الحركة المحلية يُلاقيها اجتماع باريس.. الحوار يتيح ظروف الانتخاب ويؤسس للمعالجة
فيما الحركة السياسية التي أطلقها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط محلياً للخروج من المراوحة القاتلة في الملف الرئاسي، تأتي الحركة الفرنسية بتحديد موعد اجتماع دولي إقليمي حول لبنان لتضيف أملاً محتملاً بأن تكتمل المساعي الداخلية مع المواقف الخارجية بما يسمح بنشوء جو يتيح انتخاب رئيس للجمهورية.
وزارة الخارجية الفرنسية أعلنت أن باريس ستستضيف الإثنين المقبل اجتماعاً مخصّصاً للبنان يضمّ ممثّلين عن كل من فرنسا والولايات المتّحدة والسعودية وقطر ومصر في محاولة لتشجيع السياسيين اللبنانيين على إيجاد مخرج للأزمة التي يتخبط فيها بلدهم. وقد تزامن الإعلان مع زيارة وزيرة الخارجية كاترين كولونا إلى السعودية، حيث عبرّت عن قلقها البالغ إزاء انسداد الأفق في لبنان من الناحية السياسية، وذلك بغد ايام قليلة من لقاء قطري إيراني تطرق لا شك إلى الملف اللبناني.
وفيما العالم يحث ويشجع المسؤولين على حل الأزمة كان الوفد النيابي اللبناني الموجود في واشنطن يتبلغ من مسؤولين في البنك الدولي تجميد قرض استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر بسبب عدم تطبيق شروطه لإصلاح قطاع الكهرباء في لبنان وأهمها الهيئة الناظمة ووقف الهدر وتحسين الجباية، وهو ما يُعيد إلقاء الضوء على الموقف الذي أطلقه جنبلاط منذ أشهر بتحذيره من “بئر الكهرباء المفخوت”.
وفي مقابل ذلك يتوجه الموفد الفرنسي بيار دوكان إلى واشنطن خلال أيام للقاء مسؤولين في البنك الدولي وفي الخزانة الأميركية لمناقشة تمويل استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن لصالح لبنان. ودوكان تابع أمس لقاءاته في بيروت فاجتمع مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الطاقة وليد فياض.
وعلى خط آخر، جاءت زيارة السفير السعودي وليد البخاري لقائد الجيش العماد جوزاف عون في توقيت بالغ الأهمية، إذ يتقدم عون الأسماء المطروحة لرئاسة الجمهورية، وهو الإسم الذي طرحه جنبلاط مع آخرين.
في غضون ذلك، ومع الارتفاع الجنوني للدولار الاميركي اتخذ مصرف لبنان تدبيراً جديداً قضى برفع سعر الصرف على منصة صيرفة من 38 ألف ليرة إلى 42 ألفا للدولار، بالتزامن مع قبض الموظفين رواتبهم ومن دون السماح للمواطنين الذين شاركوا بالمضاربات المالية عبر صيرفة وفق التعميم 161 الصادر عن المصرف المركزي بسحب اموالهم على تسعيرة الـ 38 الفا ما يكبدهم خسائر فادحة.
وفي الملف التربوي الذي يضغط الحزب التقدمي الإشتراكي لإيجاد حل سريع له حفاظا على العام الدراسي وعلى حقوق الأساتذة والمعلمين، لفتت مصادر حكومية الى الاجتماع التربوي الذي عقد امس في السراي الكبير بحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي ووزيرة التربية السابقة بهية الحريري ومدير عام وزارة المالية للبحث في إقرار المساعدات المالية للهيئات التعليمية في المدارس الرسمية والجامعة اللبنانية.
وأوضحت المصادر في اتصال مع “الانباء” الإلكترونية أن عقد جلسة ثالثة لمجلس الوزراء لم يعد بعيدا، وأن الرئيس ميقاتي سيدعو اليه الأسبوع المقبل أو الأسبوع الذي يليه على أبعد تقدير، لأنه بات من الملح عقد جلسة للحكومة لدراسة الملف التربوي الذي لم يعد يحتمل التأجيل، لافتة إلى أن الرئيس ميقاتي يريد تهيئة الأجواء السياسية قبل الجلسة والابتعاد عن المشاكل.
من جهة أخرى وبعد تصدع العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، زار وفد من الحزب رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في منزله في الرابية في مسعى لرأب الصدع، وقد تزامنت زيارة الوفد مع الذكرى الـ 17 لتفاهم مار مخايل بين التيار الوطني الحر وحزب الله واللقاء الشهير بين العام لحزب الله حسن نصرالله وعون في كنيسة مار مخايل. وحسب ما لفت النائب السابق شامل روكز لـ “الأنباء” الإلكترونية فإن هذه الزيارة “هي لإعادة التذكير بما جرى في 6 شباط 2006 من جهة، وتزخيم هذا التفاهم من جهة ثانية من أجل رأب الصدع بعد التباعد الشاسع بين التيار الوطني الحر وحزب الله في الفترة الاخيرة”.
لكن روكز اعتبر أن “المسافة بين الطرفين اصبحت بعيدة جداً”، واصفاً تلك الزيارات بأنها “بدون نتيجة بسبب تمسك الحزب بترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية”.
وعن رأيه بكيفية الخروج من الازمة لفت روكز إلى أن “حل الأزمة وانتخاب رئيس للجمهورية ليس لبنانياً، ومن غير أن يستبعد حصول هكذا تقاطع على اسم سليمان فرنجية لما يتميز به من علاقات وثيقة بمعظم الدول العربية”، ورأى أن “بإمكان فرنجية الحصول على دعم معظم الكتل النيابية ما عدا تكتل لبنان القوي الذي لن يصوت له”، معتبراً ان تكتل الجمهورية القوية في حال لم يصوت لفرنجية “فإنهم على الأقل سيؤمّنون النصاب”، وفي الوقت نفسه اعتبر روكز أن “قائد الجيش ليس بعيدا عن هذه التقاطعات وحظوظه متقدمة، لكن ترشيحه يتطلب تعديل الدستور وتأمين نصاب 86 نائبا لإقراره، وهذا لا يتم الا باقتراح قانون ترفعه الحكومة الى مجلس النواب وبعد تعديله والتصويت عليه من قبل المجلس تتم اعادته للحكومة وهذا يتطلب وقتاً”، جازما بأن “أي رئيس جمهورية لن ينجح اذا لم يترافق انتخابه مع ارتياح عربي – خليجي لأن الوضع الاقتصادي من سيء الى أسوا والاتكال على صندوق النقد الدولي وحده لا يكفي ما لم يتزامن مع دعم مالي عربي”.
وسط كل ذلك، تبقى الأهمية الحقيقة إلى اقتناع القوى المحلية جميعها بضرورة الركون إلى الحوار لأن ذلك وحده الطريق المتاح أمام وصول رئيس جديد للجمهورية.