ما المطلوب لترميم تفاهم معراب؟
كل الوقائع والنتائج التي تمخضت عن التجربتين الانتخابية البرلمانية والتشكيلية الحكومية وما تخللهما من استحقاقات، اثبتت بما لا يرقى اليه شك ان محاولة اي فريق سياسي الاستئثار بالحكم وتوجيه البوصلة السياسية الى حيث يريد بعيدا من تجربة الشراكة مصيرها الفشل، وتاليا فإن مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة المرجح استنادا الى المعطيات المتوافرة انها وشيكة جدا، يفترض ان تنطلق بروحية متجددة وعقلية اكثر انفتاحا على الاخر، خصوصا من جانب القوى السياسية المعنية مباشرة بشؤون العهد وفي مقدمها التيار الوطني الحر.حول هذا المحور، تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية” ان التيار هو اكثر المصابين جراء المعارك التي خاضها رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل في اتجاه الحلفاء قبل الخصوم وخصوصا مع القوات اللبنانية وحزب الله، كما لم يوفر تيار المستقبل والحزب الاشتراكي على سلسلة جبهات وملفات. لكن الحاجة الاكثر الحاحا، تتمثل في ترميم التفاهمات المبرمة من جهة مع حزب الله الذي بلغ مستوى توتر العلاقات معه للمرة الاولى منذ تفاهم مار مخايل قبل اثني عشر عاما، مستوى توجيه الدعوات الى المناصرين لوقف الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن جهة ثانية مع الحليف الاستراتيجي وأحد ابرز اركان سيبة العهد الثلاثية القوات اللبنانية التي كان للحزب اليد الطولى في تعبيد طريق تربع العماد ميشال عون على عرش بعبدا الرئاسي.في تفاهم معراب تحديدا، تسترسل المصادر بشرح الحيثيات ومقتضيات الترميم التي تتخذ صفة “العجلة” لتستقيم اوضاع العهد ويستعيد الوئام في البيئة المسيحية زخما كان في قمة النشوة بعيد انتخاب الرئيس عون وسرعان ما افتقده في حقبة العمل الحكومي عبر ملفات عدة تباينت وجهات النظر في شأنها بين الفريقين على حلبة مجلس الوزراء لعل ابرزها ملف الكهرباء وبواخره ليتلاشى تماما ويسقط خلال الاستحقاق الانتخابي وما تلاه من نزاعات سياسية استعرت الى درجة سقوط الاتفاق السياسي. وتقول ان اي ترميم للتفاهم المسيحي يفترض ان ينطلق من ثابتتين اساسيتين: الاولى إبعاد الاستحقاق الرئاسي بكل مندرجاته عن تفاهم معراب والثانية حصر التفاهم بكيفية ادارة الشأن الحكومي وملفاته من اجل انجاح الحكومة والعهد بطبيعة الحال.وتعتبر المصادر ان ورشة الترميم لا بد ان تبدأ من العلاقات الشخصية التي اصيبت بسهام الممارسات السياسية الخاطئة، وقد تولت جزءاً من المهمة لجنة متابعة بكركي التي كسرت القطيعة على مستوى التواصل، وهي على رغم انها ليست “ثنائية” ومباشرة الا ان الكثير من “الثنائيات” يعقد على هامشها تحت سقف بكركي الدافعة في هذا الاتجاه.وتقترح المصادر في ما يتصل بالترميم السياسي تشكيل لجنة تنسيق وزارية من الطرفين، كان يُفترض ان تتشكل منذ لحظة ابرام تفاهم معراب، فتعقد جلسات دورية عشية الجلسات الحكومية والاستحقاقات الهامة من اجل تنسيق المواقف وتوحيدها، واذا تعذر التوحيد وتضاربت وجهات النظر، فالاتفاق على عدم تحويل الاختلاف الى خلاف. وتعتبر ان غياب هذه اللجنة فتح ثغرة كبيرة في العلاقات ادت الى ما ادت اليه من خلل وتوتر .اما القضايا الاستراتيجية والوطنية الكبرى كدور وموقع لبنان وسياسة النأي بالنفس وغيرها من المواضيع حيث التضارب في مقاربتها فالأجدى ان يجري العمل لاحقا وبعيدا من الصخب الاعلامي على معالجتها وصولا الى قواسم مشتركة تتقاطع حولها المواقف على ان تبقى بعيدة لا بل معزولة عن ملفات السياسة اليومية وبخاصة في جلسات مجلس الوزراء حيث اثبتت التجربة ان الخلافات حول بعض الملفات التقنية بين القوات والتيار تحولت كرة نار اشعلت العلاقة واحرقتها، في حين ان التضارب نفسه كان موجودا مع اطراف اخرى من بينها تيار المستقبل ولم يؤد الى ما ادى اليه من ندوب عميقة بين طرفي تفاهم معراب.