جمود مفاوضات النووي و”ترسيم الحدود”: الجنوب على حافة الصواريخ
كتب منير الربيع في المدن
لم يكن كلام أمين عام حزب الله، السيد حسن نصرالله التصعيدي حول الوضع في الجنوب أمراً عادياً. جاء موقف نصرالله في يوم القدس ضمن سلسلة مواقف صدرت لمسؤولين وقادة في محور المقاومة. جميع المواقف انطلقت من خلفية التصعيد ضد العدو الإسرائيلي، والتوعد بالجهوزية لأي احتمالات على وقع التصعيد الإسرائيلي في الداخل الفلسطيني. كان نصرالله واضحاً جداً في إعلان أعلى درجات الاستنفار والجهوزية الكاملة، للتعاطي مع المناورات الإسرائيلية ومواكبتها. وأعلن الردّ السريع على أي عملية قد يقوم بها الإسرائيليون في هذه المناورات، معتبراً أن الانتخابات النيابية لن تمنع الحزب من الردّ على أي اعتداء.
تسخين الجبهات
في مضمون الموقف معان متعددة، تؤشر إلى بروز احتمالات التصعيد بين الطرفين في المرحلة المقبلة، سواء قبل الانتخابات أو بعدها. وعلى الأرجح، فإن الأمر يرتبط بسياق إقليمي دولي، خصوصاً في ظل تعثر المفاوضات الإيرانية الأميركية حول الملف النووي، وسط تصعيد أميركي تجاه طهران. وهو تصعيد لا يقتصر على الجمهوريين إنما يطال الديموقراطيين أيضاً. في مثل هذه الحالات كانت إيران تلجأ إلى ورقة تسخين الجبهات لإعادة فرض نفسها طرفاً أساسياً على الطاولة، أو لاستعادة الاهتمام بملف تريده.
هناك تقديرات تشير إلى أن الاهتمام الأميركي يتركز على ما يجري في أوكرانيا، فيما كل الملفات الأخرى أصبحت مجمّدة بما فيها الاتفاق النووي. وهناك أجواء أميركية تشير إلى استبعاد الوصول إلى أي اتفاق مع إيران في هذه المرحلة. بينما ما يريده الإيرانيون هو استعادة الاهتمام الأميركي بملف إيران والاتفاق. هذا الأمر ينطبق مع إطلاق صاروخين في الأسبوع الفائت من لبنان باتجاه الأراضي المحتلة. وعلى الرغم من الاتهامات التي وجهت إلى حركة حماس بإطلاق هذه الصواريخ، إلا أن الكثير من وسائل الإعلام الإسرائيلية نقلت تصريحات عن مسؤولين أشاروا إلى أن حزب الله هو الذي يتحمل مسؤولية إطلاق الصواريخ، لأنه المسيطر أمنياً وعسكرياً في الجنوب.
جمود “الترسيم”
ثمة من يعتبر أن التعثر في المفاوضات الإيرانية الأميركية قد يؤدي إلى تصعيد في المنطقة. وهذا التصعيد قد يكون في لبنان أو في غيره، لا سيما مع مواقف متعددة لمسؤولين في محور الممانعة، أشاروا فيه إلى ضرورة التصدي للممارسات الإسرائيلية. ما يعني الذهاب إلى تصعيد في إحدى الجبهات. ما من شأنه أن يعيد الحرارة إلى مسار التفاوض الأميركي الإيراني.
يأتي ذلك في ظل بروز برودة الاهتمام الديبلوماسي على الساحة اللبنانية، بانتظار الانتخابات النيابية.
لا يمكن فصل ذلك عن استمرار الجمود في ملف ترسيم الحدود، وسط سعي إسرائيلي حثيث للبدء بالحفر والتنقيب في حقل كاريش، في المرحلة المقبلة. الأمر الذي يعتبره لبنان مسألة تتعلق بالتعدي على حقوقه، أو بالحدّ الأدنى بوصفه عملاً في منطقة متنازع عليها. وهذا أيضاً قد ينطوي على تصعيد في المواقف، خصوصاً إذا لجأ حزب الله إلى تنفيذ تهديداته بحق الإسرائيليين، بحال لجؤوا إلى التعدي “على قطرة ماء واحدة” من المياه الإقليمية اللبنانية.
ومن هنا لا بد من استحضار كلام البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الأحد، الذي شدد على ضرورة تهدئة الوضع في الجنوب إذ قال الراعي: “مطلوب تهدئة هذه الجبهة ليستأنف لبنان برعاية دولية مفاوضات ترسيم الحدود مع اسرائيل”. فهذا مؤشر على تخوف لدى البطريرك من أي تصعيد في تلك المنطقة.