هل بدأ العدّ العكسي للإنهيار في لبنان؟
لا يمرُّ يومٌ إلاّ وتُستَخدم فيه عبارة “الإنهيار الإقتصادي” لوصف الواقع السيّئ الذي وصل إليه الإقتصاد في لبنان. يسمع اللبنانيون طويلاً عن هذا الإنهيار، إلاّ أنّهم لا يملكون الأجوبة حول تفاصيله وأسبابه ومراحله.
ينطلق الخبير الإقتصادي موريس متى من تعريف الإنهيار الإقتصادي على أنّه “توقّف الدولة عن تسديد مستحقاتها، فكل ما يحكى عن انهيار الوضع الاقتصادي والمالي بعيد جداً عن الوضع النقدي إذ يجب الفصل بين الوضع النقدي والوضع الإقتصادي والوضع المالي، فالمخاوف اليوم هي على الوضع الاقتصادي والمالي وليس على النقدي المُعزَّز من السياسات التي وضعها مصرف لبنان من الاحتياطي الذي كوّنه خلال السنوات السابقة الأمر الذي يُبعد أيّ خوف على الليرة اللبنانية واستقرار النقد اللبناني”.
ورأى متى، في حديث لموقع mtv، أنّ “الوضع الإقتصادي يعاني أزمة كبيرة جداً نتيجة انكماش عدد كبير من القطاعات وارتفاع نسبة البطالة وتدهور الوضع المعيشي، وأمام الدولة اللبنانية مستحقات بالمليارات في العام 2019 وبالتالي فإنّ المخاوف تقع عند تعثّر الدولة عن تسديد هذه الأموال التي يؤمّنها الجهاز المصرفي الذي يحمل الجزء الأكبر من الدين العام نتيجة السندات المتراكمة في السنوات الماضية”.
وأضاف: “مرة جديدة ستجد وزارة المال نفسها في حالة طرح للسندات إلاّ أنّ الشروط ستتبدّل خصوصاً بعد الإجتماعات بين وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، التي كانت للتأكيد أنّه لا يُمكن القبول بأسعار الفوائد نفسها”.
وتابع متى: “مصرف لبنان أكّد أنه سيتمّ تأمين الأموال لدفع الرواتب والأجور، إلاّ أنّ لدى لبنان أيضاً مستحقات دين عن سندات كانت مطروحة سابقاً، ومصرف لبنان سيقوم بعمليات استبدال للسندات من جديد والمصرف وضع شرطاً لاستمرار الدين من قبل الدولة وهو تأليف الحكومة والبدء بالإصلاحات التي طلبها المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية”.
وفي معرض الحديث عن الحالة التي تعيشها البلاد اليوم، اعتبر متى أنّ “الإنهيار الإقتصادي يقع عندما تعجز الدولة عن تغطية السندات التي طرحتها وبالتالي تخفيض للتصنيف فانهيار على الصعيد النقدي”، مُردفاً: “القطاعات الإقتصادية تُعاني اليوم فالحركة شبه متوقّفة في العديد من القطاعات والأوضاع المعيشية متردّية جداً حيث أننا أمام 35% نسبة البطالة و35% نسبة الفقر ولن نصل إلى حالة أسوأ، إلاّ أنّ الخوف على وضع المالية العامة التي ستشهد طرحاً للمزيد من السندات وتأمين الأموال ودفع المستحقات ما يعني أنّ شبح الإنهيار على الصعيد النقدي مُستحيل نتيجة الوسائل والهندسات التي يضعها مصرف لبنان”.
وإذ أكّد أنّ “المخارج موجودة شرط إقرار بدء تنفيذ الإصلاحات سيّما أنّ الأمر يشكّل خطراً على المالية نتيجة تراكم الديون”، لفت متى إلى أنّ “كلمة إفلاس الدولة غير موجودة فهناك إعادة جدولة لبعض الإستحقاقات، وأبرز الإصلاحات المطلوبة اليوم لإبعاد شبح تآكل المالية العامة وقف التوظيف في القطاع العام وإنهاء ملف الكهرباء والعمل على إقرار القوانين المتعلّقة بالفساد ومكافحة التهرّب الضريبي وموضوع الممارسات التطبيقية لقانون الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص عبر تنفيذ المشاريع التي أقرّها مؤتمر “سيدر”.
وختم: “أمّا على مستوى الموازنة، فعلينا التركيز على ثلاث نقاط أساسيّة تكمن في حجم الرواتب والأجور حيث تصل إلى 40% وكلفة الدين العام التي تخطّت 30% وموضوع كهرباء لبنان إضافة الى الرواتب والأجور وإعادة البحث في ملف سلسلة الرتب والرواتب”.
mtv
