مَن أنقذ الليرة قبل أن يبتلعها الدولار؟
على رغم إعتبار البعض أن الحراك الشعبي الذي شهدته بعض الساحات في بيروت والمناطق يوم الأحد الشعبي لم يحقق كل أهدافه، هذا إذا أقرينا أن لا أهداف سياسية تقف وراءه، ولكن، ووفق بعض الذين كانوا وراء التحرّك، فإنه حرّك المياه الراكدة في برك المماطلة والتسويف وتأجيل الحلول، وساهم ولو من بعيد وفي شكل غير مباشر في تسريع المعالجات، التي لم ترقَ، بشهادة المقربين قبل الأبعدين، إلى المستوى المطلوب، بدليل أن ما يقارب الشهر قد مضى على اللقاء الحواري، الذي عقد في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي قدّم ورقة إصلاحية، أجمع المعنيون على أنها وصفت الدواء الشافي للداء المستعصي.
وفي رأي بعض الخبراء أن ما تم الإتفاق عليه المجتمعون في بعبدا، وهم يمثلون مختلف شرائح المجتمع، يشكّل بداية صحيحة للسير بالإصلاحات المطلوبة دوليًا من لبنان لكي يُفرج عن مشاريع “سيدر“.
ويعتقد بعض الخبراء الإقتصاديين أن الحكومة لم تأخذ هذه الورقة على محمل الجد، ولو فعلت لكان الوضع مختلفًا عمّا هو عليه اليوم، ولما كانت الساحات قد شهدت مثل هذا التحرك.
وفي تبرير لعدم بدء الحكومة بدرس ما تم الإتفاق عليه وتشكيل هيئة طوارئ إقتصادية، تقول مصادر مطلعة إن الحكومة لن تألو جهدًا من اجل ترجمة الورقة الإقتصادية على أرض الواقع، وذلك فور الإنتهاء من دراسة موازنة العام ٢٠٢٠، وهي جزء مكمّل لورقة بعبدا، إذ لا يمكن السير بأي إصلاحات جدّية قبل تحويل الموازنة على مجلس النواب، وقبل الإنتهاء من المناقشات في اللجان الوزارية، وبالأخص بالنسبة إلى ملف الكهرباء، الذي يوازي بأهميته أي موضوع إصلاحي آخر، إن لم يكن الإصلاح كله.
إلا أن هذا الكلام يبقى، في نظر كثيرين من المتابعين، شيكًا من دون رصيد، لأن المطلوب من الحكومة إقناع أصحاب القرار المتعلق بمشاريع “سيدر” قبل إقناع اللبنانيين، الذين لم يعودوا يثقون بما تقدم عليه الحكومة، وهم باتوا ينفخون على اللبن لأنهم إكتووا بما فيه الكفاية من الحليب الشديد السخونة، وهم غير مستعدين لأن يلدغوا من الجحر مرتين وثلاثًا وأربعة، بإعتبار أن من جرّب المجرّب كان عقله مخرَّبًا، و”لو بدّا تشتي كانت غيّمت”.
ولكن وإستنادًا إلى التجارب السابقة فإن تحريك الشارع لم يؤدِ في الماضي ولن يؤدي مستقبلًا إلى دفع السلطة على الإقدام على خطوات غير عادية في هذه الظروف غير العادية أيضًا، التي تتطلب إجراءات سريعة وجريئة على مستوى وقف التدهور الإنحداري الي تعيشه البلاد منذ فترة غير قصيرة من دون التحجج بأن “العين بصيرة واليد قصيرة.
وتبقى الأسئلة مطروحًة إلى أن يأتي الجواب الشافي: من حرّك قطار المعالجات، ومن لجم الدولار قبل أن يبتلع الليرة، ومن دفع في إتجاه محاولة إنتشال البلد من أزماته المتراكمة؟
للإجابة عن هذه الأسئلة، وهي إيجابات صعبة، لا بدّ من إنتظار نتائج ما سيتخذه المصرف المركزي من إجراءات وتدابير لكي يُبنى على الشيء مقتضاه، ولكي يُبان الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
ليبانون 24