، أو جزءاً من استراتيجية بناء الثقة. ففي ظلّ الأزمة الاقتصادية التي تعانيها إيران، نتيجةً للعقوبات، قد يسعى ويتكوف إلى تقديم حلول اقتصادية على الطاولة، مثل تخفيف العقوبات أو السماح بإبرام اتفاقيات تجارية، مقابل تنازلات نووية أو سياسية من جانب إيران.

التوصّل إلى اتّفاق نووي جديد ممكن ومتاح، وأيضاً المفاجآت، ويبقى معلّقاً على درجة التنازلات النووية والإقليمية التي يمكن للولايات المتحدة انتزاعها، وقدرة إيران على هضمها وتجرّع كأس السمّ الجديدة.

المنظر لحالو بيحكي! مطعم و كافيه قدموس كاسكادا مول تعنايل للحجز 81115115 ‏ Our Online Menu: https://menu.omegasoftware.ca/cadmus Website: www.cadmus-lb.com #Restaurant #Cafe #Lakeside #CascadaMall ‏#5Stars #Lebanon #International #Fusion #Cuisine ‏#Royal #Zahle #SendYourSelfie #Halal #Mediterranean ‏#Lebanesefood #holiday #cadmusrestocafe #food #foodphotoghrafy #delicious #ribs #family #isocertificate #lebanese #yummy #tasty #Cadmus #waffles #wings

 

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com