المنطقة على صفيحٍ ساخن… استنفار اسرائيلي وعملية متوقعة لحزب الله
حالة من الاستنفار والترقب تعيشها الدولة العبرية، على الحدود
الشمالية، خوفاً من تفجر التوتر الإيراني-الأميركي. فالمعطيات الأمنية لدى
تل أبيب تلمح لإمكانية قيام حزب الله بعملية عسكرية، لم تتوضح مدى
ضخامتها، لتمرير بعض الرسائل من طهران لواشنطن، على مثال ضرب السفن بالقرب
من مضيق هرمز، أو إطلاق الحوثيين للصواريخ نحو السعودية، أو إسقاط طائرة
الاستطلاع الأميركية.
حافة الهاوية
رفع الجيش الإسرائيلي
يوم الأحد 23 حزيران 2019 مستوى تأهب قواته تحسباً لمحاولة إيران توجيه
ضربة مباشرة عبر حلفائها الإقليميين. وقد قامت القيادة العسكرية
الإسرائيلية في الأيام الأخيرة باتخاذ سلسلة إجراءات لضمان استعداد قواتها
للرد على أي تطورات أو أي محاولة إيرانية لاستهداف البلاد، سواء كان ذلك من
غزة أو لبنان أو سوريا. كما حذر الرئيس الإسرائيلي، روفين ريفلين، لبنان
من الانجرار ليصبح نقطة انطلاق لشن الهجمات التي تستهدف إسرائيل.
ويبدو أن الحرس الثوري الإيراني والمرشد الأعلى علي خامنئي، توصلوا، حسب صحيفة “إسرائيل هيوم”، إلى استنتاج مفاده أن إدارة ترامب تتمتع بمستوى عالٍ من التسامح مع الاستفزازات الإيرانية، وهذا التقييم يشكل الأساس لسلسلة من الهجمات الإيرانية، التي حدثت خلال الأيام القليلة الماضية في جميع أنحاء المنطقة. والتي قد تتكرر بقيام حزب الله بفعل أمني ولو محدود ضد إسرائيل. وفي ما يبدو أنه انعكاس لتلك الحقيقة، عقدت الحكومة الإسرائيلية جلستين مؤخراً، ومُنع الوزراء من إجراء مقابلات حول الاجتماعات، واكتفى أحد المسؤولين الإسرائيليين البارزين بالقول “عندما يكون هناك توتر مع إيران، فإننا بالتأكيد يجب أن نكون مهتمين ومستعدين لأي سيناريو”.
استخدم الإيرانيون في إيصال رسائلهم، سياسة حافة الهاوية،
بشكلٍ شديد الخطورة، ما حتم على واشنطن الاختيار بين الاحتواء، الذي يمكن
أن تفسره إيران على أنه ضوء أخضر لشن مزيد من الهجمات، أو الانتقام، الذي
يبدو أن الإيرانيين واثقون بما يكفي لاستيعابه. وبالنظر إلى هذا، سيتعين
على البيت الأبيض الآن أن يقرر ما إذا كان ينبغي عليه الامتناع عن الانتقام
من التصعيد الإيراني – وهو قرار قد يكلفه من حيث الردع – أو شن ثأرٍ شديد
الدقة، يمكن أن يتحول إلى صراع أوسع، بدأت تل أبيب تتحضر له من خلال
مناورات تحاكي القتال مع الحزب.
صفيحٍ ساخن
تعيش المنطقة
على صفيحٍ ساخن، وبالرغم من تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفضه للحرب
مع إيران، إلا أن هذا لا ينفي احتمال تصاعد التوترات الأمنية. وبهذا
الخصوص يقول المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي اللفتنانت كولونيل، جوناثان
كونريكوس، لصحيفة “غلوب أند ميل” الكندية، بأن إسرائيل تعيش حالة تأهب بسبب
تصاعد نشاط حزب الله في كل من لبنان وسوريا، بعد تصاعد التوتر بين
الولايات المتحدة وإيران في منطقة الخليج، وأضاف “حزب الله يعلم أنه سيكون
من غير الحكمة مهاجمة إسرائيل. نحن نجلس اليوم على برميل بارود، ومن جهتنا
لا نسعى بالتأكيد لتصعيد الموقف”.
يؤكد كونريكوس أن أي هجوم للحزب، سيُقابل برد بقوة أكبر مما
كانت عليه الحال في حرب تموز عام 2006. ويستطرد قائلاً “نخشى أن يتم تنفيذ
ما تريده إيران عن طريق حزب الله في لبنان، وهذا أمرٌ سيحدده في النهاية
أمين عام حزب الله، حسن نصر الله. حزب الله أداة على رقعة الشطرنج
الإيرانية. لقد استخدموه في الماضي ومن الممكن أن يستخدموه مرة أخرى”.
ضربة أميركية وقائية
يعود
أساس التوتر، كما تشير صحيفة “هآرتس”، لضغط بنيامين نتنياهو على دونالد
ترامب للتخلي عن الصفقة النووية مع إيران، ما وضع واشنطن وطهران على مسار
تصادم لا مفر منه. لكن السياسة التي تُتبع اليوم قد تدفع الأمور لأن تخرج
عن السيطرة، وهذا ما تجلى بدعوة مستشار الأمن القومي السابق ياكوف أمدرور
إلى ضربة أميركية وقائية قوية ضد المنشآت الإيرانية، بما في ذلك، بنيتها
التحتية النووية.
تشير “هآرتس” بأن العديد من المسؤولين الإسرائيليين المقربين من نتنياهو، يتفقون مع أمدرور شريطة أن يتلقوا ضمانات صارمة بوجود ضربة أميركية مدمرة تحسم الأمور. لقد تفادى نتنياهو والمقربون منه إعداد الجمهور لاحتمال أن تستتبع الحملة ضد إيران انتقاماً من حزب الله، لكن هذه الثقة المفرطة مستمدة من شعور زائف بالأمان، أو تعتمد على تحليلات الخبراء بأن الحزب لن يجرؤ على المخاطرة بوضعه المتميز في لبنان.
إذا فشل أمين عام حزب الله، في عصيان أمر طهران “بالموت مع الفلسطينيين”، فيمكن لحزبه، حسب “هآرتس”، أن يفرض حملة عسكرية قاسية على إسرائيل. في أسوأ الحالات، يمكن أن يطلق الحزب آلاف الصواريخ والقذائف الموجهة على الأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية ومراكز السكان المدنيين. يحمل العديد من هذه الصواريخ رأس حربي يزن 500 كيلوغرام، قادرة على تسوية شوارع المدن الإسرائيلية بالأرض وقتل أي شخص على مسافة 100 متر. وتخلص الصحيفة بالقول، إن فكرة التدمير والخسارة التي يمكن أن يحدثها أحد هذه الصواريخ، تجعل هجمات حماس الصاروخية في الجنوب تبدو وكأنها لعبة للأطفال.
القمة الثلاثية
تتزامن هذه التطورات مع عقد القمة الأميركية – الروسية – الإسرائيلية، والتي تستغلها إسرائيل للتوصل إلى حلٍ يزيل خطر الحزب وإيران من سوريا بعد انتهاء الحرب، ولإثبات قدرتها الدبلوماسية على جمع واشنطن وموسكو. تمثل هذه القمة، وفق الرؤية الإسرائيلية، فرصة حقيقية لتجنيد الروس بطريقة أكثر جدية في محاولة لكبح نفوذ إيران المتزايد في المنطقة. لكن القلق الإسرائيلي يكمن في الثمن الذي سيطلبه الكرملين وما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لدفعه. فالروس سيحاولون إبرام صفقة سورية مقابل أوكرانيا، عبر زيادة القيود الروسية على إيران والحزب في سوريا، مقابل تخفيف العقوبات التي فرضتها الدول الأوروبية بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم.
المدن