بين الأنثروبولوجيا الاقتصادية وعلم الاقتصاد..تنظيم الانتاج
كتب نقولا أبو فيصل*
ظلت العلاقـة بـيـن الأنثروبولوجيا وعلم الاقتصاد موضوع جدل طويل ولا يزال مستمراً ، فالنظرية الاقتصادية الصورية تطورت في المجتمعات الغربية الصناعية، حيث استطاع علماء الاقتصـاد بفضل صياغة افتراضات حول المجتمع وطبيعة الإنسان من تطوير نماذج استنباطية تتناول الظواهر الاقتصادية، وهي نماذج أثبتت عبر الزمن أنها ذات قيمة كبيرة بالنسبة للمجتمعات الغربية.
وقد ذهب برونسلاو مالينوفسكي إلى التأكيد منذ أربعين عاماً إلى أن النظرية الاقتصادية الصورية لا تنطوى إلا على القليل الذي يمكن أن تقدمة لعالم الأنثروبولوجيا، على الرغم من انه كان يبدى اهتماماً بالمشكلات الاقتصادية للشعوب غير الصناعية، كما ذهب فرانك نايت عالم الاقتصاد الشهير إلى القول أن المجتمعات الصغيرة لا تهتم بالاقتصاد،كما ان ميلفيـل هيرسـكوفتس، وهو أنثروبولوجي أكد أن النظرية الاقتصادية الصورية تمثل فائدة ضئيلة بالنسبة للأنثروبولوجيا. ثم عاد وغير موقفه واعترف بأن معظم الأنثروبولوجيين ليسوا على دراية كافية بالنظرية الاقتصادية على النحو الذي يمكنهم من الإفادة منها بطريقة سليمة . ولقد تغير هذا الموقف بفضل التأثير الذي أحدثه كتاب ريموند فيرث Firth
وفي المجتمعات الصناعية، يمكـن قـيـاس عمليـة العـرض والطلب من خلال التغيرات التي تطرأ على اسعار السلع وقوة الطلب عليها ، ويعتقد علم الاقتصاد أن هذه الافتراضات قد تتأثر بالتفصيلات التي تحددها الثقافة بالاحتكارات وبسياسة الحكومة، كما هي الحال بالنسبة للضوابط التي تتحكم في الأسعار والأجور ، ويهتم علم الاقتصـاد بمعالجة الظواهر الاقتصادية الضيقة النطاق، مثل الحماس في الإنتاج والعمليات التـي تجـرى داخـل المصانع، وعمليـات اتخاذ القرار وأهمية تـدفق المعلومات وما هي السلع المفضلة لدى المستهلك.
*كاتب وباحث ورئيس تجمع صناعيي البقاع