ملكة جمال الجزائر.. ضحية العنصرية
لم يكن فوز الشابة خديجة بن حمو، بلقب ملكة جمال الجزائر 2019، عادياً، حيث انقلبت المناسبة إلى فرصة للعنصريين، لتفريغ مخزون مروع من التنمر عبر مواقع التواصل، ضد الشابة بسبب لون بشرتها وانحدارها من جنوب الجزائر المهمش.
وأثار تتويج بن حمو جدلاً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، وتصدر هاشتاغ #ملكة_جمال_الجزائر
النقاشات في البلاد وامتد إلى بقية الدول العربية، منذ فوز الشابة البالغة
من العمر 27 عاماً بالمسابقة السنوية التي تنافست فيها مع 16 فتاة أخرى.
وتعرضت
الشابة، المتحدرة من ولاية أدرار، جنوبي البلاد، لانتقادات سلبية طاولت
شكلها وعملها كمضيفة استقبال، ووصل الأمر إلى حد التجريح عبر وصفها
بـ”الوحش”، وأنها تشبه اللاعب البرازيلي رونالدينيو، فيما انتشرت صور أضيفت
إلى وجهها عبر الفوتوشوب، لحية وشارب.
وردّت بن حمو بهدوء على هذه
الحملة، بالقول: “من ينتقدونني، أقول لهم ربي يهديكم، ومن يشجعونني أقول
لهم ربي يحفظكم.. تم اختياري بسبب أخلاقي وثقافتي وأعمالي الخيرية وحفاظي
على العادات والتقاليد”.
وكتبت الصحافية آنيا الأفندي: “بالنسبة
لمسابقة ملكة جمال الجزائر التى فازت بها فتاة من الصحراء، أنا شخصياً ضد
هذا النوع من المسابقات. خديجة بن حمو فتاة جميلة لكنها ليست الأجمل في
وطني. المسابقة تفتقد للإحترافية ما وضع الفتاة المسكينة في حرج”، وتساءلت
مغردة أخرى: “#ملكة_جمال_الجزائر من الجنوب الكبير هل هي سياسة أم أنها
جديرة باللقب؟”.
وعلقت المغردة فطومة قائلة: “مواقع التواصل
الاجتماعي يسخرون من ملكة جمال الجزائر 2019! ما هذا التخلف! هل لأنها
سمراء؟ من الصحراء من ولاية أدرار! والله إنها جميلة واختاروها للكاريزما
والثقافة والابتسامة هناك معايير للجمال ليس شرط لون البشرة ولون العيون
والشعر”.
والحال أن بن حمو تقدمت للمسابقة بالصدفة ولم تخطط لها من
قبل، ولم تر مانعاً في خطوتها، وكان مشروعها في حال توجت “القيام بأعمال
خيرية والانضمام لجمعيات لدعم المجتمع”. وتتم خلال المسابقة تصفيات بين
المتقدمات على مدار ستة أشهر، إلى أن يستقر الرأي على 16 متسابقة من أنحاء
الجزائر، تتم بينهن التصفيات النهائية، حتى وقع اختيار لجنة التحكيم على
خديجة ابنة ولاية أدرار الجنوبية كملكة جمال الجزائر 2019، علماً أن الشابة
تعيش في العاصمة الجزائر منذ سنوات بعدما توقفت عن الدراسة، وعملت في أحد
المطاعم مسؤولة عن مكتب الاستقبال.
وتردد سؤال “هل الجزائريون
عنصريون؟” منذ نهاية الأسبوع الماضي، رداً على الجدل غير المسبوق وغير
المبرر، ووسط التعليقات العنصرية علقت الصحافة الجزائرية بكثرة على “موجة
الكراهية”. فكتب موقع “كل شيء عن الجزائر”
أن “أدرار هي مدينة جزائرية وأفريقية بأتم معنى الكلمة وتملك تاريخاً
طويلاً”، متسائلاً: “من يريد حصر الجزائر في مناطق الشمال فقط وبعض المدن
مثل الجزائر العاصمة وعنابة وتلمسان وبجاية؟ من يريد أن ننسى الملكة
تنهيانان أم الطوارق (سكان الصحراء)؟. من يريد أن ننكر الثقافة الأصلية
الجزائرية التي تتجسد أيضاً في عازفات الكمنجة التي تدعى بآلة إمزاد؟”.
كما
أثارت التعليقات السلبية استياء عدد كبير من المواطنين الجزائريين الذين
استغربوا مثل هذا الجدل في بلدهم. وكتبت شابة تحمل لقب “غالينات” في
“فايسبوك”: “أنا لست من المعجبات بمسابقات الجمال، لكني أعبّر عن تضامني
التام مع خديجة بن حمو المتحدرة من مدينة أدرار، وأندد بكل قوة بالعنصرية
التي تعانيها، إنها شابة جميلة وأنيقة وتمثل المرأة الجزائرية المعروفة
بجمالها المتنوع”. فيما أضافت ليلة بابس، وهي متخصصة في علم الأنثروبولوجيا
قائلة: “ملكة الجمال 2019 تملك بشرة سمراء شبيهة بغزالة الصحراء. خديجة بن
حمو هي أول ملكة جمال تتحدر من هذه المنطقة”.
ووصل الجدل إلى صحف عالمية، فتساءلت مجلة “لوبوان أفريك”
عن سبب كل هذه الكراهية، وفسرت الحملة بأن بشر الملكة المتوجة كانت أكثر
سمرة من منافِساتها، ما أزعج الكثيرين وجعل ملكة جمال الجزائر ضحية تصريحات
عنصرية. فيما انتشر رسم كاريكاتوري للرسام ديلام يصور
تتويج خديجة بن حمو، ملكة جمال الجزائر، وما تبعه من جدل داخل المجتمع
الجزائري بهذا الرسم، يصورها الأجمل، أجمل من كل من ينتقدونها وذلك كردٍّ
على التصريحات غير اللائقة التي تعرضت لها.