كتب نقولا أبو فيصل “جورج جرداق ….عاشق الامام علي”
ولد جورج جرداق في العام 1931 في منطقة الشوير في المتن ، والده مهندس البناء سجعان جرداق الذي انتقل مع العائلة إلى مرجعيون جنوب لبنان ، حيث أنهى دراسته الابتدائية والثانوية فيها ، ثم انتقل إلى بيروت وأكمل دراسته الجامعية في الكلية البطريركية . في عمر الحادية عشرة صار يهرب من المدرسة ويجلس تحت ظل شجرة او جنب نبع ماء ويقرأ الشعر الذي احبه كثيراً ، خصوصاً قصائد المتنبي وابن الرومي ، حدث في طفولته أن اهداه شقيقه الأكبر الشاعر والأديب فؤاد جرداق كتاب “نهج البلاغة” للامام علي بن ابي طالب ، وراح جورج يطالعه بشغف كبير ، ويكتشف البلاغة والمعاني الجميلة حيث إكتشف ان كاتبه هو رجلٌ عظيمٌ فذٌ..تعلق جورج جرداق بالإمام علي بن ابي طالب ووجد فيه شخصية عظيمة في كل جوانبها بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ ، من ولادته ونشأته وحياته الى عبادته واخلاصه واخلاقه ، فكل شيء فيه وجده عظيماً .
بعد دراسته الجامعية درس جرداق الأدب العربي والفلسفة العربية، حيث وجد ان فكر الإمام علي بن ابي طالب من ضمن المناهج في هاتين المادتين لذا اهتم بالتوسع في البحث عن هذه الشخصية العظيمة، ثم أعاد قراءة كتاب نهج البلاغة بتفحص وتمعن وبصورة معمقة ، وراح يكتب تصوره من خلال الشخصية التي لا مثيل لها وكان كتابه الاول في العام 1958، بعنوان “صوت العدالة الإنسانية ” وهو في عمر لا يتجاوز الخامسة والعشرين عاماً ، تكفلت الرهبنة المارونية بطباعة كتابه ، حيث نال رواجاً ونجاحاً منقطع النظير وحقق ارباحاً كبيرة ، وقد تم تقديم جزءً من هذه الارباح إلى رئيس الرهبنة انذاك لسد نفقات طباعة الكتاب، لكنه أبى ان يأخذ المال وقال هذا الكتاب هدية إلى الإمام علي بن ابي طالب لاسلوبه الرائع . في المقابل قام قاسم الرجب مدير مكتبة المثنى في العراق بإعادة طباعة الكتاب من دون أخذ موافقة جرداق او التواصل معه. قدم على سنوات طويلة برنامج “على طريقتي” عبر أثير إذاعة صوت لبنان !
بالإضافة إلى مؤلفاته الخمسة عن الامام علي بن ابي طالب : “صوت العدالة الإنسانية- الإمام علي والثورة الفرنسية – الامام علي وحقوق الانسان – الامام علي وسقراط ” كتب أيضا ً كتاب “روائع نهج البلاغة” ومؤلفات قصصية مثل “نجوم الظهر- قصور وأكواخ – ضفاف باريس – حديث الملاهي- حديث الغواني ” كما كتب عدة مسرحيات مثل مسرحية (صلاح الدين وريكاردوس قلب الأسد) التي قام بتمثيلها للتلفزيون نخبة من الممثلين ، وله حكايات من ثلاثة مجلدات “المشردون ورفيقي” وغيرها وديوان شعر كبير لم يطبع بعد . جورج جرداق كان كاتباً وشاعراً وصحفيا لاذعاً في نقده الفني والادبي ، كان يخشى السفر بالطائرة ولا يسافر الا براً ، لذا اقتصرت زيارته خارج لبنان على بعض الدول المجاورة ، ورغم ذلك اختارته المطربة “أم كلثوم ” من بين كل شعراء العرب لتنشد له قصيدة “هذه ليلتي” ، التي لحنها الموسيقار محمد عبد الوهاب ، كتب في مجلة الشبكة اللبنانية لسنوات طويلة ، وكانت مقالاته محط انظار الفنانين جميعاً، حيث كان ينتقد معظمهم وخاصة المتطفلين على الفن والغناء بأسلوبه الساخر الجميل ، له برامج إذاعية كثيرة تناولت الشؤون الوطنية والاجتماعية والفنية . رفع اسم لبنان عالياً بعكس ما فعله اقزام السياسة اللبنانية في هذا الوطن ، توفي في العام 2014 عن عمر 83 عاماً ، لديه ولدُ وحيدُ أسمه هادي ، وقد كرمته بلدية طهران بإطلاق اسم جورج جرداق على احد شوارعها.
بحث نقولا ابو فيصل ✍️
