حدد الصفحة

ندوة لأصدقاء كمال جنبلاط عن الدولة المدنية بحضور جنبلاط

ندوة لأصدقاء كمال جنبلاط عن الدولة المدنية بحضور جنبلاط

نظمت “رابطة اصدقاء كمال جنبلاط” بعد ظهر اليوم، في مقر الرابطة في كليمنصو، ندوة بعنوان “الدولة المدنية العلمانية”، تحدث خلالها الوزراء السابقون: ابراهيم نجار، بطرس حرب ورشيد درباس، في حضور: الرئيس فؤاد السنيورة، رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” النائب السابق وليد جنبلاط، الوزراء السابقون: بهيج طبارة، كرم كرم، خالد قباني ونقولا نحاس، النائب مروان حمادة، النواب السابقون: انطوان سعد، محمد قباني وناصر نصر الله، السفيران سمير كبارك وحسان برو، رئيس الرابطة عباس خلف، الى جانب عدد من اعضاء الرابطة، وشخصيات سياسية وحزبية ودينية واجتماعية وفكرية.

حرب
بعد النشيد الوطني وكلمة مديرة الندوة غادة جنبلاط، تحدث حرب فسأل: “ما هي الأسباب والعوائق التي حالت دون تحقيق تحويل لبنان إلى جمهورية ديمقراطية برلمانية؟”.

أضاف: “لا بد، قبل الإجابة على هذا السؤال، من العودة قليلا إلى الماضي للاضاءة على جذور مشكلة الانتماء الطائفي المذهبي وتقدمه على الانتماء الوطني. فبالعودة إلى التاريخ يتبين لنا العوامل التي أدت إلى قيام دولة لبنان التي نعرفها. وقبل قيام الدول بمفهومها الحديث، تحول جبل لبنان إلى موئل للأقليات المضطهدة، كما وأصبح الساحل اللبناني عموما موطنا لمن كلف بصد هجمات الطامعين، ما أنتج مجتمعا مختلطا من مختلف المشارب والطوائف والمذاهب، مجموعات اضطرت للتعايش مع بعضها، مع بقاء معظمها مرتبطا بقوى خارجية تعتبرها ضامنة لحقوقها وأمنها وسلامها”.

وقال حرب: “من مراجعة المراحل التاريخية يتبين أن مكونات المجتمع اللبناني كانت تتنافس على السلطة، وتتأثر دوما بصراع القوى الخارجية وتتفاعل معها، وهو ما يفسر معظم الصراعات والأحداث التي مرت على لبنان عبر تاريخه. والكل يعلم أن (كذبة) الخلاف على لعبة بين درزي ومسيحي، لم تكن إلا لتغطية الأسباب الحقيقية للصراعات التي ارتدت الطابع الطائفي والمذهبي. ففي القرن التاسع عشر مثلا، وفي إطار الصراع على السلطة، قرر الأمراء الشهابيون، بغية حماية دورهم وحكمهم، اعتناق المسيحية والاستفادة من المسيحيين في الجبل لدعم وجودهم واستمرارهم في السلطة، في وجه الزعامات الدرزية القوية والمنافسة لهم، وهو ما خلق مناخ المواجهة بين الطائفة الدرزية والطوائف المسيحية، وبالتالي أجج الصراعات الطائفية، وأسس للمذابح المخجلة التي تبعتها، وهو ما أدى إلى خلق نظام حماية الأقليات الطائفية من الدول العظمى”.

وتابع: “حلت الحرب العالمية الأولى، واتفاق سايكس بيكو الذي قسم منطقة الشرق الأوسط إلى دول، ووزع نفوذ الدول الحليفة عليها، فتحول كيان لبنان التاريخي والجغرافي إلى دولة وضعت تحت الانتداب الفرنسي. لم ينقض وقت طويل حتى توافق اللبنانيون على إنهاء الانتداب وتحقيق الاستقلال، ما وضعهم، بمختلف مشاربهم وطوائفهم ومذاهبهم، أمام استحقاق أي دولة يريدون؟ وأي نظام يعتمدون؟ لكي يحفظ وجودهم وحرياتهم ومعتقداتهم وخصائصهم ومصالحهم السياسية المتضاربة. وكان اللبنانيون منقسمين بين فئة، أكثريتها من المسلمين، تعتبر محيطها العربي، بأكثريته الساحقة الإسلامية، وطنها الطبيعي التاريخي، وفئة، أكثريتها من المسيحيين، تخشى على وجودها وحرية معتقدها ودورها ومستقبلها في المحيط العربي الإسلامي، تعتبر أن حماية وجودها ومعتقداتها لا تتحقق إلا في إطار دولة مستقلة ذات سيادة وطنية على كامل أرضها”.

وقال: “بعد تجاذبات سياسية وطائفية خلال مرحلة الانتداب، انطلقت حركة وطنية تدعو إلى قيام دولة مستقلة ذات وجه عربي، قادتها آنذاك شخصيتان تاريخيتان هما بشارة الخوري ورياض الصلح، تمكنت، بدعم شعبي كبير، من فرض إعلان دولة لبنان المستقلة وانتهاء الانتداب الفرنسي عليها. إلا أن حماسة الاستقلاليين واستعجالهم في إنجاز الاستقلال، لم تفسح لهم المجال للبحث في صيغة الحكم والمشاركة في السلطة، إذ اجتمع مجلس النواب وقرر إلغاء كل المواد التي تنص على الانتداب من دون التطرق إلى أي مادة أخرى. انطلق عهد الاستقلال وانطلقت معه المطالبات بالمشاركة في السلطة من المسلمين، وما فاقم الأمر فشل المسؤولين في بناء دولة المؤسسات والقانون وتلطي معظم مسؤوليها وراء طوائفهم، وتراكم المشكلات السياسية والإقليمية، وتضارب وجهات نظر اللبنانيين، المختلفي الانتماءات الطائفية، عن سبل مواكبة الأزمات، ما طبعها في معظم مراحلها بالمواجهات الطائفية، وفرز القوى السياسية على أساس طائفي، أكثر منها على أساس عقائدي ومبدئي. فانقسم اللبنانيون حول الصلاحيات والمراكز الأساسية في الإدارات، على رغم اتفاقهم على تقليد توزيع رئاسة السلطات بين ماروني لرئاسة الجمهورية وشيعي لرئاسة السلطة التشريعية وسني لرئاسة الحكومة”.

أضاف: “على رغم أن نص الدستور كان يمنح مثلا رئيس الجمهورية صلاحيات تفوق صلاحيات رؤساء الأنظمة الرئاسية، كتعيين الوزراء وتسمية أحدهم رئيسا، وصلاحية إقالتهم ساعة يشاء، فلقد تم اعتماد تقاليد دستورية تخالف نصوص الدستور، كإجراء استشارات نيابية قبل تسمية رئيس الحكومة، وإصدار مراسيم تشكيل الحكومة بتوقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف… لتخفيف حجم صلاحيات رئيس الجمهورية المحددة في الدستور، الذي أشرف الفرنسيون على وضعه عام 1926، بما يخدم مصالحهم ويعزز دور المسيحيين المتعاطفين تاريخيا معهم. إلا أن ذلك لم يحل دون استمرار الشكوى لدى المسلمين ومطالبتهم بمشاركة أكبر في السلطة، ما دفع لبنان إلى سلسلة من الأزمات التي كرست الاصطفافات الطائفية والمذهبية وزادتها عمقا، وأدى إلى اندلاع الأحداث المؤلمة التي عاشها اللبنانيون. هذا مع العلم أن أسباب هذا الصراع على السلطة لم تنحصر في ما ذكرت أعلاه، بل تتجاوزه إلى عناصر عدة أخرى، لن أدخل في تفاصيلها إحتراما للوقت الممنوح لي، ولتفادي إغراق موضوع المحور المطلوب إلي بحثه في مواضيع أوسع”.

وتابع: “في الخلاصة، بدلا من أن تتم معالجة إشكالية الطائفية الاجتماعية والسياسية، التي (اعتمدت بصورة موقتة والتماسا للعدل والوفاق بتمثيل الطوائف بصورة عادلة في الوظائف العامة وبتشكيل الوزارة من دون أن يؤول ذلك إلى الاضرار بالمصلحة العامة)، كما نصت عليه المادة /95/ القديمة، تفاقمت المشكلة، وتحولت إلى صراع مستمر بين الطوائف والمذاهب، ما ساهم في إطلاق الثورات والأزمات وفي اندلاع أحداث 1975 المؤلمة وفي تدخل العدو الإسرائيلي لتأجيج الصراعات، إضافة إلى اعتماد الدول العربية لبنان كساحة لصراعاتهم، ما سهل احتلال إسرائيل للبنان ووضع يد سوريا على لبنان بمباركة دولية”.

وأردف: “استفحلت الأحداث، ففاقت كل المعايير، ووضعت لبنان وشعبه في عين عاصفة هوجاء، هددت وجود الدولة ووحدة شعبها ومؤسساتها، وهجرت قسما كبيرا من شعبها، هربا من الاقتتال والتدمير، وتفتيشا عن أمن واستقرار. فكانت وثيقة الوفاق الوطني التي أقرت في الطائف، والتي وضعت حدا للاقتتال وأوقفت تدمير البلاد، والتي أدخلت تعديلات على الدستور حسمت معظم مواضيع الخلاف، وجسدت الممارسة التي كانت تتعارض مع أحكام الدستور القديم في نصوص دستورية واضحة، كما فتحت نافذة أمل على تطوير مجتمعنا السياسي والسير به نحو العلمنة وإلغاء الطائفية. إلا أن من المؤسف، أن التطورات الإقليمية والدولية أطاحت بالاتفاق الوطني وأعادت تسليم لبنان إلى سوريا، التي اعتمدت سياسة الوصاية الكاملة على سير النظام، فشوهت الاتفاق وعطلت المسار الطبيعي للاصلاحات، وكرست وجود الإقطاعات الطائفية والمذهبية، ونصبت أمراء عليها يدينون لها بالولاء والطاعة، إما بداعي إسترضاء من نصبهم في مواقعهم حفاظا عليها، أو بداعي الاستفادة سياسيا وماديا من الواقع، أو بداعي الخوف من التصفية السياسية أو الجسدية، وقد صفت من حاول مواجهتها (كالشهيد كمال جنبلاط) أو من حاول الحد من تماديها (كالشهيد الحريري والشهداء الكثر الذين تبعوه)”.

وقال حرب: “لقد شاءت الصدف أيضا التقاء المصالح الإقليمية والدولية مع تعزيز التطرف الديني والمذهبي ودعم أحزاب تقوم عقيدتها على الدين أو المذهب، وتحولت البيئة الاجتماعية والسياسية اللبنانية، من بيئة منفتحة على التطور والخروج من الانتماءات المذهبية إلى الانتماء الوطني، إلى بيئات منقسمة على بعضها البعض، معادية لبعضها البعض، حاقدة ومتوجسة من بعضها البعض، وبخاصة في ظل أحزاب دينية مسلحة مدعومة من الخارج، تدين بالولاء لأمتها الخاصة، المتناقضة مع ولائها المفترض للكيان اللبناني المستقل، ما قسم لبنان إلى فيدراليات مذهبية، لكل منها عقيدتها وجيشها أو ميليشيتها وقيادتها وقوتها، كل ذلك في إطار دولة عشش فيها الفساد والمحسوبيات والصراعات على المكاسب والمناصب، دولة قائمة على الورق، عاجزة عن تسيير الأمور، يكتفي أمراء المذاهب والأحزاب ذات الطابع الديني فيها ببهرجة السلطة الوهمية الموزعة عليهم وبتقاسم المغانم غير الشرعية على أعضائها”.

أضاف: “والأخطر من كل ذلك، وبعد ما تكرست ملكية كل مذهب لمواقعه في الدولة، انحصر قرار ملئها بالمذهب وبالقيمين عليه، بحيث لم يعد يستطيع مسيحي إبداء رأيه في تعيين أي مسؤول غير مسيحي، ولم يعد للمسلم أي حق في إبداء رأيه في تعيين مسؤول غير مسلم، بل أكثر من ذلك، لم يعد لرئيس الجمهورية والوزراء المسيحيين حق في المشاركة في تعيين مسؤول غير مسيحي، ولم يعد لرئيس مجلس الوزراء المسلم السني رأي في تعيين مسؤول شيعي أو مسيحي، ولرئيس مجلس النواب الشيعي والوزراء الشيعة رأي في تعيين مسؤول سني أو مسيحي، ولم يعد لهم اختيار مسؤول درزي، وانحصرت كل الصلاحيات، المنوطة دستوريا بالمؤسسات الدستورية، في رؤساء الأحزاب الطائفية عامة والمسؤولين في المذهب المعني لوحده، واقتصر دور السلطات الدستورية على المصادقة على ما يقررون عنها. فتحولت انتماءات اللبنانيين من الوطن إلى المذهب وزعمائه، وسقط الانتماء الوطني، وسقطت المواطنية معه، وتحول المواطن من صاحب حق، يناله بجدارته وكفايته، إلى متسول على أبواب الزعماء والمذاهب التي ينتمي إليها، وبالتالي إلى مرتهن لهم، لأنهم يملكون حق التعيين والإقالة ساعة يريدون”.

وتابع: “أصبحت الأحزاب السياسية أحزابا مذهبية أو طائفية، وندرت الأحزاب التي لا تحمل هويتها الطائفية أو إنتماء محازبيها لمذهب معين. فحزب الله مثلا هو حزب الطائفة الشيعية، التي تؤمن بولاية الفقيه، وأمل حزب الشيعة الآخرين، وأصبح حزب السلطة اليوم حزب استعادة الحقوق المسيحية المسلوبة من المسلمين والمزايدة على المسيحيين الآخرين، كما واستمر حزب القوات اللبنانية حزبا للمسيحيين أيضا، وأصبح تيار المستقبل ممثلا للسنة والحزب الاشتراكي ممثلا للدروز الخ… وبالخلاصة سقطت الأحزاب الوطنية وحل محلها الأحزاب المذهبية”.

وأردف: “في الخلاصة تبخر حلم اللبنانيين في إلغاء الطائفية في خضم الصراعات على المكاسب والمغانم والزعامات، وباتت الحياة السياسية سوق عكاظ للمزايدة في حفظ حقوق الطوائف والمذاهب. والخطير ما تم الاتفاق عليه بين الأحزاب والمذاهب، وبكل أسف بتغطية من المرجعيات الدينية، من أن الأقوى في مذهبه هو من يجب أن يمثلها في السلطة ولو كان مرفوضا من الطوائف الأخرى، ما كرس صراع ديوك الطوائف والمذاهب على كسب تأييد أبناء مذهبهم من خلال إثارة النعرات الطائفية ونبش القبور ورفض إتفاق الطائف والمطالبة بتعديله، بحجة إضعافه لهذه الطائفة، أو عدم ملاءمته للنسب العددية بين الطوائف، وطرح معادلات جديدة نقيضة للأسس التي قام عليها الاتفاق الوطني، متناسين الأسباب والظروف المأساوية التي دفعت إلى تعديل الدستور، أو غير آبهين إذا تكررت”.

وقال: “في الخلاصة لم يعد إلغاء الطائفية هدفا وطنيا أساسيا يجب العمل على تحقيقه، بل على العكس من ذلك، تحولت الجهود في اتجاه تعزيز دور كل مذهب في السلطة، واستعملت بعض الأحزاب والقوى السياسية المذهبية السلاح والقوة لفرض رأيها وتعزيز موقعها في السلطة، وأصبحت السلطة مجموعة سلطات لا يجمع أفرادها إلا المصالح والصفقات والمزايدات. ونسي الجميع ما تم الاتفاق عليه في وثيقة الوفاق الوطني، وتم تعطيل بعض المبادرات اليتيمة التي انطلقت، كمشروع الزواج المدني الاختياري الذي، على رغم إقراره في مجلس الوزراء بأكثرية 21 وزيرا، لم ير النور لتمنع رئيس الحكومة آنذاك عن توقيعه، ما دفع رئيس الجمهورية إلى توجيه رسالة إلى مجلس النواب عام 1998، يحض فيها على الشروع في تأليف الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، فلم تلق رسالته أي اهتمام أو تعقيب، حتى من الكتل التي ينتمي إليها الوزراء الذين وافقوا على المشروع”.

وأضاف: “من هنا جوابي عن السؤال المحوري، كيف يمكن تحويل لبنان إلى جمهورية ديمقراطية برلمانية، في ظل طبقة سياسية ينحصر همها في المحافظة على وجودها وفي زيادة نفوذها وثرواتها، وفي الهيمنة على مراكز النفوذ في القضاء والإدارات والمؤسسات العامة، وبالنتيجة في تحقيق مصالحها السياسية الشخصية، ولو على حساب مصلحة لبنان والإنسان اللبناني. ففي عالم السياسة، يفترض بالمسؤول العمل على تحسين ظروف حياة مواطنيه، وأن يضحي بكل مصالحه الخاصة من أجل ذلك هذه هي القاعدة، أما في لبنان، فإن المسؤولين عامة، لكي لا أظلم أحدا، يعملون لتحسين ظروفهم الشخصية ولو على حساب المواطنين والدولة. فكيف ننجز إصلاحا وتنفيذا لما تم الاتفاق عليه لجهة إلغاء الطائفية السياسية، مرورا بإلغاء الطائفية من نفوس المواطنين وبتحريرهم من الانتماءات المذهبية والطائفية، ما دام ثمة تحالف بين رجال الدين، الذين لم يعودوا رجال دين، بل أصبحوا رجال دنيا وسياسة ودين، وبين طبقة سياسية مستفيدة من الانقسام المذهبي والطائفي، تتقاسم المغانم والمكاسب وتكدس الثروات على حساب الوطن؟ وقد ترجم هذا المنحى في توافق هذا التحالف على أسوأ قانون انتخابي، لكي يستطيع كل مذهب فرض ممثليه ليتواجه مع ممثلي الطوائف والمذاهب الأخرى. كيف يمكن بناء دولة يتواجه أبناؤها بدلا من أن يتعاونوا لتحقيق دولتهم السيدة ونظامهم الديمقراطي البرلماني”.

وتابع: “أنظروا إلى مجلس النواب وتشكيلته لتدركوا أين أصبح لبنان. فالمجلس مختصر بزعماء الطوائف والمذاهب، والسادة النواب عامة يترجمون توجهات هؤلاء الزعماء وينفذون رغباتهم. لم يعد للنواب الأحرار المستقلين وجود عملي في المجلس إلا ما يندر، نواب يقررون ما يقتنعون به ويخالفون ما لا يؤمنون به، وقد وضع قانون الانتخاب لتحقيق هذه الغاية ونجحوا في ذلك، نعم نجحوا في تدجين المؤسسات الدستورية، فأصبحت أداة طيعة في يدهم. وإن سمعنا بعض المواقف المنسجمة مع تطلعات المواطنين، وهي مواقف تدعونا إلى احترام أصحابها، إلا إنها مواقف وأصوات في البرية، لا فعالية لها في مجرى القرارات السياسية. فالمشكلة الحقيقية تكمن في من يتولى الأحكام وفي عدم توافر الإرادة والتصميم لديهم وعدم اقتناعهم بوجوب السعي الجدي إلى بلوغ الدولة العلمانية، كما وتكمن في قبول المواطنين بذلك وسكوتهم، إذ متى تولى الأحكام رجال صالحون صادقون مثقفون مؤمنون بوطنهم، وساعون إلى تطوير دولتهم ومتى استرد المواطنون دورهم في محاسبة المسؤولين، لن يبقى عائق أمام النجاح”.

وأردف: “اسمحوا لي في ختام مداخلتي أن أؤكد لكم، أن القيمين على الأمور إذا لم يتغيروا، أو يبدلوا ما في أنفسهم، وإذا لم يتخلوا عن سياساتهم الفئوية ومصالحهم الشخصية، ويقتنعوا بأهمية قيام دولة العدالة والمساواة، وإذا لم نسع إلى إسقاط دويلات الطوائف والمذاهب والمصالح، فلا حياة للبنان ولا مستقبل للمواطن اللبناني. فالعودة إلى الطريق القويم تبدأ عند المواطن المذعن المستسلم القابل والساكت، فيوم يستفيق هذا المواطن من سباته، ويوم يجتمع أصحاب المبادىء والهمم ويصمموا على المواجهة، يومها يعود الأمل بانبعاث دولة الإنسان الحر في لبنان، الدولة المدنية العلمانية والنظام الديمقراطي البرلماني الذي يحترم الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، والذي يحقق العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين من دون تمايز أو تفضيل. فخلاصنا يبدأ يوم يتقدم ولاء اللبنانيين لوطنهم على ولائهم لمذاهبهم وطوائفهم وزعمائهم وحاجاتهم الخاصة”.

وختم: “الحل في تحرير إرادة المواطن اللبناني وعدم التغني والاكتفاء بتحرير الأرض، لأن لا سيادة لدولة يقبل مواطنوها بالعبودية، فالغاية الأسمى ليس الدولة أو النظام، الغاية الأسمى هي سعادة الإنسان وحريته”.

نجار
واعتبر نجار من جهته، أن “إقامة دولة العدالة والمواطنة في لبنان هو حلم كبير يحتاج الى الكثير الكثير”. ورأى ان “الصعوبة في الموضوع ان كل ما يتصل بالاحوال الشخصية في لبنان مدخل لاشكاليات متعددة، وان ما من طرح يمكن طرحه هنا الا ستقوم كل الاراء لتتناقض حوله”.

وقال إن “فكرة الاحوال الشخصية نشأت بعد سقوط بيزنطيته ودخول محمد الفاتح وتأسيس الامبراطورية العثمانية، وعقد نظام الاوضاع الخاصة للطوائف غير الاسلامية، لكنها المؤمنة بإله واحد، فمنحت امتيازات دينية لدى المحاكم التي يمكن ان تنظر بالقضايا الدينية المتعلقة بالشؤون غير الاسلامية كمية كبيرة من حقل التحرك في كل ما يمس بالدين والعبادة والولادة والزواج وغير ذلك”.

وأضاف: “عندما سقطت الامبراطورية العثمانية باردت الطوائف غير السنية في لبنان الى المطالبة بالاعتناق من طوق الشرع الحنفي عليها، بدءا من الطائفة الدرزية ومن ثم الشيعية فالمسيحية”.

واشار الى ان “فكرة الاحوال الشخصية هي لتجذير فكرة الحريات لتتعايش مع الاديان الاسلامية. لذلك وجد لبنان ايام الانتداب الفرنسي وكأنه فيدرالية طوائف”.

وشدد على “تحديد الطوائف من دون زيادة ولا نقصان، فلا يمكن أحدا مثلا ان يبتلع طائفته”.

وقال: “صدرت في الجريدة الرسمية اللبنانية انظمة تلك الطوائف، وأخيرا صدرت انظمة جديدة للطوائف القبطية والعلوية واصبح عددها 18”.

واعتبر ان “تجاوز نظام الطائفية والمذهبية والتعددية الدينية يؤلف في ذاته مشكلة كبيرة جدا، ومنها موضوع الزواج المدني واقراره”، معتبرا ان “من المواضيع الذي تشكل رافعة للضغط على الرأي العام والسلطة السياسية من اجل ايجاد طائفة جديدة هي طائفة لا تنتمي بالضرورة الى هذا المذهب او ذاك”.

وتابع: “أثبتت الاحصاءات منذ 1973 حتى اليوم، ان عدد الزيجات المختلطة التي عقدت في قبرص وتركيا وفرنسا وكندا واستراليا واميركا، انتج اولادا يصل عددهم الى ما يقارب 400 الف ولد ناتج عن زواج مختلط، وأما بين لبناني واجنبية او مذاهب لبنانية متعددة، بحيث ان هذه الاعداد باتت تشكل طائفة في حد ذاتها”.

وسأل: “الا يجدر بتلك الطائفة ان تختار لها نظاما؟”.

وأضاف: “ترفض الطوائف الاسلامية بصورة خاصة واستطرادا الطوائف غير الاسلامية الزواج المدني، ولكن تقبل به من قبيل الضرورات تبيح المحظورات، عندما يتم القران مثلا في قبرص او غيرها”.

ولفت الى ان “عندما يتزوج سني من شيعية في لبنان لا يتغير شيء في موضوع المواريث والهبات والوصايا، فيبقى السني سنيا والشيعية شيعية، على رغم قيام الزواج المدني، لكن ما يتغير مفاعيل الزواج كالحضانة والاصطحاب والنفقية، وهذا لا يعدل في ما يسمى الايمانيات، بل يعدل فقط في المعاملات”.

ورأى أن “حرية الزواج المختلط مكرس في يالدستور، ويجب ان يعطى الزوجان حرية اختيار النظام المطبق على مفاعيل الزواج، من دون المساس بكل ما يتصل بالارث والوصايا والهبات”، معتبرا ان “هذا من الوسائل التي يمكن ان نتلمسها لإبتداع ليس نظاما جديد للاحوال الشخصية، لانه سيحارب من اصحاب السماحة او الغبطة، انما فقط مفاعيل هذا الزواج ستكون مقتصرة على ما سيتم الاتفاق عليه لحريته وتطبيق مفاعيل الزواج المدنية امام المحاكم المدنية”.

واعتبر ان “نظام الاحوال الشخصية الذي كان مدخلا للطائفية السياسية والتعددية الطائفية، واليوم للشعبوية المسيحية، وقد دخلت الطوائفية واصبحت مرادفة للعددية وهذا خطأ كبير، لانه عندما يقول البعض اننا اوقفنا العد فهذا لا يعني ايقاف التعدد الذي هو نقيض الطائفية والاستئثار”.

ودعا إلى إقرار نظام لطائفة جديدة ليس لديها ما يناقض الاحوال الشخصية الاسلامية والميسحية، ولكن تقوم على حرية الاختيار فقط في ما يتعلق بمفاعيل الزواج، وعندها نحقق قدرا كبيرا من مقاربة الدولة العلمانية”.

وفي موضوع قانون الانتخابات، رأى ان “القانون الاخير امعن في تجذير الطائفية وهو قانون بغيض ومعرض للنسف، وسيحكم عليناالتاريخ بأننا اقرينا اصواتنا تفضيلية لاننا لم نقر ما يسمى بالقانون الارثوذوكسي”.

وشدد: “يصح للمسلم ان يختار وينتخبه المسيحي والعكس صحيح، والا فكيف اننا شعب واحد ودولة واحدة ومواطنة واحدة؟”، معتبرا ان “النسبية هي تكريس للعددية وليس للتعددية”.

وقال: “ثمة خصوصيات كما في الشوف وجبل لبنان، لكن لا يعني هذا ان نتوقف عند هذا الحد، وقانون الانتخاب هو الرافعة التي يجب ان نتوسلها لولوج منطق الدولة المدنية، الى جانب الثقافة والعلم والانفتاح، وهذا يحتاج الى مناخ من الحريات التي بدأت تتقلص شيئا فشيئا، لان لا معنى للبنان وللدين من دون حريات”.

درباس
وقال درباس بدوره: “قلت في احدى المناسبات: يؤلمني انني عشت أطول مما ينبغي، اذ يصعب الى الشخص الواحد ان يفتح عينيه على أمل عريض، ويغمضها على يأس مريض يورثه الابناء والحفدة”.

وأضاف: “يصعب الى الانسان ان يلتقي من القرن التاسع عشر وعد النهضة، ويشهد على تسليم الاجيال، في غرة القرن الواحد وعشرين، هذا الانحدار المشين. ويصعب علينا كلنا، ان نحتفي يمئوية لبنان الكبير بالوقوف عند مأساة التسلط العثماني وسفر برلك، ونغفل الاحتفال باعلان جولة يحكمها الدستور والقوانين الوضعية والمحاكم المدنية، فتتداول فيها ويدور النظام في فلك الشكل الديمقراطي الوارد من الانتداب، وتخرج من السنجق والابالة والولاية والخلافة الى الجمهورية على رغم عدم تمتعها بالاستقلال”.

وتابع: “في العام 1959 قال كمال جنبلاط: (كان في الامكان الافادة من هذه الازمات وما يعقبها من ورح وطنية معنوية، للانطلاق بلبنان في اتجاه تحقيق فكرة مدنية الدولة وعلمانيتها)، وها نحن بعد ستين عاما نجتمع حول القضية نفسها، وقد آلت الى تدهور بدلا من التطور، كأن ذلك الزمان حيال ما نحن فيه، جنة ديمقراطية، اذ كان الطائفي المتعصب يخجل من اعلان طائفيته، وكانت لغة الميثاق موضع خفر الساسة وتأدبهم، فلا يجهر احد منهم بها علانية”.

وقال: “بما ان لكل حلاوة مرارتها، فان الوجه الآخر للديمقراطية اللبنانية هو توازن الطوائف ميدانيا حساسا، يترواح بين السخونة والبرودة بحسب تطورات الاوضاع الاقليمية والدولية. ففي بعض الاحيان كانت تحن طائفة الى نجدة ما خارجية، علها تعدل ميزان القوى، الذي بقي بالرغم من كل شيء متوازنا، بفعل عوامل أهمها حكمة بعض القادة السياسيين الذين لا ينكر لهم فضل ولا حنكة ولا وطنية، لانهم من مواقعهم التمثيلية الطائفية، كانوا يحكمون الامساك بالخيوط وادارة الامور ولو على حافة الهاوية”.

وأردف: “كانت الدولة اللبنانية اذا، قادرة على امتصاص الهزات الاقليمية المحدودة، وكان اقتصادها ينشط كثيرا بفعل التقلبات والانقلابات العربية، كما كانت في كثير من الاحيان تقوم بادوار الوساطة والتفاهم في اطار جامعة الدول العربية، الى ان حدث الزلزال الذي ضرب العرب والمنطقة، والذي ما زلنا نعيش في ارتدادته، اعني هزيمة 1967 التي غيرت المعادلات، واستباحت الحدود، فايقن الوجدان العربي بضرورة تغيير وسائل الصراع مع اسرائيل. وكان تأييد جامح لفكرة حرب الشعب والمقاومة، من خلال النموذج الفيتنامي الذي استطاع بوسائله البدائية هزم الالة العسكرية الاميركية الجبارة. هكذا دخلت المقاومة الى لبنان، وكل يراها بعين طائفته، فكانت لفريق رافعة، ولاخر اخلالا بالتوازن. ومع تطور الاحداث فقد الاتزان تماما وكان الانقسام شنيعا واجراميا، واستقل كل في دويلته، لكن احدا من اولئك المتصارعين لم يستطع أن يخرج من عباءة الدولة التي بقيت حاجة لا بد منها، ورئيسا لا يمكن فرضه من خارج الاطار البرلماني، وحكومة امر واقع تنجز مراسيمها بواسطة الدراجين ونقد موحد، وكان هذا في حد ذاته مؤشرا على استحالة التقسيم وفشل التجزئة”.

وقال: “يقتضي الانصاف ان ننوه بصمود تلك الدولة المستباحة وبايمان اهلها بها، بدليل ما استطاعه المجلس النيابي الممد له من وضع وثيقة كانت لها دلالاتها المهمة وهي:

– اولا: ان احدا لا يستطيع ان يبتكر حلا خارج الاطر الدستورية.
– ثانيا: ان نواب لبنان على اختلاف مناطقهم وطوائفهم، لم يعلقوا اسباب الحرب الاهلية على المشاجب الخارجية وحسب، بل واستطاعوا سبر اعماق الخلاف الداخلي ورتبوا برنامجا عاقلا لعلاجه.
– ثالثا: استطاعوا حسم بعض الامور الجوهرية واتفقوا على جعلها من صلب الدستور.
– رابعا: ان الدستور لم يطبق تطبيقا نزيها، والا لكنا الان في برزخ آخر.

وفي الختام فتح باب النقاش مع الحضور.

المنظر لحالو بيحكي! مطعم و كافيه قدموس كاسكادا مول تعنايل للحجز 81115115 ‏ Our Online Menu: https://menu.omegasoftware.ca/cadmus Website: www.cadmus-lb.com #Restaurant #Cafe #Lakeside #CascadaMall ‏#5Stars #Lebanon #International #Fusion #Cuisine ‏#Royal #Zahle #SendYourSelfie #Halal #Mediterranean ‏#Lebanesefood #holiday #cadmusrestocafe #food #foodphotoghrafy #delicious #ribs #family #isocertificate #lebanese #yummy #tasty #Cadmus #waffles #wings

 

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com