كيف ستؤمّن الدولة “الزودة”؟
توجهت الانظار امس الى حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، التي اقرت التعويضات الموقتة لموظفي القطاع العام والأسلاك العسكرية والأمنية، في حين أن السؤال الذي يطرح نفسه كيف ستؤمن الدولة هذه “الزودة” وليس لديها موارد كافية؟ هل ستلجأ الى ما تبقى من أموال الناس المودعة في المصارف كي تدفع رواتب هؤلاء الموظفين، الأمر الذي سيؤدي حكماً الى المزيد من الإنهيارات اكثر مما وصلنا إليها اليوم.
عملياً اصبح راتب موظفي الدولة 9 أضعاف عما كان عليه، بالاضافة إلى زيادة بدل النقل إلى 9 ملايين ليرة، و5 ملايين ليرة للمتقاعدين بدل سائق، فيما سينال موظفو الادارة بين 8 و16 صفيحة بنزين على أساس 14 يوم عمل، ويصف المحللون الماليون، هذه الزيادات بـ”المدمرة” على المواطن خصوصاً ذوي الدخل المحدود والطبقة الفقيرة، التي بدورها سوف تسدد الضرائب مقابل صفر خدمات من الدولة، عدا ان الموظفين لا يداومون بشكل يلبي الخدمات المُلحة، حيث انّ هناك عددا كبيرا من الموظفين مسجلين فقط لقبض رواتبهم آخر كل شهر دون تسجيل الحضور، إذ يتمتعون بدعم سياسي بحيث لا يمكن استبعادهم أو إقالتهم من الوظيفة.
ومن اللافت ان القطاع العام ككل، متلازم مع تفشي الفساد في اداراته ومؤسساته في دولة اجهزة الرقابة فيها ضعيفة لا بل شبه معدومة، بالتالي تُشكل تعبيراً من تعابير الفساد السياسي الزبائني، وبشكل اوضح انها أزمة طبقة سياسية أسرفت في الإنفاق العام لخدمة مصالحها، وعمدت إلى حشو إدارات الدولة ومؤسساتها بالمحاسيب والأزلام، الأمر الذي يستوجب تقليص القطاع العام كركيزة للإصلاح، وهذا ما يطلبه صندوق النقد الدولي الذي من ضمن شروطه تخفيض عدده المقدر حوالي 300 الف موظف الى النصف.
ويُشدد معظم الخبراء الاقتصاديين على أن في حكومة لا مكان لمن يحاسب ويسائل، ولا من يؤيد فتح اي تحقيق يقتفي آثار مسببي الأزمة، لا سيما مع الجهات المتورطة -عن قصد أو من دونه- بأسباب الأزمة الطاحنة التي بدّدت مدخرات أجيال من اللبنانيين، وبالنتيجة أقرّت حكومة ميقاتي ضرائب قاتلة على شعب جائع.
ويرى الخبراء ان الحكومة هي مسؤولة الآن عن إقرار سلسلة رتب ورواتب مُقنعة، وذلك لـ “تغنيج” موظفين يتسببون بشلل في القطاع العام بحيث ليس لديهم الحافز او الرغبة اصلاً للمجيء الى وظائفهم.