حكومة فشل الجميع: باسيل وفرنجية يبدآن معركة رئاسة الجمهورية
لم تنجح حكومة اللجان في تحقيق أي إنجاز يذكر حتى الآن، ولو إنجازاً كاذباً أو معنوياً. لجنة، بعد لجنة، فلجنة.. ولا شيء سوى اللجان.
قرارات كاللجان
فشلت
في إنجاز التعيينات الإدارية والمالية، بعد فشلها في تمرير التشكيلات
القضائية. ولا اتفاق على الخطة المالية والاقتصادية والإصلاحية. والرؤية
الاجتماعية لمواكبة الأزمات مفقودة. وخطة الكهرباء فشلت بسبب الخلاف على
المعامل ومواقعها.
وهي حكومة لجان قدر ما هي حكومة قرارات. قرارات تلي قرارات، وقرارات تضرب قرارات، تمحوها أو تُحْشَرُ فيها تعديلات تلغيها، أو تلغي القرارات التي سبقتها. وفي النهاية هي قرارات كلامية كلها.
وها هي حكومة اللجان والقرارات تدخل في دوامة جديدة: التوازن في مواقع النفوذ بين مكوناتها. وعندما تدخل الحكومات في هذه المتاهة من الصراعات، تكون بذور سقوطها قد بدأت تتجذر وتنمو. وحتى في حال توصلها إلى توليفات وتسويات لتمرير الاستحقاقات، فإن بوادر انفجارها تظل حاضرة وكبيرة.
الخلافات المتزايدة بين مكونات الحكومة، تغطي هزال غير المشاركين فيها. فموقف رؤساء الحكومة السابقين مثلاً، لم يلق اهتماماً من رئيسي الجمهورية والحكومة، ولا من حزب الله. وكأن بيانهم الذي تناول التعيينات لم يكن.
قد يكون الرئيس نبيه بري وسليمان فرنجية استفادا من موقف
الرؤساء السابقين، لتحسين شروطهما التفاوضية. وحالما تُلبى مطالبهما تُنجز
التعيينات، من دون اكتراث بموقف ممثلي الطائفة السنية.
الحريري وتهديداته
عدم
حمل موقفهم على محمل الجد، دفع الرئيس سعد الحريري إلى التلويح مرتين
بالاستقالة من مجلس النواب. في المرة الأولى أُهمل تهديده، ربما لأن تداوله
ومداولاته حصلت على نطاق ضيق مع بعض نواب كتلته، وظهرت كتسريبات. أما
المرّة الثانية فأراد الحريري لتهديده أن يكون تحذيرياً أو أكثر جدية. فهو
أبلغ موقفه إلى حزب الله، وإلى الرئيس نبيه بري ووليد جنبلاط، على نحو
مباشر وغير مباشر.
لكن عندما انهار الاتفاق على التعيينات بسبب الخلاف الكبير بين فرنجية وباسيل، سئل حزب الله عن رأيه في رسالة الحريري: لا تأثير لها، جاء الجواب.
اعتبر الحريري أن تهديده بالاستقالة من مجلس النواب، يؤدي إلى إسقاط المجلس، أو سحب الغطاء الميثاقي السني عنه، على الأقل، فيصبح بلا شرعية، خصوصاً إذا أقدم الرئيس نجيب ميقاتي على الاستقالة أيضاً. وهذا يحتم – من وجه نظر الحريري – الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة، ما يعني أن عهد ميشال عون قد سقط وانتهى.
هناك ثغرة في تفكير الحريري، إذا ما كان جدياً. ثغرة دستورية:
ليس من مادة واضحة في الدستور تشير إلى إجراء إنتخابات عامة مبكرة، ولو
استقال أكثر من نصف النواب. وقد تخرج فتاوى دستورية بإجراء انتخابات فرعية،
وليس انتخابات عامة. هذا دستورياً، أما سياسياً فلا أحد يضمن أن تصل
مراعاة الحريري والتمثيل السني إلى حدود التضحية بالمجلس النيابي. لذا نُصح
الحريري بالتريث، وبعدم الإقدام على مثل هذه الخطوة، لأن تأثيرها لن يكون
كبيراً. وإذا كان لا بد من اللجوء إلى هذا الخيار، فالأفضل تركه إلى
استحقاقات أكبر، وليس في سبيل الصراع على تعيين موظف.
ما يريده حزب الله
لا
شك في أن هناك قوى متعددة تعمل على عدم إنجاح هذه الحكومة. وفي هذا السياق
يتوسع الصراع المبكر على رئاسة الجمهورية. وهذا هو لبّ الصراع بين فرنجية
وباسيل.
حتى ساعات متأخرة من ليل الأربعاء – الخميس لم ينجح حزب الله
من إقناع أي من فرنجية وباسيل بالتراجع وتنازل أحدهما للآخر. حزب الله قادر
على حسم هذا الصراع لحظة يشاء، لكنه لا يريد ذلك. يريد تركه مفتوحاً،
طالما أنه قادر على ضبطه. وذلك لسبب أساسي: توجيه ضربة قاسية لـ 17 تشرين
ورمزيتها وشعاراتها، ليرى اللبنانيون جميعاً على ماذا يتنازع زعماؤهم،
وليعيد في الوقت نفسه إحياء منطق الصراع على الحصص بين الزعماء والقوى.
وللقول أيضاً إن حكومة التكنوقراط لا تتمكن من تحقيق أي إنجاز.
نزاع برّي وباسيل
الرئيس
نبيه بري لديه أسبابه المعروفة لتمنيه عدم نجاح هذه الحكومة: عدم السماح
لعون وباسيل الاستئثار بكل ما يريدونه. لكن السبب الأكبر لديه هو انقلاب
حسان دياب عليه.
وأشد من لا يريد نجاح هذه الحكومة وتجربتها هو جبران باسيل حكماً. فباسيل لا يفكر إلا برئاسة الجمهورية. وإذا نجح نموذج حسان دياب، يعني أن ذلك قد يؤسس لما ومن يشبهه في الرئاسة مستقبلاً. وقد يكون الخيار بتزكية ترشيح دميانوس قطار للرئاسة. فيما يستهدف باسيل أي شخص قد ينافسه على الرئاسة. وهو كان يعارض توزير قطار لأنه ماروني مرشح للرئاسة.
المدن