هل يُقتَل جعجع… أم ينتحر؟!
حين يقرّر ميشال عون وجبران باسيل غالباً ما ينجحان في ما يخطّطان له. فَعلا ذلك حين أخّرا، مراراً، تشكيل حكومات، وحين اجتازا ما كان مستحيلاً للوصول الى رئاسة الجمهوريّة.
لا بأس في العودة الى الأرشيف. كتبتُ، في ٢٤ أيّار الماضي، قبيل تكليف سعد الحريري تشكيل الحكومة، إنّ عون يريد حكومةً بلا القوات اللبنانيّة. وجاء في المقال: “تشير المعلومات الى أنّ عون، كما باسيل، يدرسان خيار تشكيل حكومة من دون مشاركة “القوات” فيها، على طريقة الإحراج فالإخراج. وعلم أنّ عون أبلغ هذا الأمر الى نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم خلال زيارة قام بها الأخير الى قصر بعبدا بعيداً عن الإعلام. إلا أنّ قاسم تحفّظ على الدخول في نقاشٍ حول هذا الموضوع تاركاً لرئيس الجمهوريّة أن يفعل ما يراه مناسباً، مؤكداً أنّ مشاركة “القوات” في الحكومة لا تزعج الحزب. ويعني ذلك كلّه أنّنا سنشهد مزيداً من التدهور في العلاقة بين الحزبين في المستقبل القريب، ما سيعيد هذه العلاقة الى أسوأ ممّا كانت عليه قبل تفاهم معراب”.
ما كُتب حصل. هناك قرار بـ “قتل” سمير جعجع سياسيّاً، أو دفعه لأن يقتل نفسه. يدلّ مسار تأليف الحكومة الى أنّ عون وباسيل لا يرغبان بوصل ما انقطع مع “القوات”. المكسب الوحيد للتيّار الوطني الحر من اتفاق معراب كان المساهمة في انتخاب عون، وما عدا ذلك خسارة يرغب باسيل بتعويضها عبر قطيعة مع “القوات”.
من هنا، يدفع عون وباسيل بالحريري الى تشكيل حكومة لا ترضي “القوات”، فإن وافق جعجع على الحصّة الهزيلة بدا بصورة المهزوم وإن رفض وبقي خارج الحكومة انتحر سياسيّاً، إذ سيخسر الخدمات و”الصورة” التي يحاول تكريسها عن وزراء يُزوّدون بالملفات ويحقّقون الإنجازات.
يُخيَّر جعجع بين شرَّين، ولن يبقى الحريري، المستعجل لتشكيل حكومة، في انتظار ما يرضي حليفه الى الأبد، وهو سيضطرّ للسير بحكومة بمَن حضر. ولذلك، نشط مقرّبون منه ومن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في الأيّام الأخيرة على خطّ إيصال الرسائل الى معراب بضرورة المشاركة في الحكومة وعدم ارتكاب خطأ الخروج منها. في حين أبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري الحريري في لقائهما الأخير ضرورة عدم تجاوز “القوات” كي لا تخلو “الساحة” الوزاريّة المسيحيّة لباسيل.
نحن إذاً أمام أسبوعٍ مفصليّ، يتوقّع أن يشهد ولادة حكومة جديدة يسبقها قرار “قوّاتي” بالمشاركة أو عدمها. وهناك من يتحدّث عن خيارٍ ثالثٍ لجعجع. يشارك في الحكومة الآن ثمّ يخرج منها “في الوقت المناسب”…
داني حداد/mtv