الهدف من وراء شرط “حزب الله” هو كسر الحريري،
بينما البلد يترنح بمؤسساته واقتصاده وأرزاق شعبه تحت وطأة حصار يفرضه “رجل آلي لا عواطف له ولا تقدير له لأي شيء حتى لو أدى الأمر إلى التدهور” على ما وصف رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط “شريكنا في الوطن مع حلفائه” الذين يحولون دون ولادة الحكومة في معرض شجبه “التشهير بالشيخ سعد الحريري”، وفي حين تتواصل حملة “حزب الله” القاطعة لطرق التأليف والمجيّشة للمشاعر المذهبية، عبر تمترس الحزب حكومياً خلف “طروادة” التوزير السنّي بالتوازي مع تسليطه الألسنة السليطة شتماً وتطاولاً على رئيس الحكومة مستفزّاً بذلك الشارع السنّي ومتلاعباً بسلم البلد الأهلي، برز أمس دعم فرنسي متجدد للبنان سواءً على المستوى السياسي من خلال رسالة من الرئيس إيمانويل ماكرون إلى رئيس الجمهورية ميشال عون شدد فيها على وجوب الإسراع في تأليف الحكومة والشروع بالإصلاحات المنتظرة، أو على المستوى العسكري عبر تسليم السلطات الفرنسية الجيش اللبناني هبة من الأسلحة والذخائر والأعتدة ضمن إطار خطة التعاون بين جيشي البلدين.
وفي رسالة التهنئة بالاستقلال الـ75، عبّر ماكرون عن عزم فرنسا على تقديم كل الدعم للبنان “الذي لا يزال يواجه تحديات جمّة”، متوجهاً في الوقت عينه بسلسلة من النصائح إلى اللبنانيين تحصيناً لجبهتهم الوطنية تتمحور بشكل رئيسي حول “جوهرية النأي بالنفس عن النزاعات المحيطة”، ووجوب إطلاق عجلة الاقتصاد وتنفيذ الإصلاحات الضرورية، وسط تأكيد الرئيس الفرنسي تمسكه بوضع توصيات المؤتمرات الدولية الداعمة للدولة اللبنانية وقواها الأمنية موضع التنفيذ، بالتزامن مع التشديد على أهمية الإصلاحات الاقتصادية التي تم الالتزام بها في مؤتمر “سيدر”.
أخذت الحملة التي يقوم بها عدد من رموز قوى 8 آذار وبعض نواب “حزب الله” ضد الرئيس المكلف سعد الحريري حيزا واسعا من المشهد السياسي اللبناني على خلفية انسداد أفق المعالجات لعقدة تمثيل النواب السنة الستة الحلفاء للحزب كشرط وضعته قيادته لقيام الحكومة الجديدة.
وتسببت الحملة التي تناولت الحريري، الرافض لتوزير أي من النواب هؤلاء، بشكل شخصي، باعتراضات سياسية واحتجاجات في الشارع من بعض أنصاره، لا سيما أن الوزير السابق وئام وهاب هاجمه بعبارات خارجة عن المألوف، ولم يوفر الرئيس الراحل رفيق الحريري.
وأكد غير مصدر سياسي ل”الحياة” أن لا جديد على الإطلاق في جهود حلحلة العقدة التي عطلت تأليف الحكومة في نهاية الشهر الماضي، على رغم إعلان رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل بعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري أنه يواصل مساعيه. إلا أن قوله أنه سينتقل إلى مرحلة طرح الأفكار العملية، “يؤشر إلى أن أي مخرج عملي لم يطرح بعد”، ما دفع مصدرا وزاريا إلى القول ل”الحياة” إن المشهد السياسي يوحي بأن التفاوض في بداياته لتأليف الحكومة، بينما تكليف الحريري دخل شهره السابع. واعتبر مصدر في “تيار المستقبل” ردا على سؤال ل”الحياة” أن الهدف من وراء شرط “حزب الله” تمثيل حلفائه السنة هو كسر الحريري، فيما أكدت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أنه على موقفه برفض توزير واحد من النواب الستة من حصته فليس منطقيا كلما اختلف فريقان على التوزير أن يدفع الرئيس عون من جيبه. فالرئيس يسعى إلى تدوير الزوايا وتقريب وجهات النظر “لكن هذا لا يعني أن يتخلى عن وزير لمصلحة غيره. وإذا أرادوا ذلك فلتتم زيادة عدد الوزراء العائدين لرئيس الجمهورية”.
وخلال انعقادها في “بيت الوسط” برئاسة النائب بهية الحريري، تصدت الكتلة لحملة الافتراءات والإساءات بحق الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورئيس الحكومة المكلف، وأدرجتها في سياق المخطط المستمر منذ منتصف التسعينات “لمحاولة إقتلاع الحريرية من الحياة الوطنية اللبنانية”. وإذ لفتت الانتباه إلى أنّ “السيرة الوطنية للرئيسين رفيق وسعد الحريري أسمى من أن يتطاول عليها كائن سياسي في لبنان مهما علا شأنه أو انحدر”، دانت الكتلة “أمر العمليات المشبوه” بالتحامل على الرئيس المكلّف والذي تتولاه “أبواق هي وليدة عقول مريضة لا وظيفة لها سوى التخريب على الاستقرار الوطني وتعطيل أية إمكانية لخرق الجدران المسدودة أمام تأليف الحكومة”