“حرب باردة” بين روسيا وإيران في سوريا
صحيح ان روسيا وايران شريكتان في منصّة أستانة، المخصّصة للبحث في سبل حل الازمة السورية. الا ان الدولتين، يصحّ وصفهما، وفق ما تعتبر مصادر دبلوماسية مراقبة عبر “المركزية”، بـ”الحليفين اللدودين” كي لا يُقال إن بينهما “حربا باردة”…فمنذ دخول موسكو الملعب السوري عسكريا في شكل مباشر في أيلول من العام 2015، في خطوة قوّضت الدور الايراني وقلّصت تأثير طهران الى حد كبير في دمشق، جاعلة موسكو صاحبةَ الصوت الاعلى والكلمة الفصل الاولى والاخيرة، في مسار الامور في سوريا، والتباينات تتراكم بين الجانبين اللذين يملكان مقاربات متباينة الى حد التناقض، للتطورات السورية، ميدانيا وسياسيا… فطهران لطالما كانت ميّالة الى اعطاء الاولوية للميدان وللحسم من خلال الآلة العسكرية، بينما عملت موسكو غالبا للجمها واعطاء الاولوية للمفاوضات السياسية كوسيلة لانهاء الازمة السورية.واذا كان هذا الفتور، بقي في غالب الاحيان مكبوتا، فإنه في الايام الماضية، خرج بوضوح الى العلن، بعد ان غضّت روسيا الطرف أكثر من مرة، عن الغارات الاسرائيلية التي استهدفت مواقع وكوادر عسكرية تابعة لايران وحلفائها وابرزهم حزب الله، في سوريا، رغم تحذيرات وجهتها روسيا لتل أبيب بعدم استخدام الأجواء السورية، بعد سقوط طائرة تابعة لموسكو في سوريا.فبحسب المصادر، توسّمت “الجمهورية الاسلامية” خيرا بتسليم موسكو النظام السوري منظومات اس 300 لردع الطيران الاسرائيلي، واعتبرت ان هذا التدبير قد يكون مؤشرا الى تبدّل في سياسات روسيا، التي بدّت الامن الاسرائيلي على اي اعتبارات اخرى في المنطقة. غير ان رهانها هذا، خاب بعد التطورات الميدانية الاخيرة، ما قاد طهران الى تفجير غضبها وتوجيه اللوم والسهام مباشرة الى روسيا.وبعد أيام من ضربات إسرائيلية استهدفت مواقع لـ”فيلق القدس” الإيراني في دمشق، اتهمت إيران روسيا بالتواطؤ مع اسرائيل من خلال تعطيل منظومة الدفاع الصاروخي “إس 300” تزامناً مع كل هجوم إسرائيلي على سوريا. وقال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، ان هناك ما وصفه بالتنسيق الواضح بين موسكو وتل أبيب عند تنفيذ أي ضربة داخل الأراضي السورية. وأضاف حشمت بيشه أنه لو كانت روسيا تفّعل منظومتها الجوية إس 300، لما تجرأت إسرائيل على القيام بهجماتها بسهولة، وفق تعبيره.وأوضح في مقابلة مع وكالة “إرنا” الإيرانية، بعد عودته من أنقرة، أن “نقداً جاداً يوجه إلى روسيا، حيث تعطل منظومة إس 300” عندما تشن إسرائيل هجماتها على سوريا. وتابع “يبدو أن هناك نوعا من التنسيق بين الهجمات الإسرائيلية والدفاع الجوي الروسي المتمركز في سوريا”.أمام هذا الواقع، تقول المصادر ان أداء موسكو يؤكد مجددا وجود تفاهم، ولو غير معلن، بينها وبين واشنطن على آلية لحل الصراع السوري، يقوم اولا على العمل لاخراج القوات الاجنبية كافة من سوريا. فبعد ان أعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب نيته سحب قوات بلاده من سوريا، يبدو ان خريطة الطريق تنص على ان يكثّف الجانبان الضغوط، سياسيا او عسكريا (عبر الذراع الاسرائيلية)، لاخراج ايران من سوريا.