تفاؤل حكومي جديد… وفيتو على هذا الاسم
على إيقاع الفراغ الحكومي استقبل اللبنانيون عامهم الجديد دون معايدة سياسية كانت منتظرة حتى الرمق الأخير من عام رحل مثقلا بفراغه الهش، وهمومه الثقيلة التي أورثت لبنان ارتفاع معدلات المديونية العامة وترهل اقتصادي غير مسبوق، وانعدام ثقة المواطن بدولته الكريمة التي تضخ يوميا مواقف وتصرفات حاصرت المواطنين بالقلق والخوف على مصيرهم، نتيجة سياسات وحسابات تسلحت بمنطق الربح الدائم لهذا الطرف أو ذاك، وتدججت بسلاح الدفاع عن حصة الطائفة أو المذهب، وإن بنسب مختلفة، وسط شهيات مفتوحة على حصد الوزارات الدسمة، والإستئثار بتلك الوازنة من سيادية ورئيسية ومهمة، دونما اكتراث إلى منطق التسوية السياسية التي اخرجت البلاد من الفراغ الرئاسي قبل أكثر من عامين، والتي خضعت حينها لظروف اقليمية وعربية ومحلية ضاغطة، وسط تخل شبه كامل عن لبنان.
التسهيل الأساسي لمسلسل العقد المصطنعة في مسار التشكيل الطويل،تمثل بشجاعة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط الذي رفض أن يسمي موقفه الوطني تنازلا أو تضحية، بحسب ما لفت إليه عضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور الذي قال:” إن وليد جنبلاط لم يتحجر خلف موقفه، ولم يقبل ان يقال “إننا قدمنا تنازلا او تضحية ولم يقبل بأن يقيم تسوية سياسية او صفقة، بأن يأخذ ويعطي يمنح ويتنازل مقابل ان يحصّل بعض المطالب، ولم يطلب وزيرا بالمقابل من طائفة أخرى، ولا اثمانا سياسية، بل قام بما يجب عليه ان يقوم به، وقبل بمنطق التسوية السياسية مع نفسه أولا، وعندما ندعو اليوم الى اعمال منطق التسوية السياسية في مقاربة وفي روحية تشكيل الحكومة، فانما نقوم بذلك من موقع الذي أقدم وليس من موقع الذي يدعو الاخرين الى القيام بأمر لم يقدم على القيام به، حيث تكاد تكون مهنة السياسة اليوم مهنة غير معتبرة في عيون اللبنانيين، نتيجة هذه الاخفاقات السياسية المتكررة، وبالتالي يجب اعادة الإعتبار لمهنة السياسة.
بارقة الأمل التي شهر عبرها الشعب اللبناني سلاح مواجهته التحديات، وصموده في وجه الأزمات، عكستها مشهدية الإحتفالات التي اجتاحت معظم المدن والبلدات اللبنانية، خصوصا الإحتفال الضخم الذي وضع مدينة بيروت في مراتب عالمية متقدمة جدا فكان الاحتفال بمشاركة مباشرة من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وبتوقيع عالمي حيث حلت ” مدينة الضوء ” في المركز السابع عالميا بين أجمل المدن التي احتفلت بليلة رأس السنة.
وهنا يصير لزاما على من يرفع سقوف الإشتراطات عاليا أن يتخذ من هذين الملمحين الوطنيين عبرة للعودة إلى أرض الواقع، بعيدا من لهجة الإستئثار والغلبة ولعبة الحسابات الرئاسية واستغلال السلطة والنفوذ، تحت تأثير نشوة المواقف المتقلبة على موجة المصالح المتبادلة، ودفاتر شروط غير آبهة للمصلحة الوطنية العليا التي تفترض أن تقدم جميع القوى إلى التواضع، وخفض سلال مطالبها لاطلاق عجلة تشكيل الحكومة وتسهيل مهام الرئيس المكلف، خصوصا أن ما ألمح إليه وزير المالية علي حسن خليل يشير بوضوح إلى خشية من تحول الأزمة من أزمة اقتصادية إلى أزمة مالية وربما وصولا الى ” يوننة لبنان”.
وإذ يتجدد التفاؤل من خلال الموقف الذي أطلقه الرئيس الحريري بعد زيارته رئيس الجمهورية ميشال عون معايدا “أننا تأخرنا كثيراً”، وأنه “لا تزال هناك عقدة وحيدة” يشير مصدر متابع على خط التأليف إلى أن اشتراط وزير الخارجية جبران باسيل اعادة توزيع الحقائب قد سقط أيضا، ولحق باقتراح توسيع الحكومة الى 32 وزيرا والذي ولد ميتا، بانتظار نضوج ثمار تحرك مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي يعمل بهدوء على خط الرؤساء الثلاثة واللقاء التشاوري لتسمية شخصية مقربة من اللقاء، وتحديدا من الأسماء الأربعة التي استمرت في قصب السباق إلى جنة الحكومة “علي حمد، حسن مراد، طه ناجي، وعثمان مجذوب” بعد سقوط “جواد” المرشح الذي كان قد اقترحه النائب قاسم هاشم ” جواد عدرا” بالضربة القاضية بمكيدة سياسية لم تنطل على من يقف خلف من ابتدع اللقاء التشاوري. في وقت أوضحت مصادر متابعة أن حظوظ المرشح ” حسن مراد” نجل النائب عبد الرحيم مراد تكاد تكون معدمة بسبب ” فيتو” الرئيس الحريري على تسميته بوصفه واحدا من اللقاء التشاوري وليس صديقا للقاء، إضافة إلى حسابات بقاعية يأخذها الرئيس الحريري بعين الإعتبار.
المحرر السياسي/ اليومية