صيانة سريعة للتسوية… وإلا “المهوار”!
لبنان والتحدياتُ الكبرى التي يواجهها والالتزاماتُ السياسية والاصلاحية التي قطعها للعالم، في وادٍ، والأداء السياسي الحكومي، في واد آخر. هكذا تبدو باختصار الصورة المحلية لمن ينظر اليها من بعيد. هو واقع مؤسف وغير مطمئن، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”.حكومة العهد الاولى في عزّ شبابها. رغم ذلك، تبدو وكأنها تعيش “آخر أيامها” بعد الخلاف القوي الذي نشب بين من يُفترض ان يكونوا “أمها وأباها” اي التيار الوطني الحر وتيار المستقبل. أما إدارتها لأمور البلاد، حتى الساعة، فلا تدل الى حد أدنى من المسؤولية بل توحي باستخفاف بالوضع الصعب والحرج الذي يمر به لبنان، وقد تحوّلت بعد ثلاث جلسات عقدتها فقط، حكوماتٍ، كل واحدة منها “فاتحة على حسابها” في مقاربة ملفات النزوح ومحاربة الفساد، والعلاقات مع سوريا (…)الا ان لبنان لا يمكن ان يتحمّل استمرار الوضع على هذه الحال. والمطلوب للخروج من التخبط هذا، أمران، بحسب المصادر. الاول: إخضاع التسوية السياسية الحكومية التي أُبرمت بين التيارين الازرق والبرتقالي، الى عملية صيانة سريعة، لإنعاشها وإعادة الروح اليها. والجدير ذكره في هذا السياق، أن “التسوية” هي نقيض “الفرض”. فلا يمكن لأي فريق من فريقيها التلويح بنفض يده منها، اذا لم يرضَ الآخر بما يريده هو، أكان اقتصاديا او سياسيا او “إداريا”… فمنطقُ “الاستئثار”، اذا ما استمرّ، سيعرّض الحكومة لهزات وخضات لا تنتهي، تحوّلها من حكومة “الى العمل” الى حكومة “لا عمل”.أما الامر الثاني الضروري، فهو توحيد الرؤى حيال القضايا الكبرى “المصيرية” التي على الحكومة معالجتها. هذه العملية كان يُفترض ان تحصل قبل ولادة الحكومة لا بعدها، لكن “أن تأتي متأخرة خير من الا تأتي أبدا”. وهنا، مطلوب البناء على نقاط “التلاقي” بين القوى السياسية. فكلّها مثلا تُجمع على “عدم انتظار الحل السياسي في سوريا” لاطلاق آلية اعادة النازحين، وعلى رفض توطينهم- وهنا مطلوب الفصل بوضوح بين هذا الملف وعملية التطبيع مع دمشق (التي يجب إبعادُها عن الطاولة الحكومية لكونها قادرة على نسفها)- وكلّها تلتقي ايضا على ضرورة المباشرة سريعا بورشة الاصلاح والنهوض الاقتصادي، وعلى إعطاء الاولوية للهم الاقتصادي.وبعد، وفيما عيون المجتمع الدولي تراقب بدقة مسار الامور في البلاد، وعواصمُه ستقرر في ضوء الاداء الحكومي مصيرَ الدعم الذي وعدتنا به في مؤتمر “سيدر”، ترى المصادر ان لا بد من صحوة “رسمية” سريعة تمنع سقوط القطار في “المهوار” الذي يبدو، حتما، متّجها اليه.فالتّلهّي بالمناكفات السياسية وبتحقيق مصالح شخصية وفئوية وحزبية، في هذا التوقيت الدقيق من عمر لبنان، سيعني إفقاده الفرصة الاخيرة المتاحة أمامه للخروج من النفق المظلم الذي يتخبّط داخله منذ أشهر. فهل يتحمّل مَن يخاطرون اليوم بالتسوية وبالحكومة، مسؤوليةَ هذا السقوط المدوي وتداعياته، فيما عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بات في منتصف عمره؟المغامرة اليوم مكلفة ومطلوبٌ مراجعة للحسابات يُستحسن ان تتم قبل وصول وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو الى بيروت خلال ايام. فإذا كان المسؤولون عاجزين عن الالتزام بتعهّداتهم السياسية – الاستراتيجية ولم يطلقوا بعد اي بحث في “استراتيجية دفاعية”، فليلتزموا أقلّه بوعودهم الاقتصادية – الاصلاحية، حفاظا على ماء وجهم، تختم المصادر.