كلام احتوائي عن إجراءات مالية موجعة
تمددت فترة انتظار التحرك الحكومي والنيابي المتصل بالاستحقاقات المالية والاقتصادية الآخذة في الضغط على مجمل الاوضاع الداخلية بما يثير مزيداً من المخاوف من تداعيات الانتظار على الازمات المفتوحة. وإذ ينتظر ان يكون الاسبوع المقبل مبدئياً اسبوع الانطلاقة المتجددة للحكومة في مسار شاق سيكون هدفه الاساسي توجيه رسائل مطمئنة الى بدء التزام لبنان تنفيذ الاصلاحات المالية والاقتصادية الملحّة التي تنتظرها الدول والهيئات الدولية المعنية بمقررات مؤتمر “سيدر”، ذهبت أوساط وزارية ونيابية أمس الى التأكيد ان الاجراءات التي يجري التشاور الكثيف في شأنها لتبديل مجمل الانطباعات القاتمة التي تحاصر الواقع الحالي في لبنان ستتجاوز على الارجح التوقعات وتتسم بطابع “جراحي” موجع وحقيقي إثباتاً لصدقية التزام الحكومة بتعهداتها.
ولمحت هذه المصادر الى ان نقطة الارتكاز الاولى في إبراز الجدية الاستثنائية في إطلاق الاصلاحات المالية ستظهر من خلال عمل دؤوب يجري الآن لإحداث ما يتجاوز نسبة الواحد في المئة من خفض معدلات الموازنة، موضحة أن وزير المال علي حسن خليل يمضي في عملية “ترشيق” الموازنة وسط تسليم جميع الأفرقاء مبدئياً بشمول الخفوضات كل الوزارات ولا سيما منها الأبواب التي يمكن إحداث نسب عالية في خفوضاتها لمصلحة الأبواب التي تندرج نفقاتها تحت إطار الضرورات الملحة والحيوية. وقالت ان الاسبوع المقبل يفترض ان يبلور الكثير من الاتجاهات الجديدة التي يبدو ان توافقات عريضة حصلت عليها بعدما باتت وتيرة اطلاق صفارات الإنذار الخارجية والداخلية في شأن تضخم الازمات المالية والاقتصادية اللغة السائدة الوحيدة عن لبنان بما ينذر بأوخم العواقب ما لم تنطلق المعالجات الموجعة.
ومن المتوقع ان يحدد موعد الجلسة العادية لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل بعيد عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت ليل الخميس على أن تكرس لمناقشة خطة الكهرباء وإقرار بعض التعيينات الضرورية وخصوصاً لنواب حاكم مصرف لبنان المنتهية ولايتهم.
ونقلت وكالة “رويترز” امس عن مسؤولين في البنك الدولي أن لبنان لم يفعل ما يكفي لاجراء إصلاحات اقتصادية، مشيراً إلى تحد وشيك يتمثل في احتواء ديونه الضخمة.
وقال نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فريد بلحاج: “هذه الإصلاحات رغم البدء بها لا ترتقي إلى المستوى المرتقب وهذا ما قلناه بكل صراحة للحكومة اللبنانية”.
ورأى البنك الدولي أن الإصلاحات الأكثر إلحاحاً المطلوبة هي في قطاع الكهرباء الذي لم يتمكن لعقود من توفير الكهرباء على مدار 24 ساعة..
وفي العام الماضي، قالت الحكومة إنه نظراً الى ان محطات توليد الكهرباء تستخدم زيت الوقود الباهظ الثمن ولأن الرسوم الجمركية منخفضة، فإن الدولة تنفق ما بين مليار و1.5 مليار دولار سنويا على دعم القطاع
ويراجع مجلس الوزراء خطة لتحسين الخدمة وتقليص الإنفاق الحكومي على الكهرباء من طريق تركيب مولدات أكثر كفاءة.
عون الى تونس
وأعلنت رئاسة الجمهورية أمس ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يستعد للسفر ظهر اليوم السبت الى تونس ليرئس وفد لبنان الى مؤتمر القمة العربية في دورته الثلاثين الذي يعقد في العاصمة التونسية. ويضم الوفد الرسمي المرافق للرئيس، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وزيرة الداخلية والبلديات ريا حفار الحسن، وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، وزير الثقافة محمد داود داود، الامين العام لوزارة الخارجية السفير هاني شميطلي، سفير لبنان في تونس طوني فرنجيه، ومندوب لبنان لدى جامعة الدول العربية السفير علي الحلبي. ومن المقرر ان يلقي الرئيس عون كلمة لبنان في القمة التي تبدأ اعمالها الساعة العاشرة قبل ظهر الاحد. كما ستكون له لقاءات مع عدد من رؤساء الوفود المشاركين في القمة.
ويشار الى ان السفير الروسي لدى لبنان ألكسندر زاسبيكين، علّق امس على أنباء تناقلتها وسائل إعلام لبنانية مطلع الأسبوع، عن “مفاجأة جيو سياسية” إثر اجتماع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين واللبناني العماد ميشال عون في موسكو. وقال زاسبيكين في حديث الى قناة “روسيا اليوم”: “صحيح، فقد سمعت مثل هذا الكلام… أنا متعجب! أنا أركز على إمكانات التطور المتواصل وليس المفاجآت”. وأضاف أن ما أثار إعجابه في اجتماع الرئيسين الروسي واللبناني هو “جدية الحديث من الجانبين”، مؤكدا أنه جرى عرض مجمل العلاقات الثنائية خصوصا في المجال الاقتصادي والمشاريع التي يمكن تنفيذها.
كذلك يسافر رئيس مجلس النواب نبيه بري في اليومين المقبلين على رأس وفد برلماني الى العراق في اطار زيارة رسمية تستمر حتى 5 نيسان المقبل، يلتقي خلالها المرجع الشيعي الاعلى السيد علي السيستاني، وعددا من كبار المسؤولين العراقيين. ويتضمن برنامجه زيارة لمحافظتي النجف وكربلاء. وكان السفير العراقي في لبنان علي العامري سلم الرئيس بري في 26 شباط الماضي دعوة وجهها اليه رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي لزيارة العراق فقبلها. ومن العراق، يتوجه الرئيس بري الى قطر للمشاركة في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الذي يعقد في الدوحة من 6 الى 10 نيسان.
في غضون ذلك، نقل الوزير السابق وديع الخازن عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان الحملات على العملة الوطنية والنظام المصرفي “باءت بالفشل لأنها تستند إلى الأزمة السياسية والتأخير الحاصل في إنجاز موازنة سنة 2019، وسط تدهور إقتصادي إجتماعي أضعف قدرة اللبنانيين المعيشية، وكرر تطمينه المودعين إلى أموالهم وسط ملاءات المصارف والإحتياط النقدي في المصرف المركزي. ودعا المواطنين إلى عدم الإنجرار وراء الشائعات مؤكدا أنه مطمئن إلى الإجراءات الوقائية التي اعتمدها لدعم العملة الوطنية، باعتبارها ليرة الجميع ولا تنتمي إلى أية جهة سياسية. فوضع الليرة مستمر في الثبات إلى حد كبير، لا بل إنه تحسن عما قبل بفضل المخزون الإحتياطي المتوافر الذي يلبي أي طارئ، وكل كلام عدا ذلك هو إفتئات على المعطيات الموضوعية التي تدحض كل هراء وهرج إعلامي”.
النهار