تيار المستقبل: رئاسة الحكومة لن تكون طابة أو رهينة
في بيان شديد الغضب، يعكس عمق الأزمة التي وقع فيها كل أركان السلطة، كما يعبّر عن انعدام الثقة بين القوى السياسية، ويكشف عن غياب الحد الأدنى من شروط التفاهم، بما يفاقم الاستعصاء الذي تعانيه السلطة، على نحو يؤكد أنها أصل المشكلة ولا يمكنها أن تكون جزءاً من الحل، أعلن “تيار المستقبل” عن مخاوفه على المصير وعلى السلم الأهلي، في معرض انتقاد البيان لما أسماه “تقاطع المصالح” بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية على عدم تسمية سعد الحريري لتكليفه برئاسة الحكومة وتشكيلها.
البيان المكتوب بلغة الاستياء، يوحي أن معضلة تأليف حكومة جديدة ستكون مديدة وصعبة. وعندما يتكلم البيان دفاعاً عن موقع رئاسة الحكومة أنه لن يكون رهينة عند أحد أو أنه ليس طابة يتم تقاذفها بين الأحزاب والتيارات، لا يوحي إلا بأن الواقع هو هكذا.. خصوصاً منذ أن ارتضى أو تجاهل الرئيس سعد الحريري هكذا سلوك مرات كثيرة منذ “التسوية الرئاسية” المشؤومة.
وهنا نص البيان الحرفي:
تقف البلاد أمام منعطف مصيري، ينذر بأوخم العواقب نتيجة التسابق على تسجيل النقاط السياسية في هذه الخانة أو تلك.
وقد كان من المثير للريبة في هذه المرحلة وقبيل ساعات من بدء الاستشارات
النيابية الملزمة، ما صدر عن بعض الكتل النيابية بالامتناع عن تسمية أي
شخصية لتكليفها تأليف الحكومة، وما يحيط الاستشارات من غموض والتباسات
ومحاولات التفاف، تسعى إلى محاصرة موقع رئاسة الحكومة والخروج على القواعد
الدستورية في تسمية رؤساء الحكومات.
هناك تقاطع للمصالح جرى ترجمته
في الموقف الذي صدر عن “التيار الوطني الحر” قبل أيّام وقضى باعلان
التحاقه بالساحات والانضمام الى صفوف المعارضة، وبين الموقف الذي صدر بعد
منتصف الليلة الماضية عن كتلة “القوات اللبنانية” وقضى بالامتناع عن تسمية
أحد في الاستشارات.
وفي الترجمة السياسية لهذين الموقفين انهما توافقا
على عدم تسمية الرئيس سعد الحريري، واجتمعا على حكومة لا يكون سعد الحريري
رئيساً لها.
ومن المؤسف ان يأتي ذلك في ضوء معلومات وتسريبات من عدة
مصادر بأن كتلة “التيار الوطني الحر” كانت بصدد إيداع أصواتها فخامة رئيس
الجمهورية ليتصرف بها كما يشاء.
وهذه مناسبة كي نحذر من تكرار الخرق الدستوري الذي سبق أن واجهه الرئيس الشهيد رفيق الحريري في عهد الرئيس إميل لحود.
هناك
جهات اشتغلت طوال شهرين على انكار ما يحصل بعد 17 تشرين لتعلن بعد ذلك
أنها جزء لا يتجزأ من الحراك الشعبي والثورة، وهناك آخرون يرون الفرصة
مؤاتية ليعملوا فيها “تشي غيفارا” كي يبقوا في الشارع لغايات في نفوس
أصحابها. وهناك من قرر أن يقلب الطاولة على نفسه ويركض وراء تركيب خيمة
بساحة الشهداء بحثاً عن مقاعد متقدمة في صفوف الثورة.
إن “تيار
المستقبل” ينأى بنفسه عن هذه السياسات، وهو في المقابل وبكل وضوح لا ينتظر
تكليفاً من “التيار الوطني” ولا من “القوات” للرئيس الحريري، ولا يقبل أن
يتحول موقع رئاسة الحكومة إلى طابة تتقاذفها بعض التيارات والأحزاب.
موقع رئاسة الحكومة أكبر من كل هذه الهرطقات، ولن يكون رهينة عند أحد مهما علا كعبه.
فالرئيس الحريري قدم استقالته ليفتح باباً امام حل يحاكي مطالب الناس، لكن يبدو أن بعض المصالح تقاطعت على تعطيل تأليف حكومة.
والرئيس الحريري و”تيار المستقبل” لن يدخلوا بألاعيب الانتقام ولا بأي
مشروع لتخريب البلد والوقوع بالفتنة. وإذا كانت هناك فرصة لتلبية مطالب
الساحات فليكن. واذا كانت هناك فرصة لتسمية شخصية سنية بمستوى الموقع..
فليكن أيضاً. المهم ألا يعتقد أحد أنه قادر على أخذ البلد للخراب، لأن نار
الخراب ستكوي الجميع، وأولهم الأحزاب ورجال السياسية الذين يتلطون خلف
الثورة ويعتبرون أنفسهم أبطال هذا الزمن.
زمن البطولات انتهى، زمن
العضلات السياسية انتهى. هذا الزمن لمن يتحمل المسؤولية ولمن يفتح أذناه
لصرخات الشباب والصبايا وليس للمتاجرة بآلام اللبنانين وأوجاعهم وركوب
موجات القلق والتذمر في الشارع.
كلمة أخيرة لجمهور “تيار المستقبل”
وكل من يحب الرئيس سعد الحريري. ممنوع الانجرار لأي تحرك أو استفزاز
بالشارع. نحن خط الدفاع عن الدولة والمؤسسات. لكننا قبل أي شي نحن خط
الدفاع عن السلم الأهلي والعيش المشترك وأمن الناس وسلمية التحركات
الشعبية. مسؤوليتنا أن نحمي البلد وأن نحافظ على وحدتنا، لنقف سداً منيعاً
في وجه الذين يريدون الدستور على قياس مصالحهم وأحلامهم، وكل الذي يعتبرون
جر البلاد إلى الفتنة هدفاً وطنياً بامتياز