ما “الشيفرة” المطلوبة لفتح خزنة “سيدر”؟
يجول وفد من صندوق النقد الدولي على المسؤولين اللبنانيين منذ الامس، منادياً باقرار الموازنة وبخطوات اصلاحية حقيقية، كونها “كلمة السرّ” التي ستفتح أبواب “سمسم” أموال “سيدر”. وقد تمنى رئيس البعثة الدولية كريس جارفيس بعد لقائه وزير المال علي حسن خليل، أن “يقر مجلس النواب الموازنة في أقرب وقت، والتي جرى العمل فيها لخفض العجز إلى 7.6%، مما سيساعد على تحرير الأموال التي يحتاجها لبنان من مؤتمر سيدر”. واشار خليل في المناسبة الى أن “من المفترض إنجاز تقرير صندوق النقد الدولي حول وضع لبنان النقدي والمالي قبل منتصف تموز، وهو محطة أساسية تؤثر كثيراً على تقدير الوضع واستقراره وتصنيف لبنان، لاسيما أن جميع المؤسسات الدولية رحبت بإجراءات موازنة 2019”.
لكن، وبحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، فإن المتطلّبات الدولية “اقتصاديا وماليا”، تشكّل في الواقع، جزءا فقط، من الـ”شيفرة” المطلوبة لفتح خزنة المساعدات. ذلك ان ثمة أجندة “سياسية”، على لبنان ايضا التقيّد بها وتطبيقها، للفوز بالدعم الدولي، وهي لا تقل أهمية عن النقاط الاقتصاديّة الطابَع.
فخلال الاجتماعات التحضيرية للمؤتمر الباريسي الذي عقد في نيسان 2018، ركّز المشاركون على وجوب تطبيق لبنان سياسة النأي بالنفس، فعليا وعمليا وليس بالتصريحات، ومكافحة الإرهاب بأشكاله ومصادره كافة، والتزام لبنان احترام القرارات الدولية ولا سيما الـ 1559 و1701، والعمل على حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية دون سواها وذلك بوضع استراتيجية دفاعية والإلتزام بتنفيذها. والحال، أن هذه المطالب لا ينفك الموفدون الامميون والدوليون، العرب والاجانب، الذين يزورون بيروت، يكرّرونها على مسامع المسؤولين اللبنانيين، مشددين على ضرورة الشروع في تطبيقها. وبحسب المصادر، فإن الدبلوماسيين يؤكدون ان لبنان الرسمي بنفسه، تعهّد النأي بالنفس من جهة، واطلاق حوار وطني للاتفاق على استراتيجية دفاعية، تضع حدّاً لحيازة قوى غير شرعية ترسانات اسلحة تضاهي ترسانة الجيش اللبناني. وهذا تحديدا ما قاله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون غير مرة، وقد أبلغ مساعدَ وزير الدفاع الاميركي لشؤون الأمن الدولي روبرت ستوري كاريم، في آب 2018، “عزمه على الدعوة الى حوار وطني عن الاستراتيجية الدفاعية بعدما يتم انجاز تشكيل الحكومة الجديدة”. لكن حتى الساعة، لا تزال هذه التعهّدات معلّقة وبفعل الظروف الداخلية والخارجية التي لم تسمح بعد. هذا الوضع، لا يريح الدول المانحة، تضيف المصادر. وفي رأيها، إن إنعاش النأي والحياد والانضباط تحت سقف القرارين 1559 والـ1701، باتا اليوم أكثر من اي وقت، أكثر الحاحا لدى المجتمع الدولي. ففيما المساعي الاميركية تتكثف لارساء السلام في الشرق الاوسط عبر إنهاء الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، من جهة، وتطويق نفوذ ايران من جهة ثانية، تقول المصادر ان المجتمع الدولي لا يمكن ان يرضى ببقاء حزب الله على حاله من فائض القوّة، خاصة على حدود الاراضي المحتلة. وفي هذه الخانة، تصب وساطة المبعوث الاميركي ديفيد ساترفيلد لانهاء الخلاف حول ترسيم الحدود برا وبحرا بين تل ابيب وبيروت، كونها تساعد في تثبيت قواعد الهدوء في هذه المنطقة، في وقت يُذكر ان حيزا من اتصالاته يركّز على التأكّد من ان حزب الله لا يمتلك صواريخ دقيقة في لبنان يمكن ان تتهدد الامن الاسرائيلي.
وسط هذه الاجواء، تكشف المصادر عن معلومات مفادها ان ايران أبدت امام مسؤولين دوليين استعدادا للمساعدة في تذليل “عقدة” اذرعها الخارجية ومن ضمنها حزب الله، اذا بادر الاميركيون الى تخفيف وطأة العقوبات عنها، ووافقوا على اعطائها دورا في اللعبة الاقليمية الكبرى… فهل نسمع قريبا دعوةً رئاسية الى طاولة حوار؟!