قلق أميركي من «الحزب» يهزّ الحكومة.. واستلحاق داخلي بجلسة غداً
يبدو أنّ الوضع غير مريح، على رغم تأليف الحكومة، سواء لجهة الشروط الاقتصادية التي تضعها الدول المانحة في مؤتمر «سيدر»، او لجهة الشروط السياسية التي تضعها الولايات المتحدة الاميركية حيال «حزب الله» ودوره في السلطة، ما يدفع بعض المراقبين الى الاعتقاد أنّ الحكومة ستكون تحت الرقابة في المرحلة المقبلة، الامر الذي قد يحدّ من الاستثمارات ويدفع الى تعليق القرارات العربية بعودة الرعايا العرب الى لبنان الى حين استقرار الوضع السياسي لا الأمني فقط. لم تهنأ «حكومة الى العمل» بالثقة النيابية المرموقة التي حظيت بها، فما كادت تتنفّس الصعداء، حتى بدأت تتقلب بين هزّة وأخرى، قبل أن تكتسب المناعة اللازمة. وقد تعرّضت في الأمس القريب لهزّتين: الاولى من داخلها، والثانية من خارج الحدود. الهزة الداخلية أحدثتها زيارة وزير الدولة لشؤون النازحين السوريين صالح الغريب لسوريا التي قال معارضوها انها تمّت بلا تكليف مجلس الوزراء، وانها تشكل خرقاً لسياسة «النأي بالنفس» المُنتهجة. ويضاف الى ذلك موقف وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب المتحفّظ عن إعلان تركيا عن «منطقة آمنة» شمال سوريا، معتبراً «أنّ أي وجود تركي في سوريا بلا موافقة دمشق، يعدّ احتلالاً». امّا الهزّة الخارجية فجاءت من الجانب الاميركي، حيث وجهت الولايات المتحدة الاميركية عبر سفيرتها في لبنان اليزابيت ريتشارد رسالة متشدّدة الى الحكومة الجديدة، حيال مشاركة «حزب الله» فيها، مترجمة مواقفها العمومية المعلنة عملياً، ومؤكدة في الوقت نفسه انها تراقب الوضع عن كثب ويوماً بعد يوم في هذه المرحلة، في موازاة مراقبتها الوضع الايراني. فبعد مواقف الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، والتي هاجم فيها مؤتمر وارسو وتحدث عن «انتصارات» ايران في المنطقة وتَعاظم قدرة المقاومة في مواجهة اسرائيل، وعن قدرة طهران على مساعدة لبنان في مجال الكهرباء، زارت ريتشارد أمس الرئيس سعد الحريري وهنّأته على نجاح حكومته في نيل الثقة، قبل ان تصارحه بمخاوف الولايات المتحدة الاميركية من «الدور المتنامي في الحكومة لمنظمة لا تزال تحتفظ بميليشيا لا تخضع لسيطرة الحكومة، وتستمر في اتخاذ قراراتها الخاصة بالأمن القومي وهي قرارات تعرّض لبنان للخطر، وتستمر كذلك في انتهاك سياسة الحكومة «النأي بالنفس» من خلال المشاركة في نزاع مسلّح في ثلاثة بلدان أخرى على الأقل. إنّ هذه الحالة لا تساهم في الاستقرار، وفي الواقع إنها تزعزع الاستقرار بشكل أساسي». وعبّرت ريتشارد، في بيان مكتوب أذاعته في السراي الحكومي ووزّعته لاحقاً السفارة الاميركية في بيروت، عن أمل بلادها الشديد في «أن لا ينحرف لبنان عن مسار التقدّم الذي هو أمامه الآن». وقالت: «نحن نريد مواصلة دعمنا الطويل والشامل للبنان. وكما قال الوزير (مايك) بومبيو أخيراً: «نحن شركاء مع لبنان لتحقيق نتائج جيدة لشعب لبنان». هذا الموقف الاميركي، وإن لم يكن مفاجئاً، كان لافتاً فيه الصراحة التي تحدثت فيها ريتشارد، بناء على طلب وزارة الخارجية الاميركية، وكلمة «صراحة» باللغة الديبلوماسية معناها عدم الرضى. ووصفت مصادر سياسية معارضة عبر “الجمهورية” هذا الموقف الاميركي بأنه «الموقف العلني الأقسى عربياً ودولياً من الحكومة منذ تشكيلها»، ولفتت الى «أنّ ما قالته ريتشارد في العلن لا يختلف في المضمون عمّا قاله مسؤولون عرب وأجانب للمسؤولين اللبنانيين ولو بطريقة مبطّنة». وتوقفت المصادر خصوصاً عند قول السفيرة الأميركية للمرة الأولى ومن على منبر السراي الحكومي «انّ «حزب الله» ماضٍ في اتخاذ القرارات الأمنية الخاصة التي تتسبّب بمخاطر على كل لبنان، وانه مستمر في خرق سياسة الحكومة النأي بالنفس من خلال مشاركته في النزاعات العسكرية في ثلاث دول على الأقل». واعتبرت المصادر هذا الكلام «بمثابة رسالة إنذار الى الحكومة اللبنانية أكثر منها رسالة تهنئة للرئيس الحريري». ورأت في «هذا الموقف الاميركي الصارم رسالة تعمّدت دَحض ما يتم التسويق له داخلياً من انّ تسمية «حزب الله» وزراء غير مُنتسبين إليه من شأنه تخفيف الضغط الاميركي عن الحكومة اللبنانية».