حزب الله يسخّر لبنان لمعارك المنطقة: بيروت قاعدة العمليات
كتب منير الربيع في المدن
نقل أمين عام حزب الله حسن نصر الله المعركة في لبنان إلى ما هو أشمل وأوسع بكثير من التفاصيل واليوميات التي كانت تقف عند حدود الصراعات المصلحية بين القوى المتخاصمة، ولا سيما بين حركة أمل والتيار العوني. فذهب نصر الله إلى وضع العنوان الأشمل لمعركته: مواجهة الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية. وهي معركة على وقع تطورات إقليمية ودولية عدة، منها مفاوضات فيينا والتصعيد في اليمن، إضافة إلى قنوات التواصل السعودي الإيراني المفتوحة والمستمرة.
ميقاتي يناقض نفسه
ولكنها معركة تنذر بمخاطر كبيرة على صعد كثيرة. وأول من قد يدفع ثمنها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. وسارع ميقاتي إلى إعلان موقف تنديدي بكلام نصر الله، واعتبر حزب الله خارج النسيج اللبناني. وهذا موقف ناقض فيه ميقاتي نفسه، إذ قال في تصريحه الأسبوع الفائت إن حزب الله جزء من التركيبة اللبنانية ويمثل شريحة واسعة من اللبنانيين.
وفي منأى عن اللغو والتناقضات الكلامية، تبدو معركة نصرالله المفتوحة، مشرعة على مخاطر متعددة: اقتصادية واجتماعية ومالية وسياسية. وقد تؤدي إلى انفجارات أمنية.
نصرالله يذهب بعيداً
فحزب الله يعيد إنتاج عدو جديد. فهو بحاجة ماسة إلى حشد أدوات معركته، لجعلها معركة واسعة النطاق في مواجهة الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية. ورفع نصر الله سقف المعركة إلى عنوانين: دولي يتمثل بأميركا، وإقليمي هو السعودية.
والمعركة المفتوحة خطرة. وقد بدأها نصر الله قبل الانتخابات النيابية، وعلى وقع التطورات الإقليمية والدولية. وهي تتجه بلبنان إلى مكان مختلف جداً، فارضاً على القوى السياسية عدم الدخول في أي تسوية مع حزب الله، وبقائها أسيرة معادلة حكومية يتحكم بها الحزب عينه.
حرب على السعودية
وتبدو إيران وكأنها تلزم حزب الله والمنطقة بعصاها الغليظة. وبغض النظر عن مواقف نصر الله المعروفة والمعتادة، فهناك دلالة كبرى تتركز في مشهدين: الصف الأول من الحاضرين المستمعين لكلمة نصرالله، وقد تصدرته شخصيات حوثية. والأناشيد التي سبقت الإطلالة وأشارت إلى استمرار المشروع الإيراني في المنطقة من البحر المتوسط إلى اليمن.
وتلاقت هذه الأناشيد مع مضمون جملة أطلقها نصرالله عندما اعتبر أن حرب اليمن أميركية والسعودية شريكة فيها. ثم قوله: لن يكون هناك وجود أو بقاء أميركي في اليمن. وكأنه يقول إن معركته المفتوحة هي مع السعودية في اليمن. وفي السياق نفسه يمكن فهم حقيقة موقف نصر الله التصعيدي ضد السعودية في لبنان. ما يعني أنه في استفزازه السعودية، يريد إبعادها أكثر فأكثر من لبنان، ويرفض أي حضور لها فيه.
وتتضح الصورة أكثر فأكثر، إذاً: فيما تسعى إيران إلى التفاوض مع بعض الدول العربية والخليجية، يستمر حزب الله وحلفاؤها الآخرون في مهاجمة السعودية واستفزازها. وفيما تستقبل إيران مستشار الأمن القومي الإماراتي، يخطف الحوثيون باخرة إماراتية.
ولا ينفصل هذا عن سعي إيران لتثبيت نفوذها في المنطقة، على وقع المفاوضات النووية. ولذلك، يبرز دور حزب الله والحوثيين وغيرهم، فيما هي تفاوض نووياً في فيينا، ومع السعودية في العراق. وبذلك تتحول بيروت إلى قاعدة عسكرية وإعلامية لعمليات المحور الإيراني، فيما تكتفي الحكومة اللبنانية بكلمات الاستنكار في بيانات سياسية. والاستنكار يطال حزباً لبنانياً مشاركاً في الحكومة ويعطل عمل الحكومة.