الحريري يتلقى تبعات فشل زيارة موسكو وخيبة أميركا
تغيب السياسة والمواقف السياسية عن الأحداث اليومية. جملة
الملفات الخلافية في هذه المرحلة، تتركز على الموضوعات التقنية، من خطة
الكهرباء إلى التعيينات والموازنة، بالإضافة إلى التجديد لنواب حاكم مصرف
لبنان. سيحفل هذا الأسبوع بالعديد من السجالات الخلافية بين الأفرقاء، حول
هذه الاستحقاقات والموضوعات. واللافت، هو استعداد بعض القوى لشنّ هجوم على
رئيس الحكومة، سعد الحريري، من بوابة ملف الموازنة. إذ تنبّه مصادر متابعة
إلى أن بعض الإشارات التي برزت من بعض القوى السياسية، تفيد بأن الهجوم
سيتركز على الحريري، تحت حجة اتهامه بتأخير مناقشة الموازنة.
اتهام الحريري.. والردّ
وتشير
مصادر متابعة إلى أن الذريعة التي يسوقها البعض بوجه الحريري، تنطلق من
مبدأ أن سعيه لتأخير الموازنة، يهدف إلى تمريرها فيما بعد، وفقط بقطع
الحساب الخاص بالعام 2017. ما يضعه في دائرة الاتهام بالتهرب من إنجاز قطع
الحساب للسنوات التي سبقت. بينما مصادر الحريري تؤكد بأن هذا الكلام غير
صحيح. ملامح الضغط على الحريري برزت من خلال الرسالة التي أرسلها النائب
أنور الخليل إليه، بالإضافة إلى كلام رئيس لجنة المال، النائب ابراهيم
كنعان. ما يوحي وكأن هناك اتفاقاً بين التيار الوطني الحرّ وحركة أمل على
هذا الملف بمواجهة الحريري.
وتعتبر مصادر الحريري، أن من يعمل على إشاعة هكذا أجواء، يريد
استمرار النقر في نقطة غير موجودة أساساً، وتشيع أجواءً أن الحريري لا
يريد فتح حسابات ما قبل العام 2003، لأنه يعتبرها استهدافاً للحريرية
السياسية، وللرئيس رفيق الحريري. بينما هذا الأمر غير صحيح على الإطلاق.
وترى مصادر الحريري أن الغاية من هذا الهجوم مختلفة تماماً، وتندرج في خانة
الضغط عليه في ملف التعيينات، كالتجديد لنواب حاكم مصرف لبنان، الذين لم
يكن رئيس الجمهورية موافقاً على التجديد لهم. كما أن مصادر الحريري تشير
إلى أن كل الضغط عليه، سيهدف إلى فرض أمر واقع بتطبيع العلاقة مع النظام
السوري، وإنجاز التواصل المباشر، بالاتفاق بين رئيسي الجمهورية ومجلس
النواب، خصوصاً بعد الكلام في روسيا عن أهمية التنسيق مع النظام. وما تراه
مصادر الحريري فشلاً للزيارة الرئاسية إلى موسكو، في الشكل كما في المضمون،
تظن أن التعويض السياسي عنها سيكون بتعويم العلاقات مع النظام السوري،
لإعادة الاستثمار كلامياً في إثارة ملف اللاجئين.
“فشل” زيارة موسكو!
وتختصر
مصادر الحريري أسباب فشل الزيارة الرئاسية إلى موسكو، بأنها نتاج لطريقة
تفكير غير واقعية، كمحاولة توريط روسيا في صراعات تفصيلية في حدود لبنان،
بينما روسيا صوتت على القرار 1559، وعلى القرار 1701، وليس لدى روسيا
استعداد للدخول في إشكال مع أوروبا أو أميركا كرمى لعيون لبنان. ولذلك أصر
بوتين على تطبيق القرار 1701، وركز على ضرورة الإلتزام به. مسألة أخرى يمكن
تسجيلها على هامش الزيارة، من خلال محاولة عون وصف الروس بأنهم حماة
المسيحيين أو الأقليات في الشرق، بينما روسيا لم تلعب هذا الدور أبداً
تاريخياً، إنما الجيش الروسي في سوريا أغلبه من السنّة. والأهم من ذلك، أن
روسيا تعمل على إنجاز ورقة تفاهم مع الإسرائيليين، ترتبط بالجنوبين السوري
واللبناني. وهذا قد يرتبط ببعض المواقف الخاصة بالحريري حيال ملف ترسيم
الحدود.
الخيبة الأميركية
وإلى جانب الهجوم المالي
والتقني على الحريري، وفي ملف التعيينات أيضاً، على قاعدة مطالبة التيار
الوطني الحر بالاستحواذ على كل التعيينات في المواقع المسيحية، بينما ينال
الحريري مواقع السنة.. فإن الضغط عليه سيتركز أكثر في مجالات سياسية، من
نمط إشاعة أجواء “شبهة” التماهي بين موقف الحريري والموقف الأميركي، خصوصاً
أثناء اللقاء بينه وبين وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، والإنسجام
الكامل بينهما حول ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية. وفيما تعتبر المصادر
أن الحريري ينسجم مع باسيل في هذا الموقف، إلا أن الأخير “يدوزن” مواقفه
المتناقضة بين مختلف القوى. ما يبقي الحريري وحيداً بمواجهة السهام.
في مقابل موقف الحريري هذا، هناك من يشير إلى أن لبنان، ما بعد زيارة بومبيو، يمثّل حديث الساعة في واشنطن. العديد من دوائر القرار الأميركية، تطرح الكثير من الأسئلة حول الوضع اللبناني في هذه المرحلة، إلى حد أصبح يحتل عنواناً رئيسياً في المداولات الأميركية. وهذا يعني أن هناك تركيزاً على موقع لبنان في الأيام المقبلة، من الناحية السلبية وليس الإيجابية، وأن هناك خيبة أمل أميركية من مواقف المسؤولين اللبنانيين، وهذا يعني أن لبنان سيكون مقبلاً على توتر سياسي، وتصعيد في العقوبات، التي ستطال إلى جانب حزب الله، قوى أخرى.
وتشير مصادر لبنانية في واشنطن، إلى أن هناك تساؤلات عديدة حول الوضع اللبناني وحزب الله. وهذه التساؤلات تأتي في إطار تكوين موقف أميركي متكامل حيال الوضع اللبناني. قد يكون هذا الجو تهويلي فقط، ويندرج في إطار السياسة الأميركية المتّبعة. لكن أيضاً، هناك من يخشى من أن تكون هذه “التساؤلات” ممهدة لخطوات جدية من نوع آخر، وفق ما تصف المصادر اللبنانية المناخ الأميركي حيال لبنان، معتبرة أن هذا المناخ سلبي.
منير الربيع / المدن