
الأنظار ستتجه إلى مسارين ما هما؟

إذا كان من الصعب تقدير حجم ونتائج انعكاس حادث بلدة الجاهلية على المسار السياسي في البلاد وعلى مفاوضات تشكيل الحكومة، وان كان البعض يعتقد انها قد تؤخّر هذا الأمر نظراً لتبعاتها السياسية وارتباطها بقوى سياسية على خلاف كبير، فإن الأنظار ستتجه اليوم إلى مسارين، بعد ان نجحت الاتصالات في لملمة ما أمكن من تداعيات ما حصل، وتوفير ظروف أمنية آمنة لغاية الآن في مناطق الجبل، بخلاف الوضع الذي ساد العاصمة بيروت ليلاً حيث قطعت طرقات في البربير والمدينة الرياضية وبشارة الخوري بالاطارات المشتعلة سارع تيّار المستقبل إلى نفي علاقته بها.
المسار الاول: كيفية معالجة القضاء لاحداث الشوف والجاهلية، في ضوء التعقيد الذي نتج عن مقتل مرافق الوزير السابق وئام وهّاب في ظروف غامضة، وما سيتركه عدم مثول وهّاب امام القضاء للتحقيق معه في قضية الإساءة لعائلة الرئيس الحريري؟
المعلومات، ضمن هذا المسار، تؤكد ان وهّاب خلافاً للتوقعات، سيمثل اليوم امام مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود أو من ينتدبه وليس أمام شعبة المعلومات، في مقابل ضمان عدم توقيفه، في حال العكس، بمعنى ان عدم حضور وهاب شخصياً، أو الاكتفاء بارسال محاميه، لا يكفي، وهذا الأمر سيترتب على القضاء إصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه، بكل ما يعنيه هذا الأمر من تداعيات سياسية وأمنية.
الا ان ما يزيد الموقف ضبابية، هو تضارب التصريحات الصادرة عن مرجعيتي القضاء والأمن، ففي حين شدّد وزير العدل سليم جريصاتي على ان المسألة القضائية لن تستثني أحداً في دولة القانون، دافع وزير الداخلية نهاد المشنوق عن القادة الامنيين والقضائيين المسؤولين عن واقعة الجاهلية، ووصفهم “بالأبطال”، وان كان قد أكّد ان التحقيق القضائي سيحدد المسؤولية عن وفاة أبو دياب، ولا يترك الأمر لاجتهادات سياسية فتنوية، فأي كلام من الوزيرين سيأخذ مجراه اليوم؟
لكن وهّاب كشف ليلاً، في حوار مع قناة “الجديد” عن مفاجأة قضائية من العيار الثقيل، مؤكداً انه لن يغادر منزله في الجاهلية لأي سبب، على خلفية تقبل التعازي حتى الأحد المقبل.
اما المسار الثاني، فهو كيف ستنعكس هذه الأحداث على مسار تأليف الحكومة، وهل تخرج حوادث اليومين الماضيين عملية التأليف من جمودها درءاً للمزيد من الاخطار، أم انها على ما يرى البعض، أدخلت مسار التأليف في نفق إضافي؟ خاصة وأنه بات من الصعب التكهن بكيفية الخروج من تداعيات الحادثة التي سقط فيها الدم في الجبل، مع ما يعنيه بالنسبة لأهل الجبل والطائفة الدرزية بصورة خاصة؟
ومها كان من أمر، فإن مصادر رسمية أكدت لـ”اللواء” ان الرئيس ميشال عون لم يكن على علم مسبق بالمداهمة لمنزل وهّاب، وعلم بها متأخراً وتابع الوضع من خلال القيادات الأمنية ووزيرالعدل، الذي قرّر التحرّك القضائي فوراً لتبيان حقيقة ما جرى خلال المداهمة وأدى إلى وفاة أبو دياب ووضع الرئيس عون في نتائج التحقيق.
ومهما يكن من أمر النتائج السياسية، فإن عملية التأليف دخلت في “البراد” بانتظار ظروف أو معطيات أفضل، فيما يتوجه الرئيس المكلف إلى باريس في العاشر من الشهر الجاري لإلقاء محاضرة في غرفة الصناعة والتجارة الفرنسية، ويمكن ليومين أو ثلاثة قبل ان يتوجه إلى لندن للمشاركة في مؤتمر اقتصادي يعقد في العاصمة البريطانية.
وسط هذه الأجواء تتجه الأنظار إلى المخاوف من مواجهة جديدة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله في ضوء التهديدات المتبادلة بين الطرفين.