من حصل على الثلث المعطّل في الحكومة؟
لم تكد الولادة الحكومية “القيصرية” تنتهي بنجاح في قصر بعبدا، مساء أمس، حتى انطلقت عملية تقويم للرابح والخاسر من التركيبة النهائية التي تم التوصل اليها. التحليلات والقراءات تضاربت وتفاوتت. وفي وقت آثر أكثر من طرف سياسي الابتعاد عن “لعبة” الارقام والاحجام في المواقف التي أطلقها في أعقاب التشكيل، بدا لافتا، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، اعلان رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل “أننا حصلنا على أكثر مما كنا نريد”، مشيرا الى ان مجموع وزارات رئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر” تخطت الأحد عشر وزيرا الى 11 وزيرا ونصف، على حد تعبيره.الا ان المصادر تشير الى ان الصحيح هو ان تنازلات متبادلة قدّمتها الأطراف السياسية كلّها، من دون استثناء، سمحت بإبصار الحكومة النور. فالجميع تراجع خطوة الى الوراء: الرئيس الحريري وافق على تمثيل اللقاء التشاوري، التيار الوطني الحر قبل بأن تكون للوزير شخصيته السياسية “الخاصّة” وإن كان سيشارك في بعض اجتماعات تكتل “لبنان القوي”، وحزب الله تدخّل لدى “التشاوري” مُليّنا حدّة موقفه من مسألة رفضه المُطلق لحضور اجتماعات “التكتل”.هذا لتذليل عقدة تمثيل “اللقاء”، الا ان تنازلات مهمّة أخرى لا بد من الاشارة اليها، سهّلت التشكيل، لعلّ أبرزها تلك التي قدّمتها القوات اللبنانية من حيث الموافقة على مبادلة وزارة الثقافة، وتنازل “التقدمي الاشتراكي” ايضا عن الوزير الدرزي الثالث الذي كان يريده من حصّته.وفي وقت تقول ان هذه الخطوات تُوضع في خانة “تنازل الكِبار” أمام المصلحة الوطنية العليا، تشير المصادر الى ان “الحكمة” السياسية تقتضي، عشية انطلاق نشاط الحكومة الجديدة، الابتعاد عن منطق الخاسر والفائز، وعن محاولة تسجيل انتصارات، بما يؤمّن مناخا “تضامنيا” هادئا، هو الافضل للشروع في العمل الوزاري.هذا في “الأصول”، بحسب المصادر. أما في الارقام، فإن التوزيعة التي وضعت تدل الى ان أي فريق لم ينتزع الثلث المعطل في الحكومة. وإن كان من طرف حصل عليه، فهو “حزب الله”. ذلك ان وزيري اللقاء التشاوري والحزب اللبناني الديموقراطي (برئاسة طلال ارسلان) ولاؤهما السياسي الاول والاخير للحزب، خاصة وأن أكثر من محطة داخلية “سياسية” و”أمنية” أظهرت مدى تماهي الفريقين المذكورين مع “الضاحية” التي كادت في بعض الاحيان، تذهب الى حدّ التدخل “عسكريا” لحمايتهما عندما دعت الحاجة، غامزة هنا من قناة حوادث “الجاهلية” الاخيرة.أما محاولة باسيل اللعب على هذا الوتر للتصوير بأن الفريق الرئاسي (بعبدا + التيار) حصّلا 11 وزيرا وأكثر، ففي غير مكانها، وفق المصادر التي تلفت الى ان الوزير باسيل يعرف قبل سواه، هذه الحقيقة. وقد أعلن وزير “التشاوري” حسن مراد اليوم “انني أنتمي الى اللقاء التشاوري وسأنسّق كل قرار أتخذه في مجلس الوزراء مع “اللقاء” الا انني سأحضر اجتماعات “اللقاء” وتكتل لبنان القوي”. كما ان القول ان الوزيرة فيوليت الصفدي وسطية بين التيارين “الازرق” و”البرتقالي”، فأيضا غير كاف للحسم بأن حصة الفريق الرئاسي 11 وزيرا وأكثر.امام هذه الوقائع، لا بد من الخروج سريعا من “زواريب” المناكفات وتسجيل النقاط، لانها لا تنفع أحدا لا شعبيا ولا انتخابيا بعد 9 أشهر من المماطلة والشغور المؤسساتي. أما المفيد، فالانكباب على الانتاج والعمل وانقاذ البلاد من شفير الهاوية التي تترنّح فوقها منذ اشهر، تختم المصادر.