“لبنان” بين التعطيل والنظام السوري.. وخسارة تلوح في الأفق!
خشية من أن يكون خلف تعطيل تأليف الحكومة “شيء كبير”.. هكذا أعرب رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الأجواء المحيطة بالملف الحكومي. ربما يرى البعض أن عقدة التأليف داخلية محض حيث يحاول الاطراف من خلالها تثبيت مواقعهم في مفاصل الدولة وتحصين استمرارية وجودهم من خلال انتزاع مقعد من هنا او حقيبة من هناك. الا ان البعض الآخر يرى ان للاصابع الخارجية اليد الطولى في وضع العصي في دواليب تأليفها .
بغض النظر عن مدى صوابية أي من الرأيين من عدمه، إلاّ أن ورقة الحكومة اليوم لا يمكن قراءتها الا تحت عنوان “تعويض مستقبلي” عن أي خسارة قد تحل بأي من الاطراف السياسية الداخلية، والخسارة المقصودة ليس المعني بها الخسارة الداخلية باعتبار ان الكل خاسر حتى الساعة على المستوى الداخلي وهو عالم بذلك في ظل النقمة العارمة وانعدام الثقة لدى القواعد الشعبية، وعلى الرغم من ذلك لم تتحرك تلك الاطراف باتجاه للاسراع في تشكيل الحكومة للملمة ما امكن من بقايا الدولة وأهلها، الأمر الذي يؤشر الى ان الخسارة المقصودة هي خسارة الورقة الخارجية عبر السير بحكومة ذات نفس معاكس لتطلعات القوى المحركة لسياسة المنطقة، سيما وان ساحات الصراع مازالت تتمزقها المصالح انطلاقا من سوريا. وربما هذا ما يفسر ما اشارت له بعض المصادر السياسية عن مقايضة ملف الحكومة بدعوة سوريا الى القمة العربية الاقتصادية المقرر عقدها في لبنان الشهر الجاري وما رافقها من اصوات منددة لقرار ابعاد سوريا عن القمة.
بالطبع لا يمكن غض النظر عن فرضية التدخلات الخارجية في الملف الحكومي وقد كشفت معطيات صحفية سابقة عن وساطة روسية لحل عقدة هذا الملف من خلال الضغط على ايران وسوريا لحلحلته. ولكن المفارقة في تلك المعطيات هي ليست الاشارة الى السعي لدى ايران – على اعتبار انها متهمة من عدد من القوى السياسية في مسألة التعطيل- ولكن الاشارة الى السعى لدى سوريا، يعطي دلالة واضحة على تسلل النظام السوري مجددا للعب دور المقرر بعد امساك رأسه بورقة الامان الدولية .
قد لا يقف طموح النظام السوري عند العودة الى مركز القرار وانما قد يكون لهذه العودة تكتيك معين تجري حياكته بدقة من حيث الزمان والمكان الذي لن تكون منصة لبنان بعيدة عنه نظرا لاهميته الاستراتيجية ونظرا ايضا لكونه عامل جذب خليجي عربي قد يوفر له وسيلة استدراج سهلة لتأمين فاتورة اعادة اعمار سوريا التي لا يمكن ان تسدها روسيا وايران وحدها. هو طموح قد يبقى محصورا في خانة الفرضية الا ان ما لا يمكن حصره في هذه الخانة هو المناخ الذي سيؤخذ نحوه لبنان في حال استمرار التعطيل، وفي هذا الاطار لا بد من الاشارة الى ما صرح به رأس النظام السوري بشار الاسد في العام 2010 في حديث لـ “نيويوركر الاميركية” بقوله “لا أحد يطمئن الى شيء في لبنان اذا لم يتغير النظام”، لافتاً الى “ان الحرب الاهلية في لبنان تحتاج الى ايام لتنشب وليس الى اسابيع او اشهر”.
ليبانون24