هل تفاؤل حزب الله تبدد عند إشارات بري غير المشجعة؟
بمثل العجز الرسمي السياسي عن تشكيل حكومة في العام 2018 بعدما استنفدت ثمانية اشهر من عمر التكليف، بدت العقد الحقيقية التي تعترض التأليف اقرب الى لغز محير تترجمه بورصة التوقعات المتسمة بتضارب صارخ حتى بين الحلفاء انفسهم على غرار حزب الله وحركة امل، اذ فيما كان الحزب يضخ من بكركي جرعات تفاؤل زائدة في عروق التشكيل واعدا “بحكومة عيدية ولو تأخرت، فالحل قريب جدا”، كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يطلق اشارات ذات دلالات غير مشجعة في هذا الاتجاه بالطلب من الرئيس المكلف سعد الحريري الدعوة الى جلسة لحكومة تصريف الاعمال من اجل اقرار الموازنة العامة وارسالها الى المجلس النيابي مستعيدا اجتهادا مماثلا اعتمد في العام 1969 أيام حكومة الرئيس الراحل رشيد كرامي، ما يعني عمليا ان لا حكومة في الافق المنظور، خصوصا اذا ما تم عطف اجتهاد بري على المواقف التي ادلى بها اليوم نواب “اللقاء التشاوري” في شأن صيغ اعتبرها البعض مخرجا- حلا وتبين انها مرفوضة.
واذا كانت الجهات المعنية بتأليف الحكومة والمشاركة فيها تحاذر ربط التأخير المتمادي في تأليفها بالتطورات الاقليمية ولا سيما منها ما تشهده سوريا نظرا الى تأثيرها المباشر على الوضع في لبنان، فإن المعطيات التي توافرت من الاتصالات والمشاورات الجارية ابرزت تمركز مأزق التأليف في نقطة الثلث المعطل الذي تدور حوله كل الطروحات وسبل الحل الجاري البحث عنه.
فصل الكتلتين: وفي حين لم يتضح بعد المضمون السياسي لتفاؤل حزب الله الذي يبدو حتى الآن رماديا ولا يستند الى وقائع ملموسة تتيح الرهان عليه، اشارت المعلومات الى ان استئناف المواصلات على خط مساعي التشكيل يبدو يستند الى صيغة جديدة لتمثيل اللقاء التشاوري في الحكومة، تقضي بفصل كتلة رئيس الجمهورية عن كتلة التيار الوطني على ان يكون الوزير السني ممثلا لـ”التشاوري” في كتلة الرئيس”.
…ورفض التشاوري: غير ان عضو اللقاء النائب عبد الرحيم مراد اكد لـ”المركزية” “ان اي مبادرة لا تأخذ في الاعتبار حقّنا الحصري كـ”لقاء” بتسمية من يُمثّلنا في الحكومة ليس كما حصل في المرّة السابقة، حيث سُمّي جواد عدرا دون علمنا، وان ينضمّ الى “التشاوري” ويُصبح العضو السابع فيه من دون ان يكون عضواً في تكتل نيابي اخر، لن يُكتب لها النجاح”.
باسيل في الوسط: وغداة لقاء “المعايدة” الذي ضم امس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى الرئيس المكلف في بعبدا، تابع الرئيس عون الاتصالات الجارية للتشكيل ، في ضوء ما افضى اليه الاجتماع المذكور.
من جهته، حطّ رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، في بيت الوسط حيث استقبله الحريري وعرض معه للمستجدات لا سيما ما يتعلق منها بتشكيل الحكومة، واستبقاه الى مائدة الغداء. وقال باسيل بعد ذلك: “طرحت على الحريري أفكارا عدة، ولن نعدم وسيلة إلا ونقوم بها. فلدينا الكثير من الخيارات لنراعي عدالة التمثيل ولإيجاد الطريقة التي يتقاسم فيها الأفرقاء حل المشكلة بما يراعي قواعد التمثيل”..واتفقنا على أن نستكمل الاتصالات بالمعنيين ومن ثم نجتمع ونقيم الامور”.
حزب الله في بكركي: في الموازاة، كان حزب الله يؤكد من بكركي ان ولادة الحكومة باتت وشيكة. فبعد زيارة وفد من الحزب برئاسة نائب رئيس المجلس السياسي في الحزب محمود قماطي، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في الصرح، قال قماطي “عيدية التأليف لا زالت قائمة وإن تأخّرت قليلا والجميع يشترك ويتعاون فيها وأكدنا لغبطته ان جميع المعنيين جادون بالتشكيل ولا عقبات خارجية بل هناك خلل اصاب المحاولة الاخيرة للتشكيل ونتوقع حكومة قريبا لان النيات ايجابية”. واضاف ردا على سؤال “لطالما تم استحداث اعراف في التأليف ومِن قِبل الجميع وليس من قبل فريق واحد”، مؤكدا ان العلاقة في امتن حالاتها مع الرئيس عون والتيار الوطني الحر، ولا مشكلة لدينا في اعطاء 11 او 12 وزيرا للتيار الوطني”. وتابع “هناك حلول لتمثيل اللقاء التشاوري يتم العمل عليها حاليا ولا نريد الدخول في التفاصيل لعدم حرق المبادرة”. ومع انه رفض تحديد مهلة لولادة الحكومة، قال “نعتقد ان الحل قريب جدا ويدخل في اطار عيدية الاعياد”.
بري والموازنة: وفي مقابل الاجواء المتفائلة بقرب التأليف، سجل موقف من عين التينة أوحى وكأن نضوج الطبخة الحكومية ليس قريبا. اذ عُلم أنّ الرئيس بري أجرى اتصالا بالرئيس الحريري طالبا انعقاد مجلس الوزراء لاقرار الموازنة. وتطرّق بري في لقاء الاربعاء إلى اجتهاد اعتُمد في العام 1969 أيام حكومة الرئيس الراحل رشيد كرامي عندما كانت في مرحلة تصريف الاعمال بعد أن تعذر تشكيل حكومة جديدة بعد 7 أشهر، وقضى الاجتهاد بإقرار الموازنة العامة. وقال بري إن اعتبار الموازنة مسألة ضرورة فرض هذا الاجتهاد ويمكن اعتماده اليوم أيضًا. وأبلغ الحريري الاستعداد للسير بهذا الاجتهاد. الى ذلك، أمِلَ بري في لقاء الاربعاء تأليف الحكومة في أسرع وقت مشيرًا إلى أنّ التطورات الاقليمية تؤكد وجهة نظره بأنّ العقدة داخلية. وجدد التأكيد أنّ الحلّ الوحيد حاضرًا ومستقبلاً هو في قيام الدولة المدنية.