لبنانيون يحسدون اللاجئين السوريين على حفنة دولارات الإعاشة!
خلّف حجز المصارف أموال المودعين غضباً لدى معظم اللبنانيين. وهو متهيّئ للانفجار في وجه الضعفاء: النازحون السوريون.
المصارف واللاجئون
منذ
ثلاثة أشهر تقريبا يراقب شباب من زحلة – ومنهم الذين يمضون أيامهم
ولياليهم في خيم الثوار على المستديرة – مئات السوريين المتجمهرين أمام
صراف البنك اللبناني الفرنسي الآلي، محاولين قبض المساعدات الشهرية التي
تخصصها لهم المنظمات الدولية، ولا سيما المفوضية السامية للاجئين (UNHCR).
لا شك في أن المشهد استفز من لا يعرف طبيعة هذا التجمع، أولئك الذين تخيلوا أن الصراف الآلي يُعبأ للسوريين فقط، فيما “أولاد زحلة” غير قادرين على الوصول إلى ودائعهم باليسر السابق.
هكذا، من الضيق والغضب، تستيقظ غيلان العنصرية، فيحمّل بعض الزحليين اللاجئين السوريين مسؤولية اختفاء الدولار من فروع مصارف زحلة، بل من المصارف اللبنانية كلها، بسبب ما يحوله السوريون إلى سوريا لسد العجز في مواردهم هناك.
ومع تزايد التجمعات الشهرية أمام الصرافات الآلية في زحلة، يسود الترقب مجدداً لدى العاملين في المنظمات الدولية، خوفا من أن يؤدي المشهد إلى صدامات شبيهة بتلك التي حصلت في الشهرين الماضيين، ونتج عنها توقيف عدد من الشبان، واستدعائهم قضائياً، بعد إرهابهم النازحين، كلما اقتربوا من الصرافات الآلية.
حملت هذه الحال أحد المعنيين في مفوضية اللاجئين – أثناء لقاء عام عقد لبحث خطوات تدخل المفوضية لمساعدة اللبنانيين في المرحلة المقبلة – على عرض لقاءات خاصة تسمح بالإضاءة على ماهية عمل المفوضية والمساعدات التي تقدمها للنازحين والمجتمعات المضيفة. وهذا لجلاء التباسات النظرة السلبية المحلية إلى النازحين السوريين، والمرشحة إلى التفاقم في المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان. وتسعي المفوضية إلى خفض التوتر الذي يحدث عند كل استحقاق شهري لمساعدات النازحين.
وتمنى المعنيون في المفوضية على اللاجئين ألا يحضروا دفعة
واحدة وفي وقت واحد، آخر كل شهر، لسحب المساعدات المالية من الصراف الآلي
ويتجمهرون أمامه. وذلك “مراعاة لشعور اللبنانيين في هذه المرحلة”، وليخففوا
من نقمتهم عليهم. لكن هذه الحلول لم تؤد إلى الحد من تجمعات اللاجئين
السوريين، لأسباب تتعلق بإجراءات المصارف وأدائها في المرحلة الحالية.
بين العنصرية والحسد
فمنذ
بدء الأزمة اللبنانية، لم يعد النازحون السوريون قادرون على سحب مساعداتهم
المالية من أي صراف آلي. والمصارف أوقفت تسهيل تبادل السحوبات في ما
بينها، وما عادت تسمح لغير المودعين باستخدام الصرّافات الآلية. ثم حصرت
استحقاقات اللاجئين كلها بالبنك اللبناني الفرنسي، الذي لا يملك صرافاً
آلياً في منطقة البقاع الشمالي، وعلى امتداد قرى بعلبك الهرمل، مرورا
بعرسال التي تحتضن العدد الأكبر من النازحين.
لذا بات أقرب صراف آلي للنازحين هو صراف البنك اللبناني الفرنسي على مدخل مدينة زحلة. وبات عنواناً لمعاناتهم الشهرية. إذ صار عليهم أن يجتازوا مسافة تستغرق ساعة في السيارة، ليقبض كل منهم بضعة آلاف من الليرات، ينظر إليها الشبان اللبنانيون بعين الحسد. الذي ينطوي على شيء من العنصرية.
وفرضت كلفة تنقل اللاجئين للوصول إلى مساعداتهم البائسة عبئاً شهرياً عليهم. ومنهم من يبكر في الوصول، ليفاجأ بأن الصراف لم يعبأ بعد، فيروح ينتظر وينتظر. ومن ينتظرون طويلاً لسحب مستحقات لجوئهم، ينظرون كذلك طويلا على قارعة الطريق للعودة إلى مخيماتهم البعيدة. وهكذا صار مشهدهم البائس يضفي “البهدلة” على المكان، ويثير امتعاض المودع الزحلي، الذي لم يعد قادراً على حجز دوره بين عشرات النازحين الذين حجزوا أدوارهم قبله. وتنظر مفوضية اللاجئين إلى الواقع المستجد، كمسألة دقيقة جدا، من دون أن تفهم سبب امتناع المصارف في بعلبك تحديدا عن استقبال الودائع المخصصة للسوريين. وتشرح مصادر المفوضية، أن مخصصات السوريين لا يمكن أن تكون سبباً في أزمة شح السيولة المالية في لبنان. فهم يتقاضون من أموال متوفرة لهم أساساً، وتتدفق على لبنان من الخارج، وتشكل مصدر الدخل الوحيد للنازحين الذين يصرفونها على حاجاتهم الأساسية في لبنان.
لوسي بارسخيان – المدن