ضربة موجعة لـ الحرس الثوري في الأهواز
قُتل وجُرح عشرات أمس، نصفهم من “الحرس الثوري”، بعدما شنّ مسلحون ارتدوا زيّ جنود، هجوماً استهدف عرضاً عسكرياً في محافظة خوزستان جنوب غربي إيران. وأعلنت منظمة أهوازية وتنظيم “داعش” مسؤوليتهما عن الاعتداء، فيما اتهمت طهران دولاً، مهددةً بردّ “ساحق”.
وتعدّدت القراءات للهجوم الذي يضرب هيبة النظام، لا سيّما أنه يتباهى دوماً بأن إيران “واحة أمن وسلام” في منطقة مضطربة. وتفيد قراءة بأن الاعتداء يكشف اختراقاً أمنياً خطراً.
وعن تفاصيل الحادث، أُفيد بأن 4 مسلحين شنّوا الهجوم، قُتل منهم إثنان واعتُقل آخران. ثم أُعلِن مقتل 3 مسلحين واعتقال رابع، قبل أن يتحدث مسؤولون عن قتل الأربعة. كذلك نُشرت معلومات متناقضة عن كيفية تنفيذ الهجوم الذي أعلن نائب إيراني أنه أوقع 29 قتيلاً و57 جريحاً، فيما رجّحت وسائل إعلام ارتفاع حصيلة الضحايا لأن الجرحى في حال حرجة.
وسأل النائب الإيراني ناصري نجاد: “كيف دخل الإرهابيون؟ كيف تمكّنوا من سرقة ألبسة عسكرية؟ كيف وضعوا أسلحة قرب العرض العسكري؟ لماذا سُلِم الجنود في العرض أسلحة فارغة، بحيث عجزوا عن إطلاق النار دفاعاً عن النفس”؟
واستهدف الهجوم منصة احتشد فيها مسؤولون في الأهواز، كبرى مدن خوزستان، لمتابعة العرض الذي نُظِم في ذكرى بدء الحرب العراقية- الإيرانية (1980- 1988). وأظهر تسجيل مصوّر بثّته وسائل إعلام إيرانية جنوداً يزحفون على الأرض، فيما تُطلَق أعيرة نارية صوبهم. وظهر في تسجيل آخر جنود مذهولون، يتساءل أحدهم وهو يقف أمام المنصة، في إشارة إلى المسلحين: “من أين جاؤوا”؟، وردّ آخر: “من ورائنا”.
لكن وكالة “فارس” للأنباء التابعة لـ “الحرس” أفادت بأن مسلحَين على دراجة نارية كانا يرتديان زياً كاكياً، نفذا الهجوم. وأعلن محافظ خوزستان غلام رضا شريعتي مقتل مسلحَين واعتقال آخرين. لكن التلفزيون الإيراني بثّ أن المسلحين الأربعة قُتلوا.
وذكر الناطق بإسم القوات المسلحة الإيرانية الجنرال عبد الفضل شكارجي أن المهاجمين خبأوا الأسلحة في منطقة قرب الطريق التي نُظم عليها العرض العسكري، قبل أيام من الهجوم. وأضاف أن “قوات الأمن حيّدت الإرهابيين الأربعة بسرعة”، مضيفاً أن بين القتلى “طفلة عمرها 4 سنوات ومقاتل سابق كان على كرسيّ متحرك”. وأشار إلى أن دولتيْن في المنطقة درّبتا المسلحين، وتابع: “ليسوا من داعش أو جماعات أخرى تحارب النظام (الإيراني)، لكنهم مرتبطون بأميركا وموساد”، في إشارة إلى أجهزة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية.
وأفادت وكالة “أعماق” بأن “داعش” نفذت الهجوم، لكنها تحدثت خطأً عن استهداف الرئيس حسن روحاني الذي كان في طهران. وكان التنظيم أعلن مسؤوليته عن هجوم استهدف مبنى مجلس الشورى (البرلمان) وضريح الخميني، في طهران عام 2017، موقعاً 18 قتيلاً وعشرات الجرحى.
كذلك أعلنت “حركة النضال العربي لتحرير الأهواز” المعارضة، مسؤوليتها عن هجوم خوزستان. ونقلت وكالة “أسوشييتد برس” عن ناطق باسم الحركة نفيه أن يكون “داعش” نفذ الاعتداء، مشيراً إلى أن أعضاء في مجموعة تضمّ ناشطين أهوازيين، تقودهم الحركة، نفذوا الهجوم الذي اعتبر أنه قوّض الحكومة الإيرانية “في اليوم الذي أرادت فيه توجيه رسالة للعالم بأنها قوية”.
وكان التلفزيون الإيراني اتهم “تكفيريين”، علماً أن خوزستان تضمّ غالبية من الأقلية العربية التي تشكو منذ عقود، حرماناً وتمييزاً في إيران.
وأعلن الناطق بإسم “الحرس الثوري” الجنرال رمضان شريف أن منفذي الهجوم “ينتمون إلى الحركة الأهوازية”، فيما هدد روحاني بردّ “ساحق”، وتابع: “على الذين يقدّمون دعماً معلوماتياً وإعلامياً للإرهابيين أن يُحاسبوا”. وكان قال خلال عرض عسكري في طهران، إن بلاده “لن تقلّص قدراتها الدفاعية، (بل) ستعزّزها”. وخاطب الأميركيين قائلاً: “غضبكم من صواريخنا يدلّ على أنها الأسلحة الأكثر فاعلية. بفضلكم بتنا ندرك قيمة صواريخنا”. واعتبر أن “مصير أميركا سيكون مثل مصير صدام” حسين.
ووصف المرشد الإيراني علي خامنئي الهجوم بأنه “جريمة (تشكّل) استمراراً لمؤامرات” في المنطقة “تستهدف زعزعة الأمن في بلدنا”. وأمر قوات الأمن باعتقال “المجرمين” ومحاكمتهم.
أما وزير الخارجية محمد جواد ظريف فكتب على “تويتر”: “جُنِد الإرهابيون ودُربوا وسُلِحوا ومُوِلوا بواسطة نظام أجنبي”، مضيفاً أن إيران “ستردّ بسرعة وبحزم للدفاع عن أرواح” مواطنيها.
ونددت موسكو وأنقرة ودمشق بالهجوم، وشدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة “شنّ حملة لا تهاون فيها على الإرهاب بكل أشكاله”.