الفراغ أولاً تليه الفوضى فصيغة جديدة للرئيس المقبل!
كتب جو متني:
هل بدأ تشكّل البلوكات النيابية في ساحة النجمة؟ وتتظهّر توجّهاتُها؟ ويتبلور ذوبانُها في اصطفافاتٍ جديدة تتناقض مع قناعاتها؟ أم أن عملية جسّ النبض متواصلة في مسرحية معروضة في البرلمان، ومستمرّة حتى رفع الستارة في اليوم الأخير للعرض، وصعود الدخان الأبيض، واعلان اسم فخامة الرئيس.
حتى الساعة لا زالت الورقة البيضاء متقدّمة في السباق، يليها النائب ميشال معوض ثمّ “لبنان الجديد”، وما بينهم وليد جنبلاط صاحب المواقف الدائريّة. قد يطول العرض، لأنّ لبنان مرّ في سوابق مماثلة.
تطول التكهّنات حول انتظار الضوء الأخضر الأميركي، والتوافق الايراني – السعودي، والمسعى الفرنسي، والدور السوري المتجدّد، والأرجحيّة لشخصيّة عسكرية في حال تطلّب الأمر معالجة فوضى محتملة، أو لشخصيّة اقتصادية قادرة على اخراج لبنان من أزمته… وكأنّ من صفات الرئيس التخصّص في العسكر فقط، أو في الاقتصاد فقط، أو في الاجتماع، أو الجغرافيا، أو…
إلى الواقع درّ. هناك مرشّحان جدّيان أعلنا ترشّحهما، هما سليمان طوني فرنجية وميشال رينيه معوض. الاثنان من زغرتا. معوض يخوض السباق في وقت مبكر جداً عليه، كما سبق أن جرى مع فرنجية في أوّل مرّة ترشّح فيها.
يدور أيضاً اسم قائد الجيش العماد جوزف عون في السباق خِفيةً، من دون القدرة على اعلان ترشّحه لأسباب دستوريّة ووظيفيّة. وفيما يتأرجح اسمُ جبران باسيل بين الترشّح الدائم المُعلن على طريقة العميد ريمون اده وعدم الترشّح، يدعم نواب حاليون مرشّحين آخرين “مرحلياً” و”تكتيّاً”، بينما هم يسعون إلى الجلوس على كرسيّ بعبدا، مثل النائب نعمة افرام.
تتوقّف مفاعيل بعض الترشيحات عند خروج أصحابها من السباق. أمّا عند آخرين، وفي حال فشلهم، تستمرّ مع دعم أصحابها لمرشّحين يدورون في فلكهم أو خطّهم السياسي.
هي لعبة السلطة والنفوذ. لم تتغيّر في لبنان. لكنها لا تسير دائماً على قاعدة “مات الملك عاش الملك”.
في التتابع الزمني للأحداث، تحرّك النائب افرام أوّلاً في اتّجاه القصر الجمهوري. انسحب من كتلة الاصلاح والتغيير, ثمّ ابتعد عن التحالف مع التيار الوطني الحر في الانتخابات النيابيّة التي جرت في 15 أيّار الماضي. حاول التمايز عن الآخرين باطلاقه مبادرات وبرامج وخطط انقاذية اقتصادية. تحرّكه شابه بعض التردّد.
بالنسبة الى سليمان فرنجية. هو زعيم شمالي ومرشّح من قبل قوى 8 آذار، ويفتخر بعلاقته مع سوريا الأسد. سوّقه الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند قبل ست سنوات. لم يحالفه الحظ.
العماد جوزف عون مرشّح طبيعي ككلّ قائد جيش منذ انتقال اللواء فؤاد شهاب من اليرزة الى بعبدا. يقوم بزيارات رسمية خارجية، طابعها عسكري، مضمونها سياسي من دون شكّ. يُستقبل كرئيس جمهورية. يتمّ تكريمه حيثما يحلّ من قبل الرؤساء والأمراء.
وصولاً إلى جبران باسيل. رئيس تيّار يلعب على “الحافة”. لا يعترف بعبارة too late. قبل أسبوعين، رأى أن الانفتاح على القوى السياسية ضرورة بسبب “عدم القدرة على اجراء انتخابات رئيس للجمهورية إذا لم نتحدّث مع بعضنا”. فقرّر أن يزور خصمه اللدود رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وسلّمه رؤية التيّار وتصوّره للحلّ. كان يجب على باسيل في جلسة الانتخابات الأخيرة أن يسأل رئيس المجلس إذا قرأ تصوّر التيار.
كما زار مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، في محاولة لطيّ صفحة الخلاف مع السنّة، وقد يكون سأله عن أحوال الشيخ سعد الحريري.
وجالت وفود من التيار أيضاً على قوى سياسية لهذا الغرض.
يعتبر مراقبون أن الاستفاقة المتأخّرة للنائب باسيل ما هي إلا “فولكلور” لن يوصله الى بعبدا، من دون ضوء أخضر خارجي مقرون بتحالفات وتنازلات فوق الطاولة وتحتها، على الرغم من أن العونيّين سيجدون في هذا الكلام تجنّياً على زعيمهم. وفي ايضاح سريع، لا يمكن الفوز من دون تسوية مع الرئيس بري ومع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.
مؤشّر التحوّلات المفصليّة في لبنان الفراغ. يليه طاولات حوار، واتّفاق جديد لمرحلة جديدة، تبقى حتى الآن تحت مظلّة وثيقة الوفاق الوطني التي وقّع عليها أعضاء المجلس النيابي اللبناني في مدينة الطائف السعودية.
أُحبط تحرّك سويسري الأسبوع الماضي في مهده. لم يرق للسفير السعودي في لبنان، وترجم عدم رضاه بسلسلة تغريدات عبر تويتر شدّد فيها على أن الطائف هو الحلّ. قد يكون العشاء السويسري الأخير غطاء لمسعى فرنسي – اوروبي. علماً أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون جمع القادة في قصر الصنوبر عندما زار لبنان قبل عامين. وحضر الحاج محمد رعد عن حزب الله. واختلى به مدّة من الزمن.
أيّ رئيس للبنان الفوضى والفقر؟ وللبنان النفط والغاز؟ Too early
