بين قساوة الحياة والعودة الى الطبيعة…
كتب نقولا ابو فيصل*
لا شيء يُضاهي الأمان الذي أجده في الطبيعة حيث أن نمط الحياة اليومية صار مملاً بعد أن صرت أستقبل أيامي في الصباح وأودعها في المساء , وبات الوقت عندي حاجة للاستفادة منه لاعادة تقييم مشاغل الحياة التي أعيشها بعد أن أخذتني بعيدًا الى عالم الاعمال الذي لا يشبهني ربما وابتعدت كثيراً عن العفوية والبساطة ، وفي غضون كل ذلك أسأل نفسي اذا كان من الممكن بعد أن أعيد تصحيح نمط حياتي والعودة الى الطبيعة والحياة الحقيقية وأظن أن هذا الأمرٌ هو في غاية السهولة وقد خطيت خطوات منذ سنوات في هذا الاتجاه .
ما يزيد على ثلاثين عاماً من حياتي المهنية قضيتها في الاشغال الشاقة في سجن الوطن ومع الايام ماتت ببطء جميع العادات القديمة التي كنت اختزنها وتبدلت الاولويات في حياتي وباتت الحاجة لاعادة صقل مهاراتي الشخصية أولوية وذلك بهدف التمكن من إدارة مصاعب الحياة في ظل تقلبات سياسية واقتصادية حادة وخطيرة وفي ظل اقتصاد فوضوي وليس حراً وفي دولة لا تشبه الوطن …
ذات يوم قال لي صديقي ناصحاً أنه “من المستحيل أن يعرف الانسان الله إذا كان لا يعرف الخير ” وهذه العبارة لا تزال تدور في رأسي ليل نهار وخاصة بعد ان صرت أقرب الى الله وعلى نحو متزايد وصرت أكثر انسجامًا مع قساوة الحياة وبالاخص بعد أن فقدت العشرات من أصدقائي الواحد تلو الاخر خلال سنتين ولكنني لا ازال أشكره على نعمه رغم قساوة الفراق لأن إيماني المسيحي يجعلني أثق ان الله معنا وهو في الصعاب يركض الينا وكما يقول الكتاب المقدس إنه حتى يمسك دموعنا في زجاجة ، الرب قريب منكسري القلوب ينقذ الذين سحقت معنوياتهم” (مزمور 34:18)
*كاتب ورئيس تجمع صناعيي البقاع