التشكيلة الحريرية: يومان لبت تعقيدات الحصص
بدا من الجولة الثانية من مشاورات التأليف بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون عصر امس في قصر بعبدا ان اليومين المقبلين قد يكتسبان طابعاً حاسماً من حيث تقرير مصير الاندفاع الحريري نحو انجاز صيغة التشكيلة الجديدة لحكومته الثانية في عهد الرئيس عون. فاذا أزيلت العقبات القائمة في وجه مشروع التشكيلة الذي نوقش في لقاء بعبدا، فان احتمال انجاز هذه التشكيلة غداً الاحد يصبح وارداً وإلّا فان الجهود التي يبذلها الحريري للاسراع في استيلاد الحكومة ستكون محكومة بتمدد المدى الزمني.
وقد كشفت مصادر اطلعت على اجواء لقاء الرئيسين عون والحريري لـ”النهار” ان البحث تركز على المعايير وتوزيع الحصص الوزارية على الكتل الاكثر تمثيلا وفق التركيبة الثلاثينية للحكومة الجديدة، ورشح من خلال البحث ان هذا العرض للحصص يعطي “القوات اللبنانية” اربع حقائب وزارية تردد انه يمكن ان تكون احداها حقيبة سيادية (الدفاع)، كما يعطي “اللقاء الديموقراطي” مقعدين درزيين على ان يعطى المقعد الدرزي الثالث لوزير وسطي بين الكتلة الجنبلاطية والنائب طلال ارسلان. ولفتت المصادر الى ان اعطاء “القوات” اربع حقائب استتبع مطالبة “التيار الوطني الحر” بثماني حقائب من دون حصة رئيس الجمهورية، الامر الذي يعقد توزيع الحقائب المسيحية الـ 15 اذ ان حصة “تيار المردة ” تصبح غير مضمونة. فالرئيس عون سيكون من حصته وزير سني ويأخذ الرئيس الحريري خمسة وزراء سنة الى وزير مسيحي، كما ان منصب نائب رئيس مجلس الوزراء لم يحسم بعد لاي فريق وهو رهن موقف الرئيس عون وما اذا كان سيقبل اسناده الى “القوات ” أم الى “التيار الوطني الحر”.
ثم انه من غير المضمون ان يقبل الفريق الجنبلاطي بالتسوية المطروحة لتعيين وزير وسطي بينه وبين ارسلان. وهذه العقد الثلاثة اذا امكن تذليلها في الساعات المقبلة يمكن التفاؤل باقتراب الولادة الحكومية، والا فان المساعي ستتواصل. ولمحت المصادر الى ان توزيع الحقائب على الافرقاء لا يزال في اول الطريق ولكن تردد التفاهم على ان بعض الحقائب الخدماتية الاساسية بات مبتوتاً ومنها الاشغال لحركة “أمل” والصحة لـ”حزب الله ” والاتصالات لـ”تيار المستقبل” والتربية للحزب التقدمي الاشتراكي والطاقة لـ”التيار الوطني الحر” والعدل لـ”القوات” ما لم تعط حقيبة سيادية.
وأوضح الرئيس الحريري ان لقاؤه والرئيس عون كان ” ايجابياً جداً، وبحثت مع فخامة الرئيس في مسألة تشكيل الحكومة والاحجام التمثيلية لمختلف الاطراف فيها، وآمل ان يتم التوافق قريباً على هذا الامر، خصوصا ان فخامة الرئيس أبدى كل ايجابية في هذا الموضوع. سأواصل المشاورات مع كل الافرقاء السياسيين حول المسألة، واعتقد انه اذا استمرينا في العمل وفق هذا المسار، يمكننا الانتهاء بسرعة كبيرة “. وأضاف: “نحن نعمل على شكل الحكومة والحصص. وقد اصبحنا قريبين جدا وفق المعادلة الاخيرة التي وصلنا اليها، ولم يتبق سوى اجراء بعض المشاورات، ولن استرسل في التوضيح كي لا تتم عرقلة التقدم الحاصل “. وأفاد “اننا ناقشنا الحجم الذي يطالب به كل فريق سياسي، والامر يتطلب مشاورات سأكملها فورا، وانا على موقفي من التفاؤل”.
وسئل: هل يمكن ان تؤكد ان ولادة الحكومة قد تكون الاحد المقبل؟
أجاب: “وفق المسار الذي نعمل عليه حالياً، اعتقد انه بامكاننا الوصول الى تشكيلة في أسرع وقت ممكن”.
ميركل
في غضون ذلك، أنهت المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل زيارتها لبيروت التي استمرت يومين وكانت مسألة اللاجئين السوريين والموقف اللبناني منها أبرز عناوينها. وفي معلومات لـ”النهار” عن اجتماع ميركل مع رئيس الجمهورية في حضور وزير الخارجية جبران باسيل في قصر بعبدا، ان المستشارة الألمانية أصغت واستوضحت وطرحت اسئلة محددة وأكدت تفهمها لموقف لبنان الداعي الى عودة تدريجية للنازحين الى المناطق الآمنة في سوريا من دون ربط ذلك بالحل السياسي الذي قد يتأخر.
ونقلت مصادر المجتمعين ان ميركل وعدت بالعمل على مساعدة لبنان من غير ان يعني انها تبنت الموقف اللبناني. ووصفت اللقاء بأنه كان مفيداً بحيث أصغت ميركل بكثير من الاهتمام الى عرض الرئيس عون عن تجربة قبرص والقضية الفلسطينية.
وعرضت المستشارة الالمانية حصيلة مشاوراتها في شأن الملف اللبناني مبدية استعداداً لمتابعة بحثه مع الدول الاوروبية التي تربطها بألمانيا علاقات تنسيق جيدة.
واشارت المصادر الى ان الزيارة حملت شقاً اقتصادياً لجهة ابداء رغبة المانيا في القيام بمشاريع نفطية وبنى تحتية وطرق ونفايات من طريق شركات ألمانية.
وعقدت ميركل مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع الرئيس الحريري في السرايا الحكومية فشددت على تعزيز العلاقات الاقتصادية بين لبنان والمانيا وقالت إن “مؤتمر سيدر يقدم أساساً جيداً لهذا التعاون، وأنا أشكر استعداد الحكومة اللبنانية على أن تضم ألمانيا إلى الهيئات التي تساعد بالمضي قدما في الإصلاحات الضرورية والبنيوية في لبنان، وتحرص على الوفاء بالوعود التي قدمها بلدكم”. وأوضحت أن “ألمانيا ستقدم إسهاماً جيداً في العديد من المجالات، سواء في مجال الطاقة أو إدارة النفايات أو الغرف التجارية والصناعية التي أوضحت من جانبها اليوم أنه ستكون هناك غرفة تجارة في لبنان، وقد تم الاتفاق على الخطوط العريضة لذلك، وأعتقد أن هذا الأمر في غاية الأهمية بالنسبة الى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم في ألمانيا، خصوصاً نظراً إلى خطتكم لتطوير المناطق الحرة الاقتصادية والحدّ من البيروقراطية”. اما في موضوع اللاجئين فقالت ميركل: “أن المهمات التي ألقيت على عاتق لبنان، والتي نثمنها بشكل بالغ، وبالنظر إلى عدد السكان وعدد اللاجئين الذين تم استيعابهم، من الصعب أن يتحملها بلد وحده، وبالتالي علينا أن نقدم له المساعدة. وفي حديثي مع العديد من المسؤولين اللبنانيين، أكدت أن عودة اللاجئين لا بد أن تحدث بالتوافق والتنظيم والتعاون مع منظمات الإغاثة، وهناك استعداد كبير، وهناك أيضا توترات، وهذا موضوع مفهوم، لكن لبنان أظهر بالفعل كيف يستطيع الوصول إلى اتفاق، على رغم تعدد القوى السياسية، وهذا ما أتمناه للبنان بخصوص هذه المسألة. وقد التزمت ألمانيا أن تساعد لبنان وتقدم له الإغاثة الإنسانية وأن تدعم المنظمات التي تقوم بعمل إنساني فيه. نريد بالطبع أن نساهم في الوصول إلى حل سياسي يمكّننا من اعادة اللاجئين إلى سوريا. ونتعاون مع المنظمات الدولية ومع وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين، وكما قال الرئيس الحريري، فإن عودة اللاجئين لا بد أن تحصل عندما تتوافر الظروف الآمنة لهم. لبنان يواجه ظروفاً صعبة، وهنا نرى نموذجاً ومثالاً عن كيفية تعايش مختلف الأقليات الدينية بعضها مع البعض، وأعتقد أنكم تقدمون نموذجا بالفعل لبلدان عديدة في العالم كيف يستطيع الناس التعايش على رغم الاختلافات”.
النهار