البيطار يحدث زلزالاً قضائياً: مواعيد للاستجوابات و540 صفحة اتهامية
شارف المحقق العدلي طارق البيطار على إنهاء القرار الاتهامي الذي سيحوله إلى المجلس العدلي. فبلغ عدد الصفحات المنجزة 540 صفحة، وتبقّى حوالى 150 صفحة. ويتضمن هذا القرار الاتهامي معلومات أمنية خطيرة واتهامات بحق مجموعة من السياسيين، وكذلك حقيقة ما حصل في الرابع من آب عام 2020. لذا، حدد البيطار مواعيد جلسات لاستجواب المدعى عليهم، بغية الانتهاء من قراره الاتهامي للوصول إلى الحقيقة.
ردّ عويدات
ورداً على اجتهاد البيطار القانوني، وعودته إلى متابعة الملف، أصدر المدعي العام لمحكمة التمييز، القاضي غسان عويدات، صباح اليوم، الثلاثاء 24 كانون الثاني، كتاباً موجهاً إلى المحقق العدلي، طارق البيطار، بغية تذكيره بتنحيته عن ملف المرفأ.
هذا وكان البيطار قد اتخذ قراراً بإخلاء سبيل 5 موقوفين في ملف المرفأ، بعد الاطلاع على ملفاتهم، وادعى على مجموعة من الشخصيات الأمنية والسياسية والقضائية وحدّد موعد جلساتهم.
مواعيد الجلسات
وعليه، فقد حدّد البيطار مواعيد الجلسات على الشكل التالي:
6 شباط 2023: النائب غازي زعيتر ونهاد المشنوق.
8 شباط 2023: رئيس الحكومة السابق حسان دياب.
10 شباط 2023: المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا.
13 شباط 2023: رئيس المجلس الأعلى للجمارك السابق أسعد طفيلي، وعضو مجلس الأعلى للجمارك غراسيا القزي.
15 شباط 2023: العميدان المتقاعدان في الجيش جودت عويدات وغرزي زين الدين، ومدير المخابرات السابق العميد كميل ضاهر.
20 شباط 2023: النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، والمحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري.
22 شباط 2023: القاضيان جاد معلوف وكارلا شواح.
تنفيذ التبليغات..
وحسب مصدر قضائي لـ”المدن”، أرسلت هذه التبليغات إلى النيابة العامة التمييزيّة التي رفضت تنفيذها على اعتبارٍ أنها غير قانونية وقرار البيطار “منعدم الوجود” بسبب كف يده عن ملف المرفأ.
وبالرغم من قرار النيابة العامة التمييزية بعدم تنفيذ قرار إخلاءات السبيل، وعدم إرسال التبليغات إلى المدعى عليهم، إلا أن البيطار نفذ تبليغات استجواب كل من: “حسان دياب وغازي زعيتر ونهاد المشنوق” لصقاً على الحائط المقابل لمكتبه في قصر العدل، وذلك بسبب رفضهم المثول أمامه في المرة السابقة، ويعتبر هذا التبليغ قانونياً، ويتوجب حينها على الأجهزة الأمنية إلصاق التبليغات أيضاً على أبواب منازل المدعي عليهم.
داخل النيابة العامة التمييزية بدا واضحاً حال الغضب على ملامح بعض القضاة، الذين اعتبروا أن البيطار “ينتهك القانون”.
انتهاك القانون؟
من المفترض أن يوقع القاضي عماد قبلان أو القاضي صبوح سليمان على أي كتاب يوجه إلى القاضي البيطار، وذلك بسبب تنحي القاضي عويدات عن ملف المرفأ، إنما اللافت في الكتاب أنه يحمل توقيع القاضي عويدات أسفل الصفحة.
تقصّد القاضي عويدات تذكير البيطار بأنه متنح عن الملف، فتوجه إليه بعبارة: “حضرة المحقق العدلي المكفوفة يده..”، وضمّ الكتاب آية من القرآن الكريم والإنجيل و”.. بموجبه نؤكد بأن يدكم مكفوفة بحكم القانون ولم يصدر لغايته أي قرار بقبول أو برفض ردكم أو نقل أو عدم نقل الدعوى من أمامكم”.
تصعيد عويدات
وتوضيحاً لمضمون الكتاب أوضح عويدات: “يبدو أن التنحي ليس وارداً في القانون لدى البيطار، لذا أنا أيضاً سأعتبر نفسي غير متنحٍ في قضية المرفأ..”، وسأشارك في جلسات مجلس القضاء الأعلى، شريطة أن لا يكون ملف المرفأ بنداً وحيداً في الجلسة. وأضاف: “النيابة العامة التمييزية لن تنفذ قرارات البيطار، ولم نتبلغ أي قرار من قبل البيطار إلا عبر الإعلام. ما يعني أننا غير موجودين لدى البيطار وحتماً هو غير موجود لدينا..”.
وحسب مصدر قضائي رفيع لـ”المدن”، فإن التبليغات التي وصلت إلى النيابة العامة التمييزية لم تضم اسم أي قاضٍ، وبالتالي لم يتلق القاضيان عويدات وخوري أي تبليغ لاستجوابهم حتى الساعة..”.
في حين تتضارب بعض المعلومات داخل النيابة العامة التمييزية حول اتجاه القاضي غسان عويدات إلى الإدعاء على القاضي البيطار “بجرم اغتصاب السلطة” و”انتحال صفة المحقق العدلي المتابع لملف المرفأ” وذلك بسبب رفع يده عن الملف. وعليه، نفى عويدات هذه المعلومة وقال: “لم أستلم أي تبليغ ولم أدّع على البيطار حتى الساعة، ولكن هذا الخيار ربما يكون وارداً في الأيام المقبلة..لا أعلم”.
وحسب معلومات “المدن”، فإن التبليغات ضمت أسماء القضاة وأرسلت جميعها إلى النيابة العامة التمييزية لتنفيذها، ولكن من المرجح أن النيابة العامة التمييزية قد استلمت التبليغات التي تضم أسماء السياسيين والأمنيين، وقررت بعدها عدم تبليغ المدعى عليهم وعدم تنفيذ قرارات البيطار، فيما بقيت التبليغات التي تضم أسماء القضاة داخل غرفة “القلم” في النيابة العامة التمييزية.
انطلاقاً من هذه المعطيات، اجتمع القاضي عويدات برئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود في لقاء قصير، جرى فيه مناقشة قرار البيطار، وقد أكد مجلس القضاء الأعلى لعويدات عدم تبلغه أي قرار رسمي من البيطار.
تعتقد النيابة العامة التمييزية أن اجتهاد البيطار القانوني هو اجتهاد شخصي فقط، ولا يمكن اعتماده قانونياً، كما أنه أحال قراره إلى النيابة العامة التمييزية للإطلاع عليه ولم يذكر في قراره ضرورة التنفيذ.
وفي أجواء “العدلية”، أسئلة عديدة تطرح بين المحامين والقضاة، وبين المواطنين والمعنيين في هذا الملف، من دون إجابات واضحة. لمن وجه البيطار دراسته القانونية؟ هل سيؤدي تصعيد النيابة العامة التمييزية إلى تحريك الشارع اللبناني؟ هل ستعاد أحداث الطيونة؟
تحرك القضاء
وحسب معلومات “المدن”، فإن النيابة العامة التمييزية سترسل برقية إلى الدرك للتعميم على جميع الأجهزة الأمنية عدم تنفيذ قرارات القاضي طارق البيطار. في حين أكد البيطار يوم أمس، الإثنين 23 كانون الثاني، أنه سيتعاطى مع أي رفض في أي جهاز أمني أو قضائي لتنفيذ تبليغاته بوصفه “تمرداً على القانون”، فكيف سيترجم موقف الأجهزة الأمنية؟.
إن اجتهاد البيطار الأخير وقراره بمتابعة الاستجوابات قد ساهم في ازدياد الشرخ الحاصل داخل النيابة العامة التمييزية ومجلس القضاء الأعلى، وعليه تحاول النيابة العامة التمييزية التعامل مع البيطار بالأسلوب عينه، و”الكيدية نفسها”، مما يعني أن المماطلة والمراوغة والتعطيل ستتسيّد المرحلة المقبلة. ولا شك أن القرار الاتهامي لن يتماشى مع مصالح السلطة السياسية، التي اعتبرت أن اجتهاد البيطار أتى بعد دعم الوفد الفرنسي القضائي له، لذا من الممكن تحريك الشارع مجدداً لمحاولة منع البيطار من إكمال قراره الظني.
المدن