نهج الحريري الجديد: الردّ بالافعال!
بالافعال لا بالسجال، يرد الرئيس سعد الحريري على محاولات استهدافه مباشرة او بالواسطة. فسياسة المساجلة، كما تقول اوساط قريبة من بيت الوسط لـ”المركزية”، لا تخدم سوى هدف الطامحين الى تغيير وجهة ابرة بوصلة شعار حكومته الثالثة “الى العمل” في اتجاه التشويش والهاء اللبنانيين بالسجالات التي لا طائل منها منعا لانتقال لبنان الى حقبة الدولة القوية القادرة انطلاقا من محطة مؤتمر “سيدر”، التي اذا ما استثمرت على أكمل وجه، من شأنها ان تشكل اللبنة الاولى في بناء هذه الدولة.
منذ الجلسة الاولى لمجلس الوزراء التي استبقتها اشكالية زيارة وزير شؤون النازحين صالح الغريب الى سوريا على خلفية عدم تنسيقها حكوميا، رفض الرئيس الحريري الرد على الضوضاء السياسية في الاعلام حول ملابساتها، فاستدعى الغريب الى السراي وقال كلمته واضعا نقطة على سطر السجالات، ولم يفسح المجال في جلسة مجلس الوزراء التي تلت، بالتنسيق مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لتحويل الجلسة الى حلبة أخذ ورد لعدم تحويل الحكومة الى حلبة مصارعة سياسية تقطع طريق الانتاجية المرجوة والنهوض بالاقتصاد المطلوب بإلحاح.بعدها نشأت اشكالية عدم دعوة الوزير الغريب الى مؤتمر بروكسل-3 “دعم مستقبل سوريا والمنطقة” الذي انطلق اليوم في مقر المفوضية الاوروبية في بلجيكا. وعلى رغم الصخب الذي رافق قرار تغييبه واثارته بكل الاشكال الممكنة والتهديد والوعيد لاعادة ضمه الى الوفد، اكتفى رئيس الحكومة بعبارة واحدة قالها من قصر بعبدا بالذات اثر زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي ينتمي الغريب الى حصته في الحكومة، “انا امثل كل لبنان”. وبالفعل توجه الرئيس الحريري الى بروكسل والوفد المرافق الذي سبقه اليها وضم وزيري التربية اكرم شهيب والشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان وعددا من المستشارين، فيما بقي الغريب في بيروت.
اما ثالث محطات الافعال فجسدتها المصالحة مع الوزير السابق أشرف ريفي بعد طول فراق سياسي في دارة الرئيس فؤاد السنيورة. في هذه النقطة بالذات تضيف المصادر ابعاد قد لا يكون البعض تنبه لمدلولاتها الواسعة. اذ اضافة الى المصالحة، على اهميتها، على المستويات السنية السياسية والوطنية والسيادية، اتخذت بعدا اضافيا تمثل في تأكيد موقع الرئيس السنيورة في المعادلة الوطنية كونه احد اهم الشخصيات القادرة على اتمام المصالحات الوطنية والاضطلاع بمهمة الاطفائي في الملمّات ، في وقت يضعه فريق سياسي في عين عاصفة الاستهداف في محاولة لتشويه صورته الوطنية والدور الجبّار الذي لعبه في حقبة توليه رئاسة الحكومة ابان الانقسام العمودي بين فريقي 8 و14 اذار، فجاء اصرار الحريري على عقد المصالحة في دارة السنيورة ليعزز ويثبت مكانته على المستويين السني والوطني. كل ذلك، تشدد المصادر من دون ان يرد الحريري مباشرة على الحملة القائمة على عدم وجود قطع حساب للموازنة وللـ11 مليار دولار ومن دون ان يدخل في سجالات عقيمة مع حزب الله او غيره من القيادات السياسية التي تقف خلفها.هذه الاستراتيجية، توضح المصادر ستشكل نهجا يعتمده الرئيس الحريري طوال فترة توليه رئاسة الحكومة، وهو عازم على عدم الانجرار الى اي مكان قد يحاول المتضررون من مشروع النهوض بالبلاد اخذه اليه، بحيث يبتعد عن الزواريب السياسية الضيقة ويترجم افكاره ومواقفه بأفعال سيكون لها المفعول الاقوى والاكثر تأثيرا في كل المجالات، ويبقي الاهتمام الرسمي والحكومي منصبّاً على المشروع الاصلاحي المطلوب لمؤتمر “سيدر” وما سيحمل للبنان من استثمارات ومشاريع وانفراجات يتطلع اليها كل اللبنانيين من دون استثناء.